بقلم محمد حندوش
كل السهام تجرح لكن بعضها قاتل، وبعض العلاقات تفيد لكن بعضها يضر،
أحد زعماء المافيا اكتشف بأن المحاسب لديه كان يختلس من أمواله عبر السنين ، حتى وصل مجموع ما اختلسه مبلغ عشرة ملايين دولار !
المحاسب كان أصماً أبكماً يتم التواصل معه عن طريق لغة الإشارة فقط ، وهذا كان السبب الأوحد لاختياره في هذا المنصب الحساس ، فالمحاسب الأصم لن يسمع شيئاً قد يشهد به أمام المحاكم ..
عندما قرر الزعيم أن يواجهه بما اكتشفه عنه ، أخذ معه خبيراً في لغة الإشارة ، وقال له : قم بسؤاله أين العشرة ملايين دولار التي اختلسها ؟! سأله الخبير عن طريق لغة الإشارة ، فأجابه المحاسب بذات اللغة أنه لا يعرف عن ماذا يتحدث الزعيم ..
قال الخبير للزعيم : إنه يقول بأنه لا يعرف عن ماذا تتحدث يا سيدي ..
أشهر الزعيم مسدسه وألصقه بجبهة المحاسب وقال للخبير : اسأله مرة أخرى ..
سأله الخبير ثانية بلغة الإشارة : سوف يقتلك إن لم تخبره عن مكان النقود ..
أجاب المحاسب بلغة الإشارة : حسناً ، النقود تجدها في حقيبة سوداء مدفونة خلف مستودع السيارات الموجود في الحي الخلفي ..
سأل الزعيم خبير اللغة : ماذا قال لك ؟!
أجاب الخبير : إنه يقول إنك جبان ومجرد حشرة ، ولا تملك الشجاعة لإطلاق النار عليه !
حينها أطلق الزعيم النار على المحاسب ، وانتهى الأمر لصالح خبير لغة الإشارة !
خلاصة القصة تفيد إنه من الخطأ الفادح أن تضع ثقتك كلها في ناقل حديث او ناقل وجهة نظر وتبني عليها قرارك ، لعلك تكتشف بعد حين أن تلك الثقة لم تكن في محلها ، فيكون سقوطك مدوّياً ، وتكون خسارتك فادحة !
من الظلم بمكان أن تزرع أزهارك في تربة مالحة،
ولعل أكثر الأخطاء ندماً أن تهدي ثقتك لمن لا يستحقها،
ومن المؤلم أن تكتشف أن فائض الثقة قد انعكس سلباً على حياتك،
من هنا ينبغي اختيار الأصدقاء على قاعدة الثقة، وأن تختارهم كما تختار قدرك، حتى لا يقع الإنسان فريسة لخياراته، فالزمن لا يعود إلى الوراء وأبواب الماضي مغلقة.
ولعلّ الذي يستقرئ تجارب الناس وعلاقاتهم على قاعدة الثقة يكتشف أن خيبات الأمل الكبرى تتأتى من الذين فتحت لهم قلبك، وأسكنتهم حياتك، وأعطيتهم مفاتيح أسرارك، فإذا بهم يعبثون بها من الداخل، وغالباً ما تكون أوجاعهم قاتلة، وتأثيرهم أعمق.
وصدق القائل “الثقة في نفسك فلا تبحث عنها في حدائق الآخرين”
أعدى عدوك أدنى من وثقت به
فحاذر الناس واصحبهم على دخل