السلطة الفلسطينية وخطط ما بعد الحرب في غزة: مواجهة تحديات «حماس» وإعادة ضبط المخيمات

رغم استمرار الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تركز الأنظار الآن على المرحلة التي تلي العدوان، خاصة على طريقة حكم القطاع والسلطة التي ستتولى الأمر. هذه المسألة مرتبطة بترتيبات خارجية تخص السلطة الوطنية الفلسطينية، التي ستبرز في المشهد مع محاولة تهميش حركة «حماس» على افتراض أنها تعرضت لضربة قوية.

السلطة الوطنية تحاول الاستعداد لهذه المرحلة، من خلال التحضير لخليفة محمود عباس في رئاسة السلطة، حسين الشيخ، وكذلك تعزيز موقعها في ظل حالة ضعفها الحالية، مستفيدة من أخطاء «حماس» وضرب تحالفها بقيادة إيران. لكن الوضع معقد أكثر من ذلك.

صحيح أن «حماس» تعرضت لضربة كبيرة وارتكبت أخطاء أثارت استياءً شعبيًا متزايدًا بسبب تشددها، لكنها ما زالت تحتفظ بقدرة شعبية وعسكرية تمكنها من تحقيق بعض المكاسب في أي مفاوضات مستقبلية، رغم عدم قدرتها على تجاوزها.

هناك مفاوضات معقدة حول مستقبل «حماس» بعد الحرب. الحركة قد تقبل بالتراجع لفترة طويلة، لكنها لن ترضى بالهزيمة أو دفع ثمنها كاملاً. في الوقت نفسه، العالم يتجه نحو السلام عبر حل الدولتين الذي يمهد الطريق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. كما أن جهودًا تبذل من قطر وإيران لتهدئة «حماس» والمضي في تسوية قد ترضى بها طهران مقابل الحفاظ على مصالحها، شبيهة بما حصل مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

إسرائيل ترفض هذه الترتيبات وتصر على استمرار حربها، مستهدفة إيران، لكنها تتلقى ضغوطًا من أميركا التي تعي أن العالم يستعد لما بعد الحرب، حيث الترتيبات الإقليمية المنتظرة.

في هذا السياق، نهضت السلطة الفلسطينية من حالة الركود وحصلت على دعم دولي وإقليمي للاستعداد للمرحلة المقبلة، مع وجودها في الواجهة عبر اتفاقيات مع «حماس» والفصائل الأخرى تمهيدًا لإعادة إعمار غزة.

تأتي زيارة عباس إلى لبنان في هذا الإطار، حيث كان هدفها استكشافي، لكنها تهدف أيضاً إلى تحضير الأرض لرفع القيود عن الفصائل الفلسطينية، والعمل على خطوات لتقنين السلاح، مستفيدة من الظروف الجديدة في لبنان والمنطقة.

لكن الجميع يعرف أن هذه الخطوات صعبة وربما مستحيلة إذا رفضت «حماس» والفصائل الأخرى، وخصوصًا «حزب الله» الذي يرى أن نزع السلاح الفلسطيني يسبق استهدافه.

الخطوة الأولى قد تكون تجريبية في مخيمات صغيرة، وربما تكون أكثر نظرية منها عملية، لأن حركة «فتح» التي تمثل السلطة تعاني من ضعف في قدرتها على ضبط السلاح الفلسطيني، خصوصًا في الجنوب اللبناني.

لكن هذه الخطوة مهمة لتثبيت سلطة السلطة الفلسطينية وتقديمها كجهة مسؤولة عن الأمن الفلسطيني داخليًا وخارجيًا، مما يعزز دورها في تسوية مع إسرائيل بعد رحيل نتنياهو.

عباس مضى في خطته رغم اعتراض بعض قادة «منظمة التحرير» الذين يفضلون آليات أكثر تشددًا تشمل الشرطة والأمن بالتنسيق مع الجيش اللبناني لضبط المخيمات.

في المقابل، يخشى البعض من داخل وخارج المنظمة من أن تؤدي هذه الخطوات إلى اشتباكات داخلية تُثير الرأي العام اللبناني ضد الفلسطينيين، وتفتح المجال لاستهداف المخيمات.

ويؤكد كثيرون على ضرورة وضع خطة شاملة تراعي الأوضاع الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين، كخطوة ضرورية لضمان الاستقرار، محذرين من أن التركيز فقط على الجانب العسكري والأمني قد يسبب فتنة لا يريدها أحد، خصوصًا إذا تم استهداف حق اللجوء الفلسطيني ووجود المخيمات.

المصدر: عمار نعمة اللواء

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: