
بقلم روعة الرفاعي
مع استمرار الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل، تتصاعد المخاوف من انزلاق لبنان إلى خط المواجهة، خاصة في ظل هشاشة وقف إطلاق النار جنوباً، وعدم تنفيذ القرار 1701 الذي ينص على نزع سلاح كل المجموعات المسلحة خارج الدولة. هذا التعثّر في تطبيق القرارات الدولية، إلى جانب الانقسام السياسي العميق حول سلاح حزب الله، يجعل من لبنان ساحة محتملة لأي تمدد للصراع الإقليمي.
ففي الوقت الذي يتحدث فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال تدخل مباشر في الحرب، تبقى إيران قادرة عسكرياً وغير مهيأة للقبول بأي تسوية تُقصيها عن طموحاتها النووية والإقليمية. ومع تنامي التهديدات، تبقى أذرع إيران في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله، خياراً محتملاً للدفاع عن طهران أو الرد نيابة عنها، ما يضع لبنان على خط النار مجدداً.
القلق اللبناني مشروع، فالموسم السياحي المقبل مهدّد، وأمل اللبنانيين بنهضة اقتصادية مؤقتة يصطدم بغيوم الحرب الآتية من الجنوب وربما من العمق الإقليمي. السؤال الملحّ: هل يبقى لبنان متفرجاً في منطقة تغلي أم سيتحوّل مجدداً إلى ساحة لتصفية الحسابات الكبرى؟
العميد الركن خالد حمادة : الحرب “وقعت فعلياً… ولا عودة إلى الوراء”
و في هذا الخصوص يؤكد مدير المنتدى الاقليمي العميد الركن خالد حمادة أن “الحرب بين إسرائيل وإيران أصبحت واقعاً، وهي تتجلّى في مشاهد الدمار واستخدام أقصى الإمكانات العسكرية من الجانبين”، لافتاً إلى أن ما يجري حالياً ليس مجرد تصعيد بل حرب فعلية تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
وقال حمادة لموقع ” ديموقراطيا نيوز” : “لا قيمة لأي تخمين بعد الآن، فالحرب وقعت، وتنفذها إسرائيل نيابة عن الولايات المتحدة، وبدعم لوجستي و عسكري منها يبداً من الاستعلام الميداني و الاستخباري حتى الذخائر و الطائرات ومنظومات الدفاع الجوي “.
و أشار إلى أن السؤال الأبرز اليوم هو: هل يقتصر الدور الأميركي على الدعم الحالي فقط، أم أننا سنشهد تدخلاً مباشراً في وقت لاحق؟
و أضاف: “الطرفان بلغا نقطة اللاعودة، ولا يبدو أن هناك مجالاً لتسوية سياسية حالياً. المطالب الأميركية من إيران، وفي مقدمتها التراجع عن البرنامج النووي، أمر غير قابل للتنازل بالنسبة لطهران في الوقت الراهن”.
و يتابع حمادة ” أن ما يشهده الإقليم اليوم ليس مجرّد تصعيد عسكري، بل “حرب شاملة على كل المقومات والصعد، تستهدف البنى التحتية العسكرية وتضرب الاقتصاد بهدف تفتيت الجبهات الداخلية لدى الطرفين، وإحداث شرخ سياسي و مجتمعي في العمق”.
و عن الاصطفافات الدولية، أشار إلى أن “الموقف الأوروبي بدأ يتضح، وهو لا يقتصر على دعم إسرائيل في حق الدفاع عن النفس، كما يدّعي الاتحاد الأوروبي، بل يمتد إلى تبني مواقف حادة ضد إيران، لاسيما في ما يتعلق بامتلاكها أو تطويرها لبرنامج نووي”.
و أضاف: “موقف مجموعة السبع ينسجم مع الطرح الأميركي، ما يعني أن الدعم للحرب لم يعد أميركياً فقط، بل أوروبياً أيضاً، ما يمنح التحالف الأميركي-الإسرائيلي غطاءً دولياً واسعاً ويعطي للحرب أبعاداً استراتيجية جديدة”.
وفي ما يتعلق بالموقف الإيراني، قال: “إيران لم تصل عسكرياً إلى النقطة الحرجة التي تدفعها للقبول بتسوية على الطريقة الأميركية، والتي تهدف إلى انهاء دورها النووي والإقليمي. نحن أمام حرب متعددة المستويات: عسكرية، أمنية، اقتصادية، واجتماعية، ستقودنا إلى عالم قد يتجاوز فكرة ’الشرق الأوسط الجديد”.
وحذّر حمادة من اتساع رقعة المواجهة قائلاً: “إيران قد توسّع دائرة الاستهداف عبر أذرعها أو بشكل مباشر ضد مصالح أميركية أو حلفاء أميركا، ما يعمّق الأزمة ويزيد احتمالات الردود الدولية. كلام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن لجنة إقليمية لدراسة الوضع يشي بإمكانية طرح خطة تدخل أكبر، ستناقش مع دول المنطقة”.
أما عن احتمال امتداد الحرب إلى لبنان، فشدّد على أن “لبنان لم يغادر ساحة الصراع أصلاً، وعدم التزام الدولة بتنفيذ القرار 1701 يجعله مكشوفاً بالكامل امام المجتمع الدولي ، والبلاد تفتقر للمناعة السياسية الكافية لمواجهة هذا الخطر”.
و أشار إلى أن “زيارة الموفد الأميركي توماس باراك الى لبنان قد تشكل فرصة لإعادة وضع لبنان على خارطة الحلول، لكن استمرار بقائه في المنطقة الرمادية سيرفع من منسوب الخطر عليه بشكل كبير”.