رأى رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل أن “اللبنانيين كافة على علم بالفلتان الأمني الحاصل وتحكم الميليشيات على الأراضي اللبنانية”، واعتبر ان “مواقف حزب الكتائب المتقدمة اليوم بما يتعلق بسيادة لبنان ومواجهة كل من يحاول خطف بلدنا، حتمت علينا أخذ الحيطة والحذر والتقيد بالاجراءات الأمنية اللازمة”.
وقال في حديث لبرنامج “المشهد السياسي” مع علي حمادة عبر “هلا لندن”: “طالما أن هناك ميليشيات مسلحة لبنانية وغير لبنانية داخل الأراضي اللبنانية، وطالما ان الدولة اللبنانية عاجزة عن ضبط سيادتها، فإننا سنشهد على مزيد من تفلتات أمنية والوضع سيزداد سوءا”.
أضاف: “لم نخرج من زمن الاغتيالات، فإغتيال لقمان سليم حصل في العام 2021 ، كما وأنه ما زلنا نعيش تحت وطأة الضغط والتهديدات المستمرة، ناهيك عن العنف الكلامي والتحريض، وبعضها يترجم على أرض الواقع، وطالما أن هناك وجودا لميليشيات مسلحة يقابلها تفلت على الحدود سيبقى الوضع على حاله، وما جرى في حادثة اغتيال المسؤول القواتي باسكال سليمان يسلط الضوء أولا على مشكلة تفلت الحدود، وسيطرة حزب الله على هذه النقطة، ووجودهم ايضا في الداخل اللبناني والسوري، ما يؤكد أن هذه المنطقة أصبحت متاحة لكل أنواع الجرائم والسرقات والتهريب بكل أنواعه”.
واعتبر ان “في كل ما نمر به، لاحظنا الغياب التام لعمل قوى الأمن الداخلي وبخاصة في المهمات الكبيرة التي تتطلب وجودهم، والأسباب الكامنة وراء هذا الغياب معروفة ان من ناحية الامكانيات من جهة وانخفاض عدد العناصر من جهة أخرى، لكن هذه المشكلة تفتح الأبواب أمام كل أنواع الجرائم الفردية أو المنظمة، ما يساهم في خلق جو من التوتر والخوف عند المواطنين”.
ولاحظ أن “الأمور باتت واضحة، وسياسة حزب الله تضرب وجود الدولة وهيبتها، وتعرقل قدرتها على ضبط حدودها ما يساهم في ارتفاع عدد الجرائم والسرقات وانتهاك القوانين، وأما الاستهداف السياسي الذي يحصل بسبب موقف سياسي معين فسبق ورأيناه في فترة 14 آذار وما بعدها، فهذه الجرائم تختلف عما نراه اليوم ولا يمكن تأكيد اذا ما كانت تنطبق على ما جرى مع باسكال سليمان، فنحن بانتظار التحقيقات لمعرفة خلفيات هذه الجريمة”.
وقال: “يمكن تأكيد مفهوم الاستهداف السياسي الواضح كما حصل مع لقمان سليم بسبب مواقفه السياسية، كما وأن حملات التحريض والتخوين التي نتعرض إليها اليوم تصب أيضا في خانة الاستهداف السياسي”، لافتا الى ان “عدم كشف أي خيط لأي جريمة حصلت في لبنان من انفجار مرفأ بيروت الى الاغتيالات وصولا الى الجرائم والسرقات هو القاسم المشترك بينها، والمحطة التي يمكن تأكيد أهمية وصولها الى الحقيقة كانت قرار المحكمة الدولية في ما خص اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي وصلت بدورها الى أحد خيوط هذه الجريمة واتهمت حزب الله فيها، فيما القضاء اللبناني الداخلي عاجز عن الوصول الى الحقيقة والمحاسبة في أي جريمة سياسية”.
تابع: “بالعودة الى موضوع المحكمة الدولية، لا بد من الاشارة الى انه تم اقفالها ولم يسلط الضوء على هذا الأمر، كما وأنه تم إقفال الموقع الالكتروني التابع لها والذي يتضمن أرشيف التحقيقات التي حققت بها، وهذا ما منع الشعب اللبناني من الاطلاع على نتائج التحقيقات، كل هذا بسبب عدم قدرة الدولة اللبنانية على تسديد المستحقات المتوجبة عليها تجاهها، كما وأنها استهترت بموضوع الحصول على نسخة من أرشيف هذه المحكمة لوضعه بتصرف الرأي العام، فهناك محاولات لإغلاق هذا الملف ومحو معالمه من الذاكرة، تماما كما حصل في ملف تفجير المرفأ وملف أموال المودعين الذين خسروا جنى عمرهم والمتهم يعيش حياة الرفاهية على الرغم من الملاحقات القضائية الدولية التي تعرض لها، فالبلد مركب على أساس اللاعدالة وعدم المحاسبة”.
ولفت الى أننا “نرى كل يوم حادثة أمنية، والحل ليس بالأمن الذاتي الذي هو هروب الى الامام ويؤدي الى مزيد من المشاكل، بل بأن يتحد الشعب وينتفض على واقع انهيار الدولة والمؤسسات”، وقال: “يدفعوننا الى ان نحمي أنفسنا، وتواصلت مع الأجهزة الأمنية بعد التهديدات التي تلقيتها وبحثنا كيف نعالج الموضوع الأمني وللأسف كان التجاوب واحدا في المئة، ويجب ان نتكل على أنفسنا لا ألومهم لان لا قدرة لديهم ولا عناصر، والقوى الشرعية يجب ان تتحمل المسؤولية”.
وعن التنسيق بين “القوات” و”الكتائب” بعد جريمة مقتل باسكال سليمان، قال: “المهم هو الموقف السياسي وعندما سقط اتفاق معراب وعادت القوات الى الخط التاريخي، عادت العلاقة وكان الخلاف حول التصويت لميشال عون، وكنا في المعارضة للحكومة التي كانت القوات فيها مع فريق التسوية وعندما سقط اتفاق معراب عاد اللقاء بالموقف السياسي، وبعد انفجار المرفأ خلقنا اطارا للتعاون وهو مستمر ونحن في النهاية لا نحيد عن مبادئنا ولا حسابات ضيقة واعتبارات خاصة لدينا، وتضامننا مع القوات مبني على قناعة ومن واجبنا أن نقف الى جانبهم في المأساة التي عاشوها”.
أضاف: “نتفق مع القوات على الخط العام والمواجهة مع حزب الله، واليوم هناك عملية تحرير للبلد يجب ان تحصل ونتمنى ان نستمر في هذا الاتجاه، ومن الطبيعي ان نكون الى جانب بعضنا البعض في المرحلة المقبلة واعتبارنا الوحيد ان نكون متفقين الى أين نذهب والإشكال مع القوات لم يعد موجودا والتنسيق دائم”.
وعن حرب الجنوب ومساندة غزة، أوضح الجميل ان “حزب الله قال من الأساس انه فتح جبهة مساندة، ما يعني انه يقوم بعمل هجومي لا دفاعي وبالتالي لا يمكنه ان يهجم ويدافع في الوقت نفسه ، وعليه ان يختار وهو يقول بالأمرين معا. لذلك هناك تناقض في الموقف ومشكلة حزب الله انه يريد في الوقت عينه ان يقول للفلسطينيين انه يدافع عنهم، وان ايران تدافع عن القضية الفلسطينية تحت عنوان الهاء اسرائيل، في وقت انه لم يقدر ان يلهي اسرائيل ونرى الدمار الكبير في غزة”، واعلن ان “خطوة حزب الله فشلت لان اسرائيل لم تلته، بل اكملت عملها ودمرت غزة وقتلت الآلاف ومن جهة أخرى يقول انه يدافع عن اللبنانيين وهو تسبب في الهجومات عليهم. وانطلاقا من هنا حزب الله يناور بمستقبل لبنان ويقرر عن اللبنانيين وهذا خطف لقرار الحكومة ، وإعلان وضع اليد على البلد والحكومة حليفة حزب الله والشرعية تغطي الحزب لانه تمكن من وضع يده عليها”.
وعن الرد الايراني على اسرائيل، رأى ان “ايران أنذرت اسرائيل قبل 3 ايام من القصف ونسقت مع الأميركيين كيفية إسقاط الصواريخ قبل إطلاقها، وبالتالي ايران وحزب الله لا يريدان ان يذهبا الى مكان يعرضان فيه المنظومة للأذى والخطر، ولكنهما لا يمكنهما ان يضمنا ردة فعل اسرائيل وهناك احتمال كبير ان يكون لاسرائيل مصلحة لضربنا، وحزب الله وايران يغطيان هذا العذر لاسرائيل كي توسع نطاق الحرب على لبنان، وهذا ما نخشاه وحزب الله يأتي بالدب على كرمنا”.
ولاحظ ان “كانت لدينا فرصة للتهدئة لان المجتمع الدولي كان يعمل لمنع توسع الحرب وكان علينا ان نستفيد لتطبيق القرار 1701 لحماية لبنان، وبالنسبة لنا الحل هو ان تستعيد الدولة سيادتها على كل الاراضي وان ينتشر الجيش على الحدود ونطبق القرارين 1559”. و1701″، وقال: “أحترم كل انسان يموت في سبيل قضيته، وآسف على خيرة شباب ذهبوا ضحية سياسة خاطئة من قبل حزب الله، وكان بإمكانهم ان يسهموا في بناء لبنان المستقبل ولكنهم باتوا جزءا من استراتيجية ايرانية على حساب لبنان”.
وشدد على ان “اداء حزب الله تقسيمي لانه يضع اللبنانيين أمام خيارين سيئين: الخضوع والقبول بالعيش مواطني درجة ثانية وهناك من يقرر عنهم ، او ينتفضوا عليه بحرب”، معتبرا ان “الحزب يأخذ البلد الى التوتر ويجرنا الى خيارات صعبة ومستحيلة”، وقال:”الى الآن نحن نرفض الانجرار إلى منطقه، وهذا لن يستمر، ونحن لدينا الحكمة في التعاطي لاننا حريصون على البلد ووحدته، ولكن الحزب يجرنا الى مكان كي نقبل بأن نكون أهل ذمة وهو يتحمل مسؤولية اي امر قد يحصل ويفقدنا السيطرة”.
ورفض الجميل “أداء حزب الله ووجود السلاح والتهديد المستمر والتخوين والتعاطي الفوقي، وكلام نصرالله الأخير الذي توجه من خلاله بطريقة استفزازية الى الشارع اللبناني”، وقال: “اليوم هناك ميليشيا مسلحة تهدد وتجرنا الى الويلات، فيما نحن نلتزم القانون والدستور والمؤسسات، ونريد العيش بسلام فما هي الجريمة التي نرتكبها؟”
وجدد الجميل التأكيد ان “لبنان مخطوف والدولة الشرعية مخطوفة”، معتبرا ان “على حزب الله ان يقبل بشروط الدولة كي لايذهب البلد الى المجهول لاننا لن نقبل ان نعيش مواطني درجة ثانية”، وقال: “نهدئ النفوس ولكن الأمور قد تخرج عن السيطرة ، ولا يمكن ان نمنع النزعة الإنفصالية في حال وجدت لدى المواطنين الذين يشعرون انهم غرباء في بلدهم، ويجب ان نعالج أسباب المشكلة أي أداء الحزب التخريبي للكيان اللبناني، ويجب ان يتحمل المسؤولية ولكن المشكلة سندفع جميعنا ثمنها، والحل بتطبيق القرارات الدولية وتسليم الحزب سلاحه واستعادة الدولة سلطتها على كامل الاراضي والا الاستسلام الذي لا نقبله او حال الفوضى والصدام التي أيضا نرفضها”.
أضاف: “يمكن أن نعيش مع جمهور حزب الله ولكن لا مع عقيدة الحزب الدينية والمتعصبة التي قامت بغسل دماغ المحازبين، والخيار عند هؤلاء اللبنانيين هو أن يقرروا هل يريدون ان يكونوا جزءا من مشروع الحرس الثوري الايراني في المنطقة، وجنودا لدى ولي الفقيه على صعيد معركة عالمية هدفها أسلمة الأرض وتحويل الدول الى امبراطورية ايرانية تدار من فكر الحرس الثوري الايراني او ان يكونوا لبنانيين يتعاونون من أجل بناء الدولة”.
تابع: “سأبقى أقول كلمة الحق باحترام وحقي ان اعيش بكرامة لن اتنازل عنه، والباقي قابل للنقاش وهدفنا ان نعيش على أرضنا بكرامتنا وحريتنا مع سائر اللبنانيين وعلى جمهور الحزب ان يقرروا ما اذا كانوا يريدون ان يستمروا بالمنطق الانفصالي عن مفهوم الجمهورية، او ان يكونوا ضمنها ونحن سنكون مرحبين”، وأكد “التمسك بلبنان الحرية والتنوع والانفتاح والثقافة والجمال والحياة والتطور، مقابل فريق آخر يدخل مفاهيم غريبة عن لبنان الذي نعرفه، ويريد ان يبقى في حال حرب ودمار مستمرة من أجل تحقيق أهداف غير لبنانية وهذه عقيدة غريبة عن المجتمع”.
واذ لفت الى ان “منطق حزب الله معاكس لتاريخ الطائفة الشيعية في لبنان التي هي منفتحة، وكانت جزءا من النسيج اللبناني والعائلات التي شاركت في انماء البلد وتطويره”، اعتبر ان “القرار يجب ان يكون لدى أبناء الطائفة: اما ان يدافعوا عن فكرة لبنان او ان يسمحوا بأن يدخل على الجسم منطق لا علاقة له بالنسيج اللبناني ولا بتاريخه جراء عقيدة ولدت في الثمانينيات”.
وقال: “هذا الفكر والمنطق لم يكن له وجود في المنطقة كلها، والمال والعنف والسلاح والتحالفات الاقليمية خلقت منظومة جديدة في المجتمعات العربية تحاول ان تغير هوية الدول والمجتمعات خدمة لمصالح المشروع الثوري الايراني، وهو مشروع يتخطى حدود الدول كالمشروع الشيوعي ولا يعترف بالحدود ومرجعيته ايران والمشكلة ان حزب الله حول لبنان من دولة مستقلة قائمة الى جزء من مشروع كبير يمكن ان يضحي به من اجل انجاح المشروع الكبير”.
وعن انتخاب رئيس الجمهورية، رأى الجميل ان “لبنان لم يدخل في فراغ رئاسي الا على ايام حزب الله”، وقال: “حذرنا مرارا من ان لبنان لن يكون جائزة ترضية لحزب الله بأي شكل من الأشكال، وليفكروا بما يريدون ويخططوا، فنحن مؤتمنون على مستقبل البلد ولن نسمح بأن يكون لبنان ضحية او ثمنا يدفع لأمن اسرائيل، ومن يريد أمن اسرائيل فليقدمه من حسابه لا من حساب البلد”، وأكد ان “ثمة معارضة متينة موحدة وجامدة وصامدة ضد مشروع حزب الله، وتتألف من 31 نائبا وهم نواة صلبة للمواجهة أخذوا خيار المواجهة لمنع الحزب من فرض قراراته، والى جانب المعارضة نلتقي بالملف الرئاسي مع الحزب الاشتراكي على سبيل المثال، كما أننا خلقنا تقاطعا مع التيار الوطني الحر في ترشيح جهاد أزعور، وهذا لا يعني ان التيار بات جزءا من المعارضة لاننا بموضوع حزب الله لسنا على الموجة نفسها مع التيار، ونتمنى ان يعود الى شعاراته السابقة واعتبار سلاح حزب الله عدو الدولة”.
وقال:”نشجع التقارب مع التيار الذي نتمنى ان يكمل في مساره الرافض وحدة الساحات، ولكن يهمنا رفض السلاح غير الشرعي والمقاومة بمعزل عن الدولة وهو ما لا يقوله التيار الى الآن وهو طالما انه يدعم وجود الميليشيا المسلحة لن يكون قريبا منا”.
وتابع: “لا ننظر بسلبية الى ما يقوم به التيار، بل ندعوه الى ان يكمل المسار فلا يكفي ان يتخذ موقفا من حرب غزة بل ان يتخذ موقفا مبدئيا من استعادة الدولة سيادتها الكاملة، وتسليم السلاح الى الجيش ونتمنى ان يصل التيار الى هذا المكان”، وأوضح ان “ترشيح أزعور لا يزال قائما بانتظار معطيات جديدة، وانا مقتنع انه مقبول من الجميع وهو ليس مرشحنا بل مرشح مستقل وسطي، ودعمناه من منطلق اننا اردنا اعطاء فرصة للتوافق ولكن المشكلة ان الفريق الآخر متمسك بخياره ولم يزح عنه”.
وأكد اننا “نكرس حياتنا للبنان الذي نحلم فيه، ولن نسمح بسسب موجة عابرة ان تتغير هويته لاسيما ان الموجة العابرة ليست في السياق التاريخي والبشرية ليست ذاهبة الى مفهوم العنف والحروب والالغاء انما الى الانفتاح والعيش بسلام”.
وختم: “أتفهم من قرر الهجرة، لان ما نعيشه غير طبيعي ولكن يستحق لبنان ان نضحي من اجل الحفاظ عليه، فهنا تاريخنا وجذورنا ووجداننا والمهم ان نتوحد، والدعوة مستمرة لتكوين الجبهة العريضة الى ما يتخطى المجلس النيابي وذلك بهدف خلق التوازن مع السلاح، ومتأكد أننا قادرون على ذلك وهو ما سيعطي النتيجة النوعية والأمل بالنهوض، وسينظر المجتمع الدولي لنا بنظرة أخرى”.