
تتجه الأنظار في لبنان والمنطقة نحو المملكة العربية السعودية التي يزورها اليوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أولى جولاته الخارجية منذ انتخابه، والتي تشمل أيضًا قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. وتشكل الرياض محطة رئيسية لهذه الجولة، إذ تنطلق منها بداية حوار أميركي-خليجي من المتوقع أن يمهّد لمرحلة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية، ولا سيما الخليجية.
اختيار ترامب السعودية كوجهة أولى يعكس بوضوح أهمية الدور الذي تلعبه المملكة في المنطقة والعالم، والدور الذي يمكن أن تؤديه في تعزيز الشراكة الأميركية-الخليجية، بما ينعكس إيجابًا على الاستقرار الإقليمي. وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة لكونها مفصلية في رسم ملامح العلاقة المستقبلية بين واشنطن والرياض على مختلف المستويات.
ومن المنتظر أن تبحث القمة الخليجية-الأميركية المرتقبة في الرياض سبل تعميق العلاقات وإعطائها دفعة جديدة مع بدء الولاية الثانية لترامب، وسط آمال خليجية بأن تسفر عن خطوات ملموسة لاحتواء النزاعات الإقليمية، وخصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ورغم غياب موقف رسمي أميركي حتى الآن بشأن دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فإن مصادر دبلوماسية خليجية نقلت لـ«اللواء» أن القادة الخليجيين سيبلغون ترامب بوضوح أن استمرار مسار التطبيع مع إسرائيل مرهون باعترافها العلني بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وهو موقف محسوم وغير قابل للنقاش من جانبهم.
على صعيد متصل، يؤكد المسؤولون اللبنانيون أن لبنان يعوّل على نتائج زيارة ترامب لتعزيز دعمه العربي والدولي، خصوصًا في ظل احتضان العهد الجديد بقيادة الرئيس ميشال عون. وقد عكست جولات رئيس الجمهورية الخارجية، آخرها إلى الكويت، هذا الزخم الإيجابي، حيث أشارت مصادر دبلوماسية إلى اتجاه لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الكويتي في بيروت إلى سفير، بالتزامن مع رفع حظر السفر، بعد مبادرات مماثلة من الإمارات والسعودية.
ويعوّل لبنان بشكل خاص على الدعم الخليجي في إعادة الإعمار، إلى جانب المساعي الفرنسية لحشد تأييد دولي واسع لهذا الملف. ووفقًا لمصادر وزارية، فإن المسؤولين اللبنانيين تلقوا تطمينات دولية بدعم مستمر للعهد، شريطة الالتزام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتطبيق القرارات الدولية، مع بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وضبط السلاح غير الشرعي.
وفي هذا السياق، تُطرح زيارة ثانية مرتقبة للرئيس عون إلى السعودية، مدرجة على جدول الأعمال الرئاسي، بانتظار تحديد موعدها عبر القنوات الدبلوماسية. ويتوقع أن تشهد توقيع اتفاقيات ثنائية تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين. وقد أبلغ السفير السعودي وليد بخاري المسؤولين اللبنانيين أن بلاده تقف بثبات إلى جانب لبنان، داعمةً جهوده لتجاوز أزماته وتنشيط مؤسساته وتحقيق تطلعات شعبه.
وترى مصادر وزارية أن قرار الرياض برفع الحظر عن السفر إلى لبنان يشكل مقدمة لعودة خليجية قوية إلى الساحة اللبنانية، ضمن مساعٍ لإعادة ربط لبنان بمحيطه العربي. وللسعودية دور محوري في هذا الاتجاه، نظراً لتأثيرها الإقليمي واستعداد دول الخليج لتقديم كل ما يلزم لدعم لبنان في الخروج من أزماته.
في غضون ذلك، تؤكد الحكومة اللبنانية التزامها بالاستحقاقات الدستورية بعد إنجاز مرحلتين من الانتخابات البلدية والاختيارية، في سياق تنفيذ خطاب القسم الذي يعزز ثقة المجتمعين العربي والدولي بلبنان. ويضع هذا المسار القيادات اللبنانية أمام مسؤوليات كبيرة لتجاوز الأزمات، والانطلاق بعملية الإعمار، وتفعيل المؤسسات، في ظل إدراك أن أي دعم خارجي مشروط بوجود دولة مؤسسات قادرة على الإيفاء بالتزاماتها.
ومن هنا، تبرز أهمية استعادة الثقة الخارجية بلبنان عبر الالتزام بالإصلاحات والانفتاح على الدول الشقيقة والصديقة، في وقتٍ تحتاج فيه البلاد بشدة إلى علاقات متينة مع العالم العربي والدولي لتأمين التمويل اللازم لمرحلة إعادة الإعمار
المصدر:عمر البردان اللواء