برّي: اللائحة الرئاسية قصيرة جدًّا.. وهذا الأوفر حظًّا

ملفان يشغلان الساحة اللبنانية حاليا، الأول “حامي” ويتعلق بالحرب الإسرائيلية التي توسعت منذ 17 أيلول الماضي، وبلغت الذروة باغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في 27 منه، وما تلا ذلك من قصف مدمر للضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب ومحاولة توغل بري باءت حتى الآن بالفشل.

أما الملف الثاني فمؤجل لا بل متراكم، ويتعلق باستحقاق رئاسة الجمهورية المتعثر إنجازه منذ 31 تشرين الأول 2022، وقد تلقى دفعا قويا في هذا المجال في الاجتماع الثلاثي لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، والذي ضم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط.

وقد كلف المجتمعون الرئيس ميقاتي لقاء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، لمناقشة الملف الرئاسي معه، وتحديدا طرح اسم مرشح توافقي يتم التوصل اليه مع الكتل المسيحية الكبرى المؤلفة من أحزاب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”الكتائب”، مع محاولة ضم الكتلة الجديدة التي أطلق عليها اسم “اللقاء التشاوري” وفيها نواب خرجوا أو أبعدوا من “تكتل لبنان القوي” والنائبان نعمة افرام وميشال ضاهر.

في الملف الأول خشية من توسيع إسرائيل استهدافاتها لتطول البنى التحتية اللبنانية، وقد برزت في هذا الشأن ممانعة أميركية لهذه الخطوة، من دون ضمان استبعادها، بسبب ما يواجهه الجيش الإسرائيلي من صعوبات في الميدان على الحدود البرية مع لبنان. وتسربت أمس في بيروت معلومات عن نية إسرائيلية بقطع الطرقات التي تصل الجنوب بالبقاع وصيدا، لفرض حصار على مقاتلي “الحزب” في القرى والبلدات الحدودية.

وفي الملف الثاني، محاولة دفع قوية بدت متناسقة مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي التقى تواليا وعلى مدى يومين بري وميقاتي. ويأتي توجه الأخير إلى الراعي، من أجل ضمان مباركته وتاليا تأمين النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس البالغ 86 نائبا، ومشاركة كتلة نواب “القوات اللبنانية”. وهنا يبذل الجهد لتفادي الدخول في اعتراضات من مكونات مسيحية كبرى على هذا المرشح أو ذاك، علماً أن الرئيس بري كان أشار في دردشة مع “الأنباء” إلى أن لائحة أسماء المرشحين التوافقيين قصيرة جدا. وردا على سؤال عن اسم يتردد بقوة، أجاب بري: “هو أحد أكثر المرشحين الجديين لغاية الآن”. 

وأكدت مصادر خاصة مقربة من الحزب “التقدمي الاشتراكي” لـ”الأنباء”، أنه اتفق في الاجتماع الثلاثي في عين التينة “على التنسيق التام، أولا حيال دقة المرحلة ومقتضياتها على مختلف المستويات، وكذلك على الاتصالات المطلوبة والضرورية مع ما يمكن فعله تجاه عواصم القرار الدولي، لحثها على ممارسة الضغط على إسرائيل للقبول بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، الذي سبق وقبل به السيد نصرالله”. 

وأضافت المصادر: “يبدو الوقت سانحا تحت النار والقصف، لتكثيف الاتصالات مع جميع القوى السياسية الداخلية، لانتخاب رئيس توافقي للجمهورية، وفقا للطرح – المبادرة من الرئيس بري للتوافق على رئيس وفاقي، من أجل تشكيل سلطة متكاملة للعمل على مواجهة المخاطر، باعتبار ان الحرب طويلة مقارنة بالوضع في غزة، ما يستدعي وجود سلطة فعلية تعمل على إدارة الأزمة. من هنا فإن المرحلة تقتضي موقفا وطنيا جامعا لإنجاز الاستحقاق”. 

وجزمت المصادر بأنه “لم يتم التطرّق إلى أسماء خلال اللقاء. واتفق على ترك الأمور وفقا لما سيظهر من نتائج لقاء الرئيس ميقاتي والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ومعرفة وجهة نظر الأخير حيال الاستحقاق”. 

وتابعت المصادر: “ستتبع ذلك لقاءات مع مختلف القوى السياسية، من ضمنها حراك سيقوم به اللقاء النيابي الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي في هذا المجال، بتوجيه من وليد جنبلاط، من أجل الدفع باتجاه التسوية المطلوبة بهذا الخصوص”. 
وشددت المصادر عينها على “أن اللقاء ليس اصطفافا سياسيا جديدا، او حتى إسلاميا، وإنما يشكل مدماكا أساسيا للانطلاق في تلك المهمة على نحو سريع”. 

كذلك قال مصدر نيابي بارز لـ”الأنباء”: “عبر اجتماع عين التينة الثلاثي عن التحسس بمدى خطورة الوضع، وهدف إلى القيام بمبادرة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال التحرك على خطين، الأول إعلان الاستعداد لتنفيذ القرار 1701، من خلال نشر الجيش في الجنوب ليتولى حفظ الأمن مع القوات الدولية على الحدود، ما يعني فك الارتباط بحرب غزة، والثاني إسقاط كل الشروط حول شخص الرئيس وآلية انتخابه”. 

وصدر عن الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” البيان الآتي: “بدلا من أن يلاقي فريق الممانعة صمتنا بالإيجابية المطلوبة، ولاسيما بعد أن أغرق البلد وشعبه في المآسي التي نعيشها في الوقت الحاضر، يتابع هذا الفريق حملاته المعهودة يمينا ويسارا لتبرير ما فعلته يداه بلبنان واللبنانيين (…) وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، فالقوات اللبنانية جاهزة في أي وقت للتجاوب مع دعوة رئيس المجلس مع جلسة انتخابية فعلية بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية”. 

وزار النائب وائل ابو فاعور مقر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع موفدا من وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط.

وكشف أبو فاعور، ردا على سؤال، عن انه “لمس تجاوبا من قبل رئيس حزب القوات في عدد كبير من القضايا، فيما يحتاج بعض منها إلى تدقيق اكثر، ولكن الأجواء إيجابية ويمكن البناء عليها”. 

وفي الميدان، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن حدثا خطيرا وغير عادي وقع في شمال إسرائيل من دون أن توضح ماهيته. وذكرت أن طائرات مروحية هرعت إلى مناطق الاشتباكات على الحدود مع لبنان.

وأعلنت قيادة الجيش في بيان “استشهاد أحد العسكريين نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركزا للجيش في منطقة بنت جبيل – الجنوب، وقد ردت عناصر المركز على مصادر النيران”. 

جاء ذلك بعدما أعلن “حزب الله” قصف تجمعات للقوات الإسرائيلية في عدة مستعمرات منها أفيفيم والبصة وسعسع برشقات صاروخية.

وتداولت معلومات عن وقوع قتلى وإصابات في قوة اسرائيلية من لواء غولاني اثر تفجر عبوة ناسفة في مارون الراس جنوبي لبنان، وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية ان مروحيات اسرائيلية نقلت جنودا قتلى وجرحى بعد اشتباكات في الشمال.

وكانت إسرائيل وسعت النطاق الجغرافي لضرباتها، باستهداف شقة في مبنى بمنطقة الباشورة في العاصمة بيروت، بصواريخ تردد انها أطلقت من بوارج حربية، ما أحدث دويا كبيرا في أرجاء العاصمة، وتسبب بحالة من الذعر للناس، ولم يسلم الموتى الراقدون في مقبرة الباشورة، اذ تكسرت لوحات رخام خاصة بالأضرحة.

في حين استمرت الغارات على الضاحية الجنوبية، وتسببت بسقوط مزيد من الأبنية، فيما يبدو هدفا إسرائيليا لتدمير الضاحية بالكامل كما فعلت في حرب تموز 2006.

وفي سياق متصل، علمت “الأنباء” أن الفاتيكان دخل على خط تثبيت صمود الأهالي في مناطق حدودية عائدة لقرى مسيحية، وأجرى اتصالات واسعة حفاطا على العيش المشترك في الجنوب، ولمنع زيادة أزمة النزوح، وما ترخيه من ضغط إنساني واجتماعي على بقية المناطق. وكشفت معلومات عن تنظيم قوافل إغاثة إلى هذه القرى والبلدات، لتأمين المواد الغذائية والطبية والمشتقات النفطية، وكانت طليعتها يوم أمس، بمبادرة من “التيار الوطني الحر” عبر قيادة الجيش وبالتنسيق مع “اليونيفيل”.

كما بدأت ملامح حركة إجلاء جوي لسفارات دول كبرى. وكانت الولايات المتحدة الأميركية سباقة في الاعلان عن إجلاء عدد من رعاياها وغالبيتهم من مزدوجي الجنسية اللبنانية والأميركية.

وشوهد أمس تحليق مكثف لمروحيات عسكرية ضخمة فوق قاعدة حامات الجوية في الشمال، حيث يوجد مدرج للطائرات المدنية والعسكرية. وتبين انها تعود إلى القوات البريطانية التي تقوم بمهمات روتينية في نقل العتاد من قبرص، بحسب مصدر أمني رسمي لبنان.

وفي الجانب الفرنسي، تحدثت صحيفة “لوموند” في نسختها الرقمية عن خطط إجلاء لزهاء 24 الف فرنسي مقيمين في لبنان، بدأت عبر تسيير رحلتين إضافيتين يوميا من مطار بيروت الدولي عبر “الميدل إيست” تنقلان المئات على نفقتهم الشخصية، إلى إعداد خطة إجلاء كبرى عن طريق البحر في حال خروج المطار عن الخدمة.

المصدر:”الأنباء ” الكويتية

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top