رجّي ينفض غبار الفساد عن وزارة الخارجية

يوسف رجّي يشهر سيف التغيير داخل «الخارجية»: تنظيف المؤسسة من الداخل قبل الخارج

ما لا يصدّق قد يكون واقعاً. الصور المرفقة تكشف عن حال أحد أقسام وزارة الخارجية اللبنانية كما كان يُدار لعقود. مشهدٌ يعكس تردياً إدارياً وهيكلياً يُناقض كلياً صورة السلك الدبلوماسي الذي يفترض أن يكون واجهة الوطن في المحافل الدولية.

وزراء تعاقبوا، ارتدوا البزات الدبلوماسية الأنيقة، لكن لم ينجح أي منهم في “تبييض” وجه الوزارة. لا أمام الخارج، ولا في الداخل، حيث تسرح الفوضى والسمسرة في زوايا المؤسسة التي يُفترض أن تكون مرآة السيادة والنزاهة.

منذ تولّيه حقيبة الخارجية، يخوض الوزير يوسف رجّي، القادم من مدرسة “لبنان أولاً”، معركة على جبهتين: إعادة ترميم علاقات لبنان الخارجية بما يتوافق مع مقاربة سيادية جديدة، وتنظيف أروقة الوزارة من شوائب الفساد المتراكمة. البداية كانت من قسم المصادقات، أحد أكثر الأقسام تفاعلاً مع المواطنين، حيث تسللت لعقود “شبكات سمسرة” تعمل على استنزاف المواطنين مادياً، تحت مظلة التواطؤ أو التغاضي الإداري.

خطة إصلاحية حازمة

مصادر خاصة لـ”نداء الوطن” كشفت أن الوزير رجّي أطلق عملية إصلاحية فورية بعد تسلّمه المنصب، حيث كلّف المستشارة الدكتورة سعاد الرامي بوضع خطة إنقاذ مبنية على معطيات ميدانية وشكاوى مواطنين وموظفين. وتشير المعلومات إلى أن قسم المصادقات كان يعجّ بالسماسرة، حيث تراوحت “التعرفة” بين 20 و300 دولار أميركي للمعاملة الواحدة، وفق “هوية” صاحبها، من الكادحين إلى الخليجيين.

ورغم تكرار توقيف بعض المتورطين، فإن غياب الشكاوى الرسمية من الموظفين سهّل الإفلات من العقاب، ليُطلق سراح السماسرة في كل مرة، بما لا يقل عن 30 حالة مماثلة.

عقب قرارات صارمة من الوزير، تمّ طرد هؤلاء من محيط الوزارة، غير أنهم لجأوا إلى خطط بديلة عبر إرسال أقاربهم لافتعال زحمة داخل القسم، في محاولة لإبراز الحاجة “المنقذة” لوجودهم. ورغم ذلك، واصل القسم استقبال ما بين ألف وألف ومئتي مراجع يومياً، في مساحة لا تتجاوز 100 متر، يديرها 6 موظفين فقط.

إعادة تفعيل “ليبان بوست”

في مواجهة هذا الواقع، أعاد الوزير تفعيل الاتفاق مع شركة “ليبان بوست” الذي أُبرم عام 2017، لتولي تصديق المعاملات عبر مكاتبها بكلفة محدّدة بـ600 ألف ليرة لبنانية. كما شدّدت الوزارة على ضرورة حضور أصحاب العلاقة شخصياً أو من ينوب عنهم قانونياً، منعاً للتلاعب.

أما مكاتب الترجمة، فخضعت بدورها للتنظيم. وبحسب القوانين، لا يحقّ لمترجمي هذه المكاتب الدخول إلى الوزارة، إلا أنه سُمح لهم ضمن “كوتا” محددة لتوقيع المعاملات يومي الثلاثاء والخميس فقط، بما لا يتجاوز 25 معاملة أسبوعياً.

البنية التحتية: من العار إلى الترميم

ولم تقتصر الإجراءات على الجانب الإداري، بل شملت أيضاً البنية التحتية المهترئة. فبحسب ما أكدت المستشارة الرامي، كانت حالة المكاتب والمراحيض صادمة، من غياب التكييف إلى أجهزة الكمبيوتر القديمة، مروراً بالأرشيف المكدّس وسط بيئة أقرب إلى مكبّ نفايات منها إلى وزارة خارجية.

اليوم، تشرف المستشارة على ورشة ترميم واسعة لقسم المصادقات، هدفها تحديث البيئة الإدارية وتحسين شروط العمل والخدمة، للوصول إلى مستوى خدمة خالٍ من السمسرة والفساد.

سؤال مشروع

بعد كل هذه الخطوات، يبقى السؤال: ماذا لو لم يُعيّن يوسف رجّي وزيراً للخارجية؟ سؤال يُختصر بإجابتين: كان الفساد ليستمر، وكان اللبنانيون ليستمروا في دفع الثمن.

المصدر : طوني عطيه- نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: