
أجرت الحكومة الانتخابات البلدية بعد تأجيل دام ثلاث سنوات متتالية، في ظل تسجيل بعض التجاوزات، أبرزها ما حصل في عمليات الفرز في مدينة طرابلس، إضافة إلى ورود عدد من الشكاوى التي أُحيلت، وفق ما أعلن وزير الداخلية أحمد الحجار، إلى الجهات المختصة للتحقيق.
وقد تزامن هذا الاستحقاق مع تقديم طعون عدة بنتائج الانتخابات، ما يفتح باب التساؤلات حول مصير هذه الطعون، ومدى صلاحية مجلس شورى الدولة في مراجعة صحة النتائج.
وفي هذا السياق، يوضح الخبير الدستوري الدكتور جهاد إسماعيل، في حديث لموقع MTV، أن صلاحيات مجلس شورى الدولة لا تقتصر فقط على التحقق من صحة نتائج الانتخابات، بل تمتد أيضاً إلى الظروف المحيطة بالعملية الانتخابية. ويضيف: “المجلس يتولى التأكد من شرعية الإجراءات الإدارية التي سبقت ورافقت الانتخابات، ويقدّر مدى صحة العملية الانتخابية، أي ما إذا كان الناخب قد عبّر عن إرادته بحرية كاملة، دون ضغوط أو تلاعب، كما نص عليه قرار مجلس شورى الدولة رقم ٥٠٦/٢٠٠٥”.
كما يشير إسماعيل إلى أن الطعن أمام مجلس الشورى يمكن أن يتناول أيضاً مدى أهلية المرشحين، مثل شرط إجادة القراءة والكتابة. فرغم أن الإدارة المختصة تجري اختباراً للمرشح عند تقديمه طلب الترشح، إلا أن مجلس الشورى غير ملزم بنتيجته، بل يمكنه – بصفته قاضيًا استقصائيًا – إعادة إجراء هذا الاختبار. ويؤكد أن قرار المجلس رقم ٥٧٢/٢٠٠٤ اعتبر أن حيازة شهادة البكالوريا تُعدّ قرينة على معرفة القراءة والكتابة، لكنه لم يمنع المجلس من إعادة التحقق من هذه الأهلية في حال طُعن فيها.
وحول مدى صلاحية مجلس الشورى في تعديل قرارات الهيئة المسؤولة عن فرز وإعلان النتائج، يقول إسماعيل: “يمارس مجلس شورى الدولة رقابة واسعة باعتباره قاضي انتخاب، مما يتيح له تعديل قرارات هيئات الفرز في حال ثبت وقوع أخطاء، مخالفات، غش أو احتيال، بل ويحق له إعادة احتساب الأصوات بنفسه. وقد أكدت قرارات المجلس، لا سيما القرار رقم ٧١٣/١٩٩٨ والقرار رقم ٤٨٤/٢٠٠٢، أن المجلس قادر على إصدار قرارات بديلة تحل محل قرارات الهيئات الإدارية”.
أما عن الجهة المخوّلة بتقديم الطعن، فيوضح إسماعيل أن الحق في الاعتراض لا يقتصر على المرشح الخاسر. فبحسب المادة ١٠٩ من نظام مجلس شورى الدولة، يمكن لكل ناخب في المنطقة المعنية، وكل من قدّم ترشيحه، وكذلك الدولة بناءً على طلب وزير الداخلية، أن يطعن في نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية. وهذا يدل على أن المشرّع وسّع دائرة أصحاب الحق في الطعن لتشمل فئات أوسع من مجرد المرشحين.
وختم إسماعيل بالإشارة إلى أن مجلس شورى الدولة لا يمكنه التحرك تلقائيًا للتحقق من صحة نتائج الانتخابات، بل يجب أن يُقدَّم الطعن أمامه خلال مهلة لا تتجاوز 15 يومًا من تاريخ إعلان النتيجة، وفقاً لما نصّت عليه المادة ٢٠ من قانون البلديات.
المصدر : نادر حجاز – Mtv