من صناديق البلدية… انطلقت معركة السراي الحكومة

لم تكن مشاركة الناخب البيروتي في انتخابات المجلس البلدي مجرّد استحقاق محلي، بل كانت خطوة متشابكة الأبعاد، تخطّت المعركة البلدية إلى ميادين سياسية وشعبية أوسع، من اختبار الأحجام وتحديد الاتجاهات، إلى رسم معالم مبكرة للانتخابات النيابية المقبلة، وصولاً إلى فتح باب التنافس على رئاسة الحكومة المقبلة، وسط ترقّب خليجي، لا سيما من قبل السعودية.

بيروت كانت أمس على موعد مع صناديق الاقتراع، في غياب ملحوظ للرئيس سعد الحريري، الذي لم يُظهر أي مؤشّر سياسي انتخابي، مكتفياً بتغريدة استذكارية للمفتي حسن خالد قبل يوم من الاستحقاق، وأخرى مهنّئة للنادي الرياضي بعد انتهاء التصويت. بذلك، بدا الحريري منفصلاً تماماً عن المشهد السياسي في العاصمة، التي طالما تصدّرتها صوره وأعلام “المستقبل”، بينما كانت السماء الزرقاء أمس الشاهد الوحيد على رمزيّته المتراجعة، وسط منافسة خفيّة وعلنيّة على زعامة بيروت السنّية.

في المقابل، برز النائب فؤاد مخزومي كالرابح الأبرز، بعدما نجحت لائحته “بيروت بتجمعنا” بتحقيق فوز متماسك منح فريقه دفعة قوية، ليس فقط نحو الانتخابات النيابية في العام المقبل، بل إلى موقع سياسي متقدّم على مستوى رئاسة الحكومة، وهو الموقع الذي سبق وتنازل عنه لصالح مرشّح المعارضة نواف سلام.

الرسائل التي وجّهتها هذه الانتخابات لم تكن محلية فقط. إذ سعت جهات عدّة، من بيروت إلى طرابلس، إلى استعراض حضورها وتأثيرها أمام العواصم الخليجية، وخصوصاً الرياض، في محاولة لكسب ثقتها ودعمها في السباق المبكر إلى السراي الحكومي. تنافس ستتعدّد وجوهه في الأشهر المقبلة بين رؤساء حكومات سابقين، وزراء حاليين وسابقين، إلى جانب نواب ورجال أعمال سنّة ينشطون بهدوء لتحضير مواقعهم.

وتعزز هذه المؤشرات قناعة واسعة بأن نواف سلام لن يكون رئيس الحكومة المقبل بعد الانتخابات، ما يفتح الباب أمام طموحات واسعة لدى شخصيات سنّية ترى في الحكومة المقبلة بداية لمرحلة سياسية جديدة في لبنان.

من ناحية أخرى، تُعتبر المحافظة على المناصفة داخل المجلس البلدي الجديد إنجازاً سياسياً لافتاً، قد يُستثمر بدوره في المعركة المقبلة على رئاسة الحكومة. أما “موجة التغيير” التي رفعتها قوى المعارضة في انتخابات 2022، فقد انحسرت أمس في بيروت، مع خسارة النائب إبراهيم منيمنة وسقوط شعارات التغيير أمام واقع انتخابي بات أكثر تعقيدًا ووضوحًا.

المصدر : داني حداد – mtv

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: