
طالع العالم تطورًا جديدًا في مسار جائحة “كوفيد-19” مع بروز المتحوّر NB.1.8.1، الذي جذب اهتمام العلماء منذ اكتشافه لأول مرة في يناير 2025.
ينتمي هذا المتحوّر إلى عائلة “أوميكرون” ويتميز بقدرته الواضحة على الانتشار عبر قارات مختلفة، حيث تم تسجيل حالات إصابة به في آسيا وأميركا الشمالية. بناءً على هذه الخصائص، صنّفته منظمة الصحة العالمية كمتحور “تحت المراقبة” نظرًا لسماته الوبائية الفريدة.
وعلى الرغم من سرعة تفشي هذا المتحوّر، تشير البيانات المتوفرة حتى الآن إلى أنه لا يشكل خطورة أكبر مقارنة بسلالات “أوميكرون” السابقة. فقد أظهرت تحليلات الشبكة العالمية للفيروسات أن الطفرات في بروتين “سبايك” تمنح المتحوّر قدرة محسّنة على الارتباط بمستقبلات ACE2 في خلايا الإنسان، ما يفسر انتشاره السريع، لكنه لا يقلل من فاعلية الأجسام المضادة الناتجة عن اللقاحات أو الإصابات السابقة. كما تدعم الدراسات المختبرية فعالية الأدوية المضادة للفيروسات مثل “باكسلوفيد” و”رمديسيفير” ضد هذا المتحوّر.
من الناحية الوبائية، سجلت الهند – التي تعتبر بؤرة رئيسية للانتشار – ارتفاعًا ملحوظًا في الإصابات النشطة، حيث تجاوز عددها 4300 حالة، مع تسجيل مئات الإصابات الجديدة يوميًا. وفي تايوان، شهدت المستشفيات زيادة بنسبة 78% في مراجعات مرضى كوفيد خلال أسبوع واحد، بينما ظهرت بؤر إصابة في عدة ولايات بالولايات المتحدة، رغم أن الأعداد لا تزال محدودة نسبيًا.
وبينما يصعب تحديد العدد الحقيقي للإصابات بسبب تراجع إجراء الفحوص مقارنة بفترات ذروة الجائحة، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن المتحوّر، الذي أطلق عليه بعض الخبراء اسم “نيمبوس”، يشكل نحو 10.7% من العينات العالمية.
سريريًا، يعاني المصابون من أعراض تشمل التهابًا حادًا في الحلق، إرهاقًا، سعالًا خفيفًا، حمى، آلامًا عضلية، واحتقانًا. كما لوحظت بعض الأعراض الهضمية مثل الغثيان والإسهال، والتي كانت شائعة في موجات سابقة.
ورغم أن منظمة الصحة العالمية تصنف الخطر الإضافي لهذا المتحوّر على الصحة العالمية بأنه منخفض، إلا أن انتشاره السريع في 22 دولة حتى الآن يثير بعض القلق، خاصة مع انخفاض إجراءات الفحص والمراقبة.
في هذا الإطار، أصدرت الشبكة العالمية للفيروسات تحذيراتها وتوصياتها مع اقتراب موسم الشتاء، مشددة على ضرورة حصول الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، على الجرعات المعززة المحدثة.
كما أكدت على أهمية تطعيم الأطفال، الذي ثبت فعاليته في الوقاية من المضاعفات الخطيرة، مثل متلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة. بالنسبة للحوامل، تشير البيانات إلى أن التطعيم لا يحميهن فقط، بل يوفر أيضًا حماية انتقالية لأطفالهن حديثي الولادة تصل إلى ستة أشهر.
ويعتبر الخبراء ظهور هذه المتحوّرات الجديدة تطورًا طبيعيًا في مسار الفيروس، وليس مفاجأة مقلقة، مع التأكيد على ضرورة استمرار المراقبة، والالتزام باللقاحات والإجراءات الوقائية في المناطق التي تشهد زيادة في الإصابات.