الغرق السياسي يهدد باسيل والتيار الوطني الحر

قبل أن يُطلق الرئيس السابق ميشال عون تحذيره الشهير بأننا “ذاهبون إلى جهنم”، شبّه الوضع اللبناني بسفينة “تيتانيك” الغارقة، حيث يواصل الركاب الرقص غير مدركين الكارثة المقبلة. هذا التوصيف ينسحب اليوم على “التيار الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل، الذي يبدو أنه يواصل الغرق السياسي منذ تلقّيه ضربة ثورة 17 تشرين، وتفاقمت حالته بعد فشله الرئاسي، واهتزاز تحالفه مع “حزب الله”، وتدهور وضعه الداخلي بفعل قرارات الطرد والانشقاقات.

هزيمة مغطّاة بشعار الانتصار

في تقييمه لنتائج الانتخابات البلدية، يتّبع باسيل أسلوباً مشابهاً لـ”حزب الله” بعد كل مواجهة مع إسرائيل: طالما لا يزال موجوداً، فهو منتصر. على هذا الأساس، لا يعترف “التيار” بأي تراجع، بل يقدّم حضوره كدليل حياة، متجاهلاً التراجع في الشعبية والفعالية. وكما “حزب الله” يرى في استمرار وجوده انتصاراً، كذلك يفعل باسيل، حتى وإن تراجع تأثيره بشكل ملموس.

من التسونامي إلى الهوامش

منذ العام 2005، انتقل “التيار” من مرحلة الزخم الشعبي الواسع إلى وضع هامشي. فبعد أن كان يشكّل ظاهرة شعبية مسيحية واسعة، بدعم غير معلن من النظام السوري و”حزب الله”، بدأ يخسر تدريجياً قاعدته وموقعه. تحالفات كانت قائمة باسم “المصلحة”، بدأت تتفكك: من النواب المستقلين إلى الأحزاب المتحالفة، الكل ابتعد.

الانفصال السياسي مع “حزب الله” زاد من العزلة. وتدهورت العلاقة بشكل أكبر مع إصرار “الحزب” على ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، في وقت شعر فيه باسيل أنه خارج اللعبة، تماماً كما شعر بعد اغتيال حسن نصرالله المفترض وتوقيع اتفاق وقف النار المفروض دولياً.

خسارات متراكمة وتوازن مفقود

الضربات التي تلقاها “التيار” لم تكن فقط انتخابية، بل سياسية وشعبية وتنظيمية. فقد خسر رموزاً داخلية كإبراهيم كنعان والياس بو صعب وألان عون، وتفككت علاقاته مع حلفاء الأمس. ومع انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، فقد باسيل ما تبقّى من توازن سياسي، بعدما خاض ضده معارك إعلامية وقضائية فاشلة.

ابتعاد تكتيكي عن الانتخابات البلدية

في الاستحقاق البلدي، اختار باسيل الابتعاد، أو الإحجام المقنّع، بعدما بات تحالفه مكلفاً. لم يجد من يتحالف معه في العديد من المناطق، لا في زحلة، ولا في جزين، ولا في جونية. بينما بدت “القوات اللبنانية” قادرة على استقطاب المستقلين والحلفاء، ما جعلها تظهر بصورة “الحزب الحاكم”.

تحدي 2026: البقاء أو التلاشي

رغم أن “التيار” لم يختفِ، إلا أن وجوده بات هشاً. لا يُقاس بالحضور البلدي أو بعدد المختارين، بل بالوزن السياسي الحقيقي الذي يتراجع باستمرار. الرهان الأكبر سيكون في الانتخابات النيابية عام 2026. هناك، قد يتجنّب باسيل خوض المعركة في البترون، أو يواجه خصوماً من داخل التيار نفسه. ستكون تلك الانتخابات معياراً لبقائه أو بداية خروجه الفعلي من المشهد.

المصدر : نجم هاشم – نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: