لا شك أن المواطن اللبناني على مساحة الوطن عاش يوميّ الثلاثاء والأربعاء الماضيين حالة من الصدمة المقرونة بالرعب والخوف جرّاء التفجير الذي طال أدوات البيجر والأجهزة اللاسلكية وسقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى الذين بترت أصابعهم وخسروا عيونهم ، بحيث تحوّل البلد من أقصاه إلى أقصاه ” وبكبسة زر” إلى “خليّة نحل” انسانية للتبرع بالدم وانقاذ واسعاف الضحايا ، فهل ما شهدناه مرحلة وإنتهت ؟! ، أم أننا دخلنا بالفعل حرب تكنولوجية لا يمكن للمواطن أن يدري حيثياتها فلا يعرف كيف يهرب ولا أين يختبئ ، عليه المواجهة فقط باللحم الحيّ إن بقي لديه ما يحمي جسده النحيل في وطن مهترئ منهار يقبع منذ سنوات في قعر جهنم ولا أمل لديه في التصدي عمّا عجز حتى “حزب الله” عن التصدي له!!.
البيجرات مفخخة
المستشار في شؤون تكنولجيا المعلومات والإتصالات عامر طبش قال لموقع ” ديمقراطيا نيوز” : ” أجهزة البيجر التي تم تفجيرها كانت مفخخة بمادة خفيفة الوزن جداً لكنها شديدة الإنفجار ، وهي من نوع TNT تم خلطها بمادة “البوليمر” الآمنة والغير خطرة ، لكن تحولها إلى معجونة يمكن دمجها بالبطارية، وإنفجار البيجر كان في النصف الأدنى حيث بقيت أجزاء من البطارية لتحدد هويته، يمكن القول بأنّ إنفجار بطارية الليثيوم لا تلحق الضرر الكبير في حال إنفجارها لكن هي كانت الصاعق الذي تسبب بإنفجار المادة المدمجة معها مما أدى إلى بتر الأصابع وحرق العيون وإلحاق الجروح الخطيرة في الخاصرة وغيرها من الأماكن الحساسة والوصول الى هذا العدد الهائل من الجرحى ولاستشهاد البعض منهم “.
وتابع:” بطارية الليثيوم ” تفقع” ولا “تنفجر” والفرق كبير بين الحالتين ، وإنفجارها مع المادة المتفجرة حوّلت شظايا البلاستيك إلى رصاص تسبب بكل هذه الإصابات، وما حرك الصاعق هو رسالة وصلت للأجهزة والبرمجة الموجودة فيها نفذت العملية طبقاً لها ، بمعنى الرسالة نقلت أمراً أدى إلى إرتفاع حرارة بطارية الليثيوم بشكل سريع متفاعل مع المادة مما أدى إلى إنفجارها”.
شائعات لا قيمة لها
ورداً على سؤال حول الخوف من إنفجارات قد تلحق بالهواتف الخليوية والطاقة الشمسية ، قال طبش: “المخاوف أتت نتيجة بث شائعات هدفها البلبلة والتسلية والغباء، من نشر الشائعات لم يكن لديه أدنى مقومات الإحترام والأخلاق كونه ساهم في إخراج المواطن من منزله بعدما لم ينجح في فصل أنظمته الشمسية ، الحقيقة أن الهواتف الذكية لا تنفجر إلا إذا كانت مدمجة بنفس المواد المتفجرة الموجودة في البيجر والأجهزة اللاسلكية، واذا ما وصلت بطارية الهواتف إلى حرارة معينة فإن الجهاز ينطفئ ويبرّد نفسه بعمليات جداً متطورة لا خوف منها، وهذه المعايير موجودة في كل دول العالم وتطوير أنظمة الحماية في الهواتف الذكية إجتاز أشواطاً مهمة ، كذلك أنظمة الطاقة الشمسية المحميّة بشكل كبير فلا خوف من هذه الأمور “.
وأضاف:” لقد تواصلت مع كل الأجهزة الأمنية والكل أكد بأنه ما من عمليات إنفجار في الطاقة الشمسية ولا الهواتف الذكية في كل لبنان هناك فقط إنفجار لبطاريات في الجنوب بسبب وجود أجهزة اللاسلكي بالقرب منها”.
ماذا بعد مرحلة الضياع؟!
وعن المرحلة المقبلة يقول:” حالياً إنتهت مرحلة الحرب الجديدة ، الإسرائيلي أنهى مرحلة مع التفجيرات التي تعرض لها لبنان وسينتقل إلى مرحلةً جديدة، و”حزب الله” كمنظومة ومقاومة باتت وسائل الإتصال لديه محدودة جداً ، وقد يكون المطلوب عسكرياً من إسرائيل الإنتهاء من هذه المرحلة بعد خلق حالة من الضياع بسبب فصل الجبهات عن بعضها البعض ، والتأخير في تسليم التعليمات ، نحن بإنتظار ما تخطط له إسرائيل بعد ضرب الشبكة الأرضية الخاصة بالحزب وإمكانية التنصت وبالتالي منع “حزب الله” من استخدام الهواتف الذكية والشبكة الأرضية والأجهزة اللاسلكية”.
ورأى طبش أن ضرب شبكة الإتصالات عند الحزب أدت إلى ” القضاء على جسم أساسي من ضمن منظومته والغريب في الموضوع أن الحزب الذي وقع في هذا الفخ ، كيف سيحمي أمن عناصره ومنظومته وهيكليته ؟! ، وفي حال إستلم البلد كيف بإمكانه الحفاظ عليه؟!.. لا نعرف كيف لم يتنبّهوا لمثل هذه الأمور التقنية !!.. اليوم لا بد للحزب من أن يعترف بالتفوق الهائل للإمكانيات السيبرانية والتكنولوجية لدى إسرائيل ، هذه المنظومة التي تم ضربها هي إحدى العواميد الأساسية والمهمة لنجاح أي عمل عسكري”.
وهل من مفاجآت في المرحلة المقبلة؟
وتابع: “قد تكون المرحلة المقبلة مرتبطة من جهة إسرائيل بإستخدام الأدوات العسكرية التقليدية ، إنما هذا لا يمنع أن تكون محتفظة ببعض الأوراق التي من الممكن أن تتسبب بأضرار في الجسم التكنولوجي للحزب ، وهنا نذكر بالتشويش الذي قامت به إسرائيل على أجهزة GPS بهدف منع الحزب من توجيه الصواريخ الدقيقة على الأراضي المحتلة ، وكان التوجيه نحو مطار رفيق الحريري الدولب تحديداً ، كذلك الأمر بالنسبة للدرونات وهذا أول تفوق تكنولوجي أعاد خلط الأوراق لدى الحزب، في كل الأحوال علينا الإنتظار كون الحزب لا يصنع معداته ولا سلاحه، وفي مجال الطيارة من دون طيار “حزب الله” يصنع الجسم فقط إنما لوحة التشغيل والموتورات والمراوح والكاميرات كلها مستوردة من الخارج فهل تحمل في طياتها مفاجآت من قبل إسرائيل للحزب؟!..