الاقتصاد اللبناني بين الحرب والتحديات

شهدت القطاعات الاقتصادية في لبنان انتكاسة جديدة مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، بعد أن كانت البلاد تستعد لانطلاقة واعدة في موسم صيف 2025. فالتوقعات المتفائلة التي طرحها البنك الدولي بنمو الاقتصاد بنسبة 4.7% قوبلت بتشكيك واسع من خبراء الاقتصاد، قبل أن تلقي نيران الصواريخ بظلالها على المشهد الإقليمي. وسط هذه الأجواء المتوترة، يطرح السؤال حول مصير الاقتصاد اللبناني الهش وكيفية تأثره بالتصعيد العسكري.

مؤشرات إيجابية قبل الحرب

قبل اندلاع الحرب، كان رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير متفائلًا بنمو الاقتصاد، معتبراً أن النمو كان قد يتجاوز 5% بناءً على مؤشرات مثل ارتفاع مبيعات التجزئة بين 10 و12% خلال مايو 2025، وافتتاح 191 مطعماً جديداً في قطاع المطاعم، وتحسن ملحوظ في النشاط التجاري والسياحي. كما استند البنك الدولي في توقعاته إلى تحسن الأوضاع السياسية، مع انتخاب الرئيس جوزيف عون وتشكيل حكومة جديدة، ودعم دولي متزايد.

آثار الحرب وتوقعات النمو

مع تصاعد الصراع الإسرائيلي-الإيراني، تحولت هذه التوقعات التفاؤلية إلى تخوفات كبيرة. وأوضح الباحث الاقتصادي نسيب غبريل أن النمو الحقيقي المتوقع قبل الحرب كان يتراوح بين 2 و3%، مشيرًا إلى أن الرقم 4.7% كان طموحًا وربما مبالغًا فيه. وأكد غبريل أن التدابير الإصلاحية كانت بطيئة التنفيذ، مما أعطى الأمل في تحريك الاقتصاد عبر الموسم السياحي.

السيناريوهات المستقبلية للاقتصاد اللبناني

السيناريو الأول (الحرب محدودة وسريعة): في حال توقفت الحرب خلال أيام عبر تدخل دولي، قد تكون التداعيات الاقتصادية محدودة، مع نمو محتمل بين 3 و3.5% مدعوماً بموسم سياحي جيد.

السيناريو الثاني (حرب ممتدة لكن لبنان محايد): إذا استمرت الحرب لأسابيع مع تحييد لبنان، فستتأثر القطاعات الاقتصادية المختلفة، خصوصاً السياحة، حيث قد يغيّر المغتربون خطط زيارتهم، مما يقلص العائدات السياحية التي تراجعت سابقًا بنسبة 16% في 2024 بسبب الحرب الإسرائيلية على حزب الله.

السيناريو الثالث (توسيع الحرب إلى لبنان): أسوأ السيناريوهات، حيث يؤدي توسيع رقعة الحرب إلى تداعيات كارثية على الاقتصاد والمجتمع اللبناني، مشابهة أو أسوأ من أضرار 2024.

تداعيات على الإصلاحات والاستثمارات

حتى في حال عدم انخراط لبنان مباشرة في الحرب، فإن الأوضاع الإقليمية المتوترة ستبطئ وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، وستؤدي إلى تأجيل المشاريع والاستثمارات. كما أن المستهلكين سيؤجلون شراء السلع الكمالية مثل السيارات والمنازل لحين استقرار الأوضاع.

جانب إيجابي وحيد

على الرغم من هذه الأزمات، يشير غبريل إلى ارتفاع قيمة الذهب في احتياطي مصرف لبنان، الذي وصل إلى أكثر من 30 مليار دولار مقارنة بـ15 مليار دولار عام 2019، ما يشكل قيمة احتياطية استراتيجية، رغم أن هذه الزيادة لا تُستخدم إلا في حالات الطوارئ.

المصدر : باتريسيا جلاد- نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: