الأسباب وراء تمسك “حزب الله” بالسلاح

يعتبر «حزب الله» أن التخلي عن سلاحه يعني نهاية دوره العسكري في لبنان، إذ يرى أن الظروف التي سمحت بنشأته وتجهيزه بالسلاح لن تتكرر بسهولة. لذلك، يماطل ويقاوم بشدة أي محاولة لتفكيك بنيته العسكرية، حتى يحافظ على إمكانية إعادة تفعيل قوته إذا تغيرت الأوضاع مستقبلاً.

الفارق جوهري بين إعادة تشغيل قوة عسكرية بعد هزيمة وانقطاع مؤقت، وبين إعادة بناء قوة من الصفر في ظل نظام سوري معاد لإيران، ودولة لبنانية تستعيد سيادتها، خصوصاً أن استعادة القوة تتطلب انهيار الدولة وربط الجغرافيا اللبنانية بالإيرانية، وهو أمر بات صعباً.

يرى «حزب الله» أن الضغط الدولي الحالي عليه لن يدوم، وأن انشغال واشنطن وتل أبيب بقضايا أخرى سيتيح له استعادة قوته مستقبلاً، لكن إذا تخلى عن سلاحه فلن يستطيع إعادة بناء قوته مجدداً.

إن انتهاء مشروعه العسكري يعني خسارته لدوره السياسي والوجودي، إذ إن سلاحه هو أساس عقيدته ومشروعه الذي نشأ من رحم ثورة تستخدم العنف للتوسع. ولهذا، يفضل تحمل خسائر كبيرة على فقدان سلاحه الذي يعتبر ورقته الحاسمة.

لا يزال «حزب الله» يلجأ إلى تكتيك شراء الوقت، ظناً منه أن الظروف قد تتغير لصالحه، وهذا خطأ فادح. فبعد «طوفان الأقصى»، تغيرت المعادلات تماماً:

أولاً، شكّل «طوفان الأقصى» تهديداً وجودياً لإسرائيل، التي ردّت بحزم لتعزيز ثقة شعبها في جيشها، ولن تسمح لأي تهديد مستقبلي، خصوصاً من «حزب الله».

ثانياً، انتهى زمن توازن الرعب مع إسرائيل. فبعد دروس حرب 2006، لن تتوقف إسرائيل قبل تحقيق أهدافها بالكامل، ولا يمكن لـ«حزب الله» العودة للعبة القديمة بعدما تم قطع شريان دعمه الإيراني.

ثالثاً، تتعامل واشنطن مع الوقائع الجديدة، وترى في دعم إسرائيل وسيلة للحد من النفوذ الإيراني، وتسعى لفرض قواعد جديدة في المنطقة بعيداً عن الاضطرابات السابقة.

رابعاً، سقوط النظام السوري الحليف لإيران غيّر ميزان القوى في المنطقة، والنظام الجديد مدعوم دولياً وخليجياً، مما يصعب تغييره.

خامساً، للمرة الأولى منذ الثورة الإيرانية، تراجع دور طهران في الصراع مع إسرائيل، فيما أصبحت السعودية اللاعب الأساسي في الساحة، وهذا التحول يحد من قدرة إيران على تغيير المعادلات.

لهذه الأسباب وغيرها، انتهت سياسة «حزب الله» في شراء الوقت، ولم يعد لديه مبرر أو قدرة على التمسك بالسلاح الذي كان سبب وجوده، لأن الظروف التي نشأ فيها مشروعه انتهت، والإصرار على الاستمرار يعني السير نحو الانتحار السياسي والعسكري.

المصدر: شارل جبور- نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: