
تراجعت “قيمة” سلاح حزب الله على مرحلتين بارزتين:
المرحلة الأولى تمثّلت خلال الحرب الأخيرة، حين برز عجز الحزب الواضح عن مواكبة التطوّر العسكري الإسرائيلي، فخسر عددًا من قياداته، وتعرّضت أراضينا للاحتلال، كما فشل في استعادة أسراه، وتعرّضت ترسانته العسكرية لضربات موجعة.
أما المرحلة الثانية، فكانت حين انسحب مضطرًا، وعاجزًا في آن، عن تقديم أي دعم فعلي لإيران، مكتفيًا بإصدار بيانات إنشائية وتنظيم لقاءات تضامنيّة لا تقدّم ولا تؤخّر.
ورغم تعدّد السيناريوهات المحتملة لنهاية الحرب الحالية بين إيران وإسرائيل، إلا أن ما يبدو مؤكدًا هو أن إيران لن تعود إلى ما كانت عليه. فإسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة، نجحت في تجريدها من موقعها كقوة نووية. وبعد انهيار النظام السوري الذي كان يشكّل شريان الإمداد الرئيسي لحزب الله، أصبحت طهران في موقف ضعيف، غير قادرة على دعم الحزب، إذ باتت أولويتها اليوم الحفاظ على نظامها، بعدما تحوّل بقاؤه إلى ورقة ضغط بيد دونالد ترامب.
في ضوء ذلك، ما الجدوى من استمرار سلاح لم يعد قادرًا على حماية حامليه، ولا على التصدي للعدو، ولا على استعادة الأرض؟
وما معنى بقاء هذا السلاح في وقت أصبح الداعم الرئيسي له بلا قدرة ولا نفوذ ولا أدوات دعم فاعلة؟
كل هذا يستدعي من الدولة اللبنانية أن تعيد النظر في طريقة تعاطيها مع ملفي السلاح غير الشرعي، سواء لدى حزب الله أو الفصائل الفلسطينية. ففي ظل المتغيرات المتسارعة، بات من الضروري الإسراع في حسم هذا الملف، وتنفيذ ما لا يمكن تجنّبه: نزع السلاح غير الشرعي بكافة أشكاله.
أما تبريرات التأجيل بحجة “الواقع الداخلي”، أو الحديث المتكرر عن تفهّم بعض السفراء لموقف لبنان، فقد باتت ذرائع غير مجدية. لقد آن الأوان لتحديد جدول زمني واضح لتسليم السلاح، استنادًا إلى الحقيقة البسيطة: لم يعد هناك من جدوى لاستمراره.
بل إن الحكومة مطالَبة بتوضيح الأسباب التي حالت، حتى الآن، دون تطبيق الاتفاق المتعلق بتسليم السلاح الفلسطيني.
ويؤكد هذا الاتجاه ما صدر عن رئيس الجمهورية أمس، حين قال إن “لبنان، قيادةً وأحزابًا وشعبًا، بات أكثر وعيًا من أي وقت مضى لتبعات الحروب التي دارت على أرضه وفي جواره، وهو غير مستعد لدفع المزيد من الأثمان، إذ إن كلفتها فاقت قدرته على التحمّل، ولا مصلحة وطنية في خوضها”.
فما الحاجة إذًا لبقاء هذا السلاح؟
المصدر: داني حداد – mtv