تأجيل تسليم السلاح الفلسطيني بسبب الحرب الإيرانية – الإسرائيلية؟

أحدث التصعيد الإقليمي، وخاصة الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، ارتباكًا في الداخل اللبناني وأعاد خلط الأوراق، ما أدى إلى تجميد مؤقت لعدد من الملفات الحساسة، وعلى رأسها ملف تسليم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، الذي كان يُفترض أن ينطلق هذا الأسبوع من مخيمات بيروت.

مخيمات الجنوب أولوية… وبلا جدول زمني

وفق مصادر رسمية لبنانية، لم تتلقَّ الفصائل الفلسطينية المعنية أي توجيهات رسمية حتى الآن، سواء من القيادة في رام الله أو من الأجهزة الأمنية اللبنانية، بشأن بدء عملية تسليم السلاح. وأكدت المصادر لصحيفة “الشرق الأوسط” أن الملف لم يُجمَّد، بل تأجَّل قليلًا نتيجة بعض الترتيبات الفلسطينية الداخلية، التي لا تزال قيد المعالجة.

وأشارت المصادر إلى أن الفصائل طلبت مهلة إضافية، وتم الاتفاق على البدء بمخيمات الجنوب الخاضعة للقرار الدولي 1701، بدءًا من مخيم البص في صور، يليه مخيما الرشيدية والبرج الشمالي، على أن يتم التنفيذ على مراحل، من دون تحديد مهل زمنية دقيقة.

عزام الأحمد يعود إلى بيروت

في هذا السياق، يُنتظر وصول عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” والمشرف على الملف اللبناني، إلى بيروت خلال الأيام المقبلة على رأس وفد أمني لاستكمال البحث في تفاصيل وآليات التنفيذ. وكان الأحمد قد زار لبنان قبل عيد الأضحى لمحاولة تسوية خلافات داخلية نشأت في “فتح” بشأن هذا الملف، وأجرى لقاءات مع مسؤولين أمنيين لبنانيين.

السلاح الفلسطيني في قلب التوازنات الإقليمية

من جانبه، شدد الباحث الفلسطيني ومدير “مركز تطوير للدراسات”، هشام دبسي، على أن ملف السلاح الفلسطيني لم يُجمّد، بل جرت مناقشته سياسيًا على أعلى المستويات. وأوضح أن تنفيذ الخطة اللبنانية كان ينتظر موقفًا رسميًا فلسطينيًا، وهو ما تحقق بالفعل.

غير أن دبسي نبّه إلى أن هذا الملف يتجاوز البُعد التقني أو الثنائي بين الجانبين اللبناني والفلسطيني، إذ يرتبط مباشرة بالسياقين الإقليمي والدولي، وخصوصًا بالتطورات في المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول البرنامج النووي. وأضاف: “استقرار الوضع في لبنان بات مرهونًا إلى حد بعيد بمآلات هذا المسار”.

التصعيد الإقليمي يعيد خلط الأولويات

وفي ضوء التصعيد الإسرائيلي الأخير، يرى دبسي أن هذا الواقع أدى إلى تأجيل عدد من المبادرات الدولية، مثل المؤتمر العربي – الفرنسي – الدولي الذي كان يُفترض أن يدعم مسار قيام الدولة الفلسطينية. وأوضح أن “الوتيرة المتسارعة للتطورات دفعت مختلف الأطراف إلى إعادة تقييم خطواتها، من دون التراجع عن التزاماتها السياسية، كما أكد عليها البيان المشترك الصادر عن الرئيسين محمود عباس وجوزيف عون”.

وكان الرئيسان قد شددا، في بيان مشترك في أيار الماضي، على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، والتزام الجانب الفلسطيني بعدم استخدام الأراضي اللبنانية لتنفيذ عمليات عسكرية، ومنع تحوّل المخيمات إلى ملاذات آمنة لمجموعات متطرفة.

تقدم تدريجي رغم العقبات

وعقب هذا اللقاء، التأمت اللجنة المشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات، بدعوة من رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، السفير رامز دمشقية، وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام، حيث تم الاتفاق على انطلاق الإجراءات التنفيذية منتصف حزيران.

ووفق دبسي، فإن وفدًا فلسطينيًا سيصل إلى بيروت خلال اليومين المقبلين لمتابعة تنفيذ الاتفاق، مؤكدًا أن التنفيذ مرهون بقرار الدولة اللبنانية. “الاستعداد الفلسطيني قائم، لكن لحظة التنفيذ تحكمها الظروف السياسية”.

اعتراضات داخل “فتح” تمت معالجتها

وعن الانقسامات التي أُثيرت داخل “فتح” حول هذا الملف، نفى دبسي وجود انقسام فعلي، مشيرًا إلى وجود اعتراضات محدودة من بعض الكوادر لأسباب متعددة، منها دوافع سياسية متمسكة بخيار السلاح، أو شعور بالإقصاء من القرار، أو التحفظ على التوقيت السياسي. وأكد أن هذه التحفظات عولجت بمسؤولية، عبر زيارة وفد من رام الله، أُعيد خلالها ترتيب الوضع التنظيمي للفصائل والمؤسسات الفلسطينية في لبنان.

خارطة الوجود المسلح

يُذكر أن السلاح الفلسطيني في لبنان ينتشر في 12 مخيمًا رئيسيًا خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية، وتخضع لسيطرة فصائل أبرزها “فتح”، “حماس”، “الجهاد الإسلامي”، و”الجبهة الشعبية”. أما خارج المخيمات، فكانت تهيمن فصائل موالية لسوريا مثل “القيادة العامة” و”الصاعقة”، والتي تراجع دورها بعد تدهور الوضع في دمشق. وتمكّن الجيش اللبناني من تفكيك قواعدها العسكرية في السنوات الماضية.

المصدر : بولا أسطيح- الشرق الأوسط

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: