بقلم روعة الرفاعي
تحتضن مدينة طرابلس آلاف النازحين من القرى والبلدات الجنوبية يتوزعون على مراكز الإيواء في المدارس و المعاهد الرسمية و فندق طرابلس الذي إستقبل المئات منهم منذ اللحظة الأولى للغارات العنيفة التي إستهدفت القرى الجنوبية.. و كان الخوف في ظل الإنهيار الإقتصادي الحاصل الذي يخيّم على لبنان بشكل عام و مدينة طرابلس بشكل خاص أن تكون المواجهة كبيرة بين أهالي طرابلس من جهة و النازحين من جهة أخرى ، لكن الحقيقة أتت عكس ذلك حيث هبت الجمعيات الخيرية وأبناء المدينة لإستقبال النازحين وتقديم المساعدات الفردية في كافة المراكز و المناطق.
فهل نجحت طرابلس فعلياً في إحتضان هذا العدد الهائل من النازحين ؟؟..
محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا وفي حديث خاص لموقع ” ديمقراطيا نيوز” يؤكد أن طرابلس بكل أطيافها غمرت النازحين بعاطفتها و لم تقصّر بالخدمات، إلى أن بدأت الدولة اللبنانية إستلام زمام الأمور، و بالرغم من الضغط الحاصل إلا أنه لا خوف على طرابلس من الجانب الأمني الممسوك من قبل الجيش اللبناني و عناصر قوى الأمن الداخلي.
الأمور جيدة مقارنة بالأوضاع
و عن الوضع الحالي يقول :” بداية كان هناك صعوبة في إحتواء أزمة النازحين لكن الأمر لم يستمر طويلاً و اليوم باتت الأمور جيدة و الكل يمكنه أن يتلمّس الإرتياح و الإكتفاء طبعاً ضمن الإمكانيات المتوفرة وعنيت المساعدات التي نقدّمها من خلال الجمعيات والمنظمات الدولية والهيئة العليا للإغاثة والهيئة الوطنية ، إزاء ذلك يمكن القول بأن الأمور تتحسن ولا نجد بأنّ هناك نازحاً يشتكي من قلة المساعدات و هناك وجبات ساخنة بشكل يومي إضافة إلى كل المستلزمات المطلوبة من فرشات وشراشف ومياه وحليب وحفاضات للأطفال، لكننا على يقين تام أن النازح لا يعيش بسلام بعيداً عن أرضه ومنزله وجنى عمره ونأمل أن تنتهي الحرب ليعودوا إلى قراهم وبلداتهم “.
المساعدات داخل وخارج مراكز الإيواء
ورداً على سؤال حول كيفية توزيع المساعدات على النازحين يقول القاضي نهرا:” هناك آليتين للتوزيع إحداها للنازحين داخل مراكز الإيواء والذين يقارب عددهم حالياً حوالي 14 ألف نازحاً، وهناك من هم خارج المراكز وعددهم أكبر بكثير وهو يفوق 55 ألف وهم يستفيدون من المساعدات بطريقة واضحة و بسيطة من خلال الهيئة الوطنية والتي تأتي من الإمارات العربية المتحدة و من قطر و المملكة العربية السعودية وكل الدول التي تقدم المساعدات بحيث تستلمها الهيئة الوطنية و تقوم بدورها بتوزيع الحصص على مناطق النزوح و منها طرابلس التي تستقبلها ضمن مستودع مركزي في معرض رشيد كرامي الدولي ومن ثم يتم توزيعها للقائمقامين و من خلالهم للبلديات و إتحاد البلديات بحسب اللوائح التي تضم أسماء النازحين الذين يحتاجون لمثل هذه المساعدات.
و هنا لا بد من الإشارة إلى أن هناك نازح لا يحتاج لمساعدة و هو يملك القدرات المالية التي تمكنه من العيش طيلة فترة نزوحه ، بإختصار كل شيء مسجل ومدروس و بحسب الإمكانيات و الحصص المتوفرة يمكننا المساعدة “.
و أضاف:” هناك جداول يتم التوقيع عليها من قبل البلديات بعدد النازحين الذين إستلموا الحصص منها و لا يمكن لأياً كان التلاعب بهذا الموضوع المنظم و المدروس المبني على الشفافية بعيداً عن الهدر والفساد ، داخل مراكز الإيواء هناك المنظمات الدولية و الجمعيات و الهيئات الأهلية ، فالكل يتضامن في سبيل تقديم المساعدات لهم كونهم أكثر حاجة من النازحين داخل شقق سكنية “.
و تابع:” قد يكون هناك شكاوى فردية في بعض المراكز و الأمر طبيعي كون الأزمة كبيرة جداً وأعداد النازحين كبير جداً داخل مدارس تفتقر للتجهيزات الضرورية و التي تتلاءم و العيش الكريم، رغم ذلك نحن نجحنا و بوقت قصير من تجهيزها بشكل لائق لتستضيفهم و الأمر بشهادة كل الوسائل الإعلامية التي تزور مراكز النزوح و تكون النتيجة أفضل الخدمات هي في مدارس الشمال، من هنا فإن الشكاوى الفردية لا تنقل الحقيقة كما هي على أرض الواقع “.
و قال:” ضمن الأوضاع الإقتصادية التي يعيش فيها البلد، و إنهيار البلديات و تشتت أوضاع الموظفين يمكن القول بأن ما نقدّمه مهم جداً و الشكر في ذلك يعود لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي و وزير الداخلية و الهيئة الوطنية برئاسة الوزير ناصر ياسين و وزير الصحة، الكل يقدم جهود جبارة في هذه الظروف القاسية و أي دولة أخرى لا يمكنها القيام بنفس الخدمات لو كانت تعاني نفس الأوضاع الاقتصادية “.
و عن عدم قدرة إستقبال طرابلس المزيد من النازحين قال القاضي نهرا:” ضمن المراكز الموجودة لا يمكننا إستيعاب المزيد من الأعداد، و من نزح من البقاع مؤخراً وصل إلى بلدات عكارية و بحسب المعلومات المتوفرة لدي فإنّ الكثير منهم توجه إلى سوريا ، وبعد الإعلان عن عدم قدرتنا إستقبال المزيد لم يكن هناك من ضغط على مراكزنا “.
لا خوف على طرابلس
و حول المخاوف الأمنية في طرابلس كونها الخاصرة الأضعف يؤكد القاضي نهرا أن ” الوضع الأمني ممسوك من قبل الجيش والقوى الأمنية و نحن نسهر على تطبيق القانون و ما نشهده من مشاكل إنما هي فردية و قد تكون في أي منطقة أخرى ، لكن لا شيء يستدعي القلق و الخوف خاصة بعدما منعنا رفع الشعارات الحزبية و حمل السلاح التي إلتزم بها النازحين و برأيي الإنسجام بين الطرفين قائم و جلّ همّ أهل طرابلس مساعدة النازحين”.