هل تشهد طرابلس ولادة “نجمها الشاب” في استحقاق 2025؟ .. غسان الجسر.. من موظف مُكافح في الخليج إلى أحد أنجح رجال الأعمال في لبنان

العقرب – ديموقراطيا نيوز

ثلاث لقاءات سياسية توزّعت بين “بعبدا” و”عين التينة” و”بليس”، كانت كفيلة بأن يتحوّل “غسان الجسر” إلى محور نقاشات أبناء طرابلس، ويدخلهم في حوارات وتساؤلات واستنتاجات حول الهدف من هذه العودة إلى المشهدية السياسية، وهل اتخذ قراره النهائي بخوض الاستحقاق النيابي القادم؟

غسان الجسر ليس غريبًا عن طرابلس ولا عن أهلها. فهو حفيد النقيب والنائب الراحل عدنان الجسر، ونجل النائب والوزير السابق سمير الجسر، أحد أنزه رجالات السياسة، وأبرز رجالات القانون والاعتدال في لبنان، ممّن واكبوا مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بكل تفاصيلها، وكانوا حجر أساس فيها، ثم أكملوا المسيرة إلى جانب الرئيس سعد الحريري.

ويقولها غسان بفخر واعتزاز:

“أنا ابن سمير الجسر، وتربّيت في بيت علّمني الأخلاق لا الامتيازات. بيتٌ غرس فيّ مخافة الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء، وعلّمني أن الكلمة مسؤولية، وأن الموقع وسيلة للخدمة، لا غاية.”

لكن غسان، ذلك الشاب “الوسيم”، صاحب الذوق الرفيع في استقبال الناس، والمشهود له بحس الفكاهة، لم يرث المنصب، ولا اعتمد على نفوذ.
أخذ من والده العلم والقيم ومخافة الله، ثم قرر أن يشق طريقه بنفسه، بعيدًا عن السياسة والوراثة.

سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث حصل على إجازة في العلوم السياسية من جامعة هيوستن، ثم نال درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ميريلاند كما حصل على شهادات تنفيذية متخصّصة في استراتيجيات النمو والقيادة من جامعة هارفرد، ضمن برامج الأعمال المتقدمة.

وخلال دراسته، عمل في البنك الدولي، حيث تعرّف عن كثب على كيفية تمويل المشاريع الكبرى، وفهم السياسات الاقتصادية الداعمة للدول النامية مثل لبنان.

ولكي يدعم نفسه ماديًا خلال تلك المرحلة، عمل غسان في كل وظيفة تتيح له دخلًا جزئيًا: من المطاعم، إلى متاجر البيع بالتجزئة، إلى مكتبة الجامعة، وحتى كحارس ليلي في الحرم الجامعي.
ويقول: “في تلك المرحلة، شعرت لأول مرة كم هو صعب كسب الرزق، وأدركت كم ضحّى أهلي في ظلّ الحرب الأهليّة حتى يصلوا بي إلى هذا المكان.”

بعد تخرّجه، انتقل إلى السعودية، وبدأ عمله في واحدة من أكبر شركات التدقيق المالي في العالم: “آرثر أندرسن”، براتب لا يتجاوز 500 دولار.
عاش تحديات كبيرة في تلك المرحلة، وكانت التجربة قاسية إلى حد أنه فكّر أكثر من مرة في الاستسلام، وشعر بأن الطريق طويل، والغربة تثقل عليه يومًا بعد يوم.

لكن ما منحه الثبات، كما يروي، كانت نصيحة لا تُنسى من عمّه نبيل الجسر، حين قال له:

“لا تيأس… التعب طريق النجاح، والوقت سيكافئك إن حافظت على أخلاقك وثباتك.”

ويقول الجسر إن هذه الكلمات كانت بالنسبة له نقطة تحوّل، أنقذته من لحظة ضعف، وأعادته إلى المسار بثقة وإصرار.

ورغم أن والده كان حينها وزيرًا للعدل، اختار غسان أن يبدأ من الصفر، دون أن يطلب أي مساعدة.

ويذكر أنه لم يكن قادرًا على شراء سيارة في تلك المرحلة، فكان يتنقّل إلى عمله بالحافلة العمومية تحت درجات حرارة مرتفعة جدًا،
وكان يذهب أحيانًا بسيارة أجرة لتناول العشاء على مائدة الرئيس الشهيد رفيق الحريري عند وجوده في الرياض، والذي كان يستضيفه إلى مائدته مع بعض الشخصيات.
ويقول الجسر:

“ما كان يعطيني الأمل هو سماع قصة نجاح الرئيس الحريري، وكم تعب ليصل. هذا ما كان يقوّيني ويزيد إيماني بأن التعب لا يضيع.”

لاحقًا، انضم إلى مجموعة شلهوب كمدير مالي، وتدرّج حتى أصبح مديرًا عامًا لجزء من عمليات التجزئة الفاخرة في الخليج، بعد انتقاله إلى دبي.

وكانت له فرصة العمل عن قرب مع السيد باتريك شلهوب، أحد أفضل الرؤساء التنفيذيين في المنطقة، والذي أولاه ثقته وأوكل إليه إدارة عدة شركات ضمن المجموعة.

ويقول:

“تعلّمت من شلهوب كيف نوسّع الأعمال على أسس متينة، وكيف نبني ثقافة مؤسساتية قائمة على فلسفة: الناس، الناس، الناس… وأشعر أنني مدين للسيد باتريك شلهوب طوال حياتي، لأنه منحني فرصة النمو داخل واحدة من أكبر مؤسسات التجزئة في المنطقة.”

كما عايش كيف تدير الشركات الأزمات، لا سيما الأزمة المالية عام 2008، والتي تجاوزتها المجموعة دون صرف موظفين، بل مع مواصلة التوسّع والاستثمار.

بعد عشر سنوات في الخليج، عاد إلى لبنان، واشترى مع ابن عمه خيرالدين وأشقائه رامي وعدنان شركة “زهار”، التي أصبحت لاحقًا “بيرل براندز”.
بدأت بـ6 متاجر فقط، وتمكّن من توسيعها إلى 28 متجرًا بحلول عام 2018، بعد أن استثمر بشكل أعمق وأبرم شراكة استراتيجية مع مجموعة شلهوب، استنادًا إلى الثقة التي بناها معهم خلال فترة عمله السابقة في المجموعة.

خلال الأزمة المالية التي بدأت عام 2019، وبعد الانهيار الكبير في قيمة الليرة اللبنانية، وجائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت…كان بإمكان غسان الجسر أن يستسلم، أن يغادر، أو أن ينتظر ما سيؤول إليه المصير.
لكنه، بدافع إيمانه العميق بلبنان، وبحبه الصادق لهذا الوطن، قرر أن يسلك طريقًا معاكسًا تمامًا.

استند إلى الخبرة التي اكتسبها، لا سيّما خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وقرّر أن يُحوّل الانهيار إلى فرصة.

أولى خطواته كانت الحفاظ على كامل فريقه، وصون أمنهم واحتياجاتهم المعيشية.
عمل بمرونة عالية، وأطلق منصة تجارة إلكترونية أصبحت مصدرًا حيويًا لتمويل الشركة، وتأمين الرواتب حتى في عزّ الإقفال التام خلال جائحة كورونا.

ثم بدأ يبحث عن الشركات والعلامات التجارية التي كانت تنهار تحت الضغط، فاستثمر في بعضها، بينما كان غيره يغلق أبوابه ويهرب من المشهد.
وبنظرة استراتيجية طويلة المدى، ركّز على المواقع العقارية المميزة، لا سيما في وسط بيروت، وحجز مواقع استراتيجية رغم الغموض والقلق العام.

لكن الخطوة التي بقيت محفورة في ذاكرة كل من يعرفه، كانت بعد انفجار مرفأ بيروت والدمار الهائل الذي خلفه.
ورغم كل الألم والصدمة، كان غسان الجسر أول من أعاد ترميم فروعه في أسواق بيروت خلال أسابيع قليلة فقط.

وعندما سُئل:

“لماذا رمّمت موقعًا تعرف أنه لن ينتج أرباحًا قبل سنوات؟”

أجاب ببساطة:

“لأن وسط بيروت هو قلب هذا البلد… هو حلم. لم أستطع تحمّل رؤيته مكسورًا. وأنا أؤمن أن لبنان سينهض من جديد.”

بهذا الإيمان، وبهذه الرؤية، وبفضل سرعة التحرك ووفائه لفريقه، وصل غسان الجسر في عام 2025 إلى محطة فارقة، حيث أصبحت “بيرل براندز” واحدة من أنجح شركات التجزئة في لبنان، مع 71 نقطة بيع، وحصة سوقية رائدة في قطاعي التجزئة والتجارة الإلكترونية٠

ويؤكد أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الفريق الوفيّ الذي بقي معه في أحلك الظروف، بالإضافة إلى الثقة الكاملة التي منحه إياها ابن عمّه خيرالدين، والسيد باتريك شلهوب منذ اليوم الأول.

أما في العمل الاجتماعي، فقد اختار الجسر أن يخدم طرابلس بصمت، من خلال جمعية “يد بيد لخير الإنسان”، بالإضافة إلى برامج تعليمية ومبادرات أخرى مع أصدقائه.

فقد رمّم 120 منزلًا في أحياء طرابلس الأكثر حاجة، ودعم أكثر من مئة متجر صغير، وساعدهم في تحسين ديكوراتهم وتأمين البضائع، في مناطق مثل القبة، باب التبانة، الميناء، والأسواق الداخلية.

بدأ هذا العمل في عام 2012، وتوقّف فقط بعد جائحة كورونا والانهيار المالي.
ويقول الجسر:

“هذا المشروع كان الأقرب إلى قلبي، لأنه أظهر لي كيف يعود الناس للإنتاج، وهذا ما تحتاجه طرابلس فعلًا: فرص عمل، وليس مجرد مساعدات فردية.”

غسان الجسر، الذي لمع اسمه أكثر خلال انتخابات عام 2018، حين أشرف على ماكينة والده الانتخابية وحقق أرقامًا فاقت كل التوقعات، لا يزال اسمه محفورًا في ذاكرة الطرابلسيين، لكنه لم يحسم بعد خوضه للاستحقاق النيابي عام 2025.

هو اليوم يستطلع الأجواء، ويقيس نبض الشارع، ويفكر في تشكيل كتلة نيابية طرابلسية تضم شخصيات نظيفة الكف، وقبل كل شيء تمتلك خبرة حقيقية وسجلّ إنجازات فعلي، وسير ذاتية مليئة بالنجاحات، كتلة قادرة على الإنجاز والضغط لتنفيذ المشاريع العالقة في طرابلس منذ سنوات.

ثمة من يقول إن “غسان الجسر” هو فرصة حقيقية لإثبات أن النجاح، والتفوّق، والخبرة المهنية، وكسب ثقة الناس، والوفاء، هي الأساس في الوصول إلى المواقع والمناصب السياسية، وعندها… تصبح الوراثة السياسية أمرًا مشروعًا.
و على مسؤوليتي!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: