
تتابع الأوساط السياسية اللبنانية تطورات العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزاف عون و«حزب الله»، والتي بدأت برسائل إيجابية تهدف إلى طمأنة الحزب والتخفيف من مخاوفه، إلى جانب غياب «القلق» الذي كان يشعر به الحزب تجاه انتخاب عون رئيساً. ورغم أن التواصل بينهما كان قائماً منذ فترة قيادته للجيش، إلا أن العلاقة وصلت إلى مرحلة جديدة بعد انتخابه رئيساً.
وتُقدّر الأوساط السياسية دور رئيس مجلس النواب نبيه برّي في تحسين هذه العلاقة، خصوصاً عبر متابعته للتحولات التي سهلت تطبيع العلاقة بين الطرفين، واستعداد الحزب للمشاركة في حوار حول حصرية السلاح بيد الدولة.
وحسب الأوساط السياسية، فإن برّي يواصل التأكيد على مواقف الرئيس عون التي تبتعد عن المزايدات الشعبية المطالبة بنزع سلاح «حزب الله»، كما يرفض الإملاءات الخارجية ويصر على أن يكون السلاح تحت سيطرة الدولة، معتبراً أن الحوار هو السبيل لتنفيذ ذلك عندما تسمح الظروف.
أما بشأن الوزراء الذين يتهمون الحزب بعدم الالتزام بوقف النار، فإن الأوساط تشير إلى أن عون لعب دوراً في ضبط إيقاعهم، خاصة مع إصرار البعض على المطالبة بجدول زمني لنزع سلاح الحزب في ظل الظروف المحلية والدولية المناسبة.
الأوساط تتحدث أيضاً عن ضغط عون على الولايات المتحدة، الراعية لاتفاق وقف النار، لإلزام إسرائيل بتنفيذه، خاصة في ما يتعلق بانسحابها من الجنوب وتوسيع انتشار الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل). كما يواصل عون الضغط لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، والذين تقدر لائحتهم بـ15 أسيراً، بالإضافة إلى المفقودين الذين يصل عددهم إلى 66.
وفيما يتعلق بموقف «حزب الله» من المطالبة بحصرية السلاح، تشير الأوساط إلى أن الحزب يبقى في موقف دفاعي، حيث يتمسك ببعض التصريحات حول سلاحه لأغراض معنوية، ولكنها لا تؤثر عملياً في الميدان، خاصة مع امتناعه عن الرد على الخروقات الإسرائيلية المتواصلة.
وتكشف الأوساط عن نصيحة برّي لـ«حزب الله»، الذي يعده الأخ الأكبر، بضرورة التركيز على دعم الدولة ووقف الرد على الخروقات الإسرائيلية، والتعاون مع الجيش اللبناني في تنفيذ القرار 1701. وتؤكد الأوساط أن برّي يواصل دعمه للحوار بين الحزب وعون حول حصرية السلاح، داعياً الحزب إلى التكيف مع التحولات السياسية في لبنان بعد انتخاب عون رئيساً.
على صعيد آخر، تشير الأوساط إلى أن «حزب الله» كان قد حقق انتصارات كبيرة في الجنوب عام 2000 وفي حرب تموز 2006، ولكن أخطأ في توظيف هذه الإنجازات داخلياً، خاصة مع انخراطه في محور إيران الإقليمي. هذا الموقف انعكس سلباً على علاقاته بالدول العربية، وهو ما بدأ الحزب في إعادة تقييمه بعد انتخاب عون.
وتأمل الأوساط أن يعيد الحزب النظر في خياراته ويستخلص العبر من تداعيات موقفه في غزة، والذي كلفه كثيراً مالياً وبشرياً. وتحث الأوساط الحزب على العودة إلى مشروع الدولة في لبنان، للحد من عزله وتعزيز علاقاته مع القوى السياسية المحلية.
وفي الختام، تؤكد الأوساط أنه يجب على «حزب الله» أن يخرج من حالة التريث ويعلن موقفه من حصرية السلاح، لأن عدم اتخاذ موقف حاسم سيؤدي إلى استمرار تدمير ما خلفته إسرائيل، ولن يكون هناك تقدم في إعادة الإعمار ما لم يلتزم الحزب بالشروط الدولية والعربية
المصدر:محمد شقير الشرق الاوسط