بقلم ديانا خدّاج
العدالة آتية ولو بعد حين، ها تحققت لتُسقط حكم الفاسد، فسقط نظام الأسد.
٨-١٢-٢٠٢٤ يوم تارخي لطالما انتظره الشعبان السوري و اللبناني على حد سواء، فبعيدًا عن الطغيان الذي مارسه النظام السوري على شعبه، خاصة بعد ما تم الكشف عن ممارسات اجرامية بمختلف اشكالها في سجونه التي وُصفت بالمسالخ البشرية.
كان للأسد (الاب والابن) دور بارز في السيطرة على لبنان و شعبه، حيث طال في إجرامه، بمساندة حلفائه في الداخل، كبار الشخصيات اللبنانية، بالإضافة إلى وضع يده على البلاد سياسيًا، أمنيًا ، اقتصاديًا و قضائيًا.
و بالرغم من انسحاب الجيش السوري صوريًا من لبنان عام ٢٠٠٥، الا ان شريط طويل من الأحداث المأساوية التي وقعت في لبنان أوحت بأن النظام السوري لاعب أساسي فيها.
البعض، و خاصة من كان مواليًا للنظام السوري السابق، يعتبر ان ما يحصل في سوريا يُنذر بالخطر المطلق للفترة المقبلة، بسبب ما ستنفذّه تلك التنظيمات (الإرهابية) على الأرض، وان هناك مخاوف من قيام دولة طالبان جديدة في الشام، وطبعًا تأثيرها السلبي سيمتدّ على الدول الحدودية مثل لبنان.
في الوقت نفسه يعتبر الطرف الاخر انه في اسوأ الاحوال لن يكون الوضع أفظع من ما كان عليه في ظل حكم الاسد.
الكاتب الصحافي مصطفى فحص يعتبر في حديثه عبر “ديموقراطيا نيوز” انه هناك دائما تخوّف من التطرف في سوريا بسبب جغرافيتها وحدودها، ما يشكل حواضن للجماعات المتطرفة ولكن بنسبة محدودة، ويقول “لا عودة لداعش والنصرة”، لأنه كما يبدو ان الفصائل الإسلامية الجديدة، و منهم حركة” تحرير الشام” ، مستعدة لمواجهة الارهاب وتحديدًا ما نسميه في المفهوم الجهادي “المهاجرين” الذين ينتمون إلى داعش والقاعدة، خصوصًا أن فصائل “تحرير الشام” هي في الأغلب تنظيم إسلامي سوري وطني لديه طابع متشدّد و ليس متطرف، بالاضافة الى ان قيادتها أبدت مرونة كبيرة و واضحة في كل المدن التي دخلتها و من دون تمييز.
الخوف بحسب فحص جاء من قبل الاطراف التي تريد التلاعب بالتحول في سوريا و انتاج إرهابًا وتطرّفًا من اجل اضعاف وتغييب البلاد عن دورها مجدّدًا، وذلك عبر تنمية جماعات ارهابية صغيرة تعمل على تخريب العملية السياسية والتأثير على الرأي العام الداخلي و الخارجي.
اما بالنسبة لدور اسرائيل في الاحداث الاخيرة في سوريا والاطاحة بالرئيس السابق يقول فحص ” لا اعتقد ان هناك دورا فعليًّا لاسرائيل بل العكس، فتحركها اتجاه سوريا بدأ عندما أيقنت أنها غير قادرة على حماية بشار الأسد، وهدّدت للمرة الاولى بالتدخل في الجولان اذا ما سقطت حمص بيد المعارضة”.
ويضيف ” اسرائيل قامت بأمرين عند مغادرة بشار الاسد لدمشق، الاول انها اقتربت من مبنى الاستخبارات حيث الملفات التي تخفي معلومات معينة، كما انها تحركت في الجولان اذ اعتبرت انه لم يعد في دمشق نظامًا صديقًا تأمن له وبدوره يضمن لها سلامة الجولان.”
يرى فحص ان التحوّل الاقليمي كبير، حيث انتهى الدور الايراني في المنطقة ولن يكون لها موطئ قدم في شرق المتوسط بعد اليوم”.
يقول فحص إن “المرحلة الانتقالية في سوريا بعد اسقاط الاسد ستعتمد على عمليتين، سياسية، اي مجلس سياسي، حيث سيتشكل باعتقاده مجلس انتقالي من وجوه المعارضة ومختلط بين السياسيين و العسكريين، و عملية عسكرية أي مجلس عسكري و يبدو واضحًا أن “هيئة تحرير الشام” ستكون القوة الأكبر بإنتظار أن نعرف ما اذا كان سيتم استدعاء الجيش من جديد،
او تغيير القيادات، حيث يوجد اسماءًا بارزة ومرشحة من الممكن ان تمثل عدة منصات للمعارضة.
لكن الأحداث تظهر جليًّا أن جهات اقليمية ستكون هي الأكثر حضورًا في العملية السياسية والعسكرية.
السؤال الذي يطرح نفسه، بالنسبة لفحص: هل القوة الانتقالية ستنفّذ القرارات الدولية، أو لم يعد لها أثر بما ان المعارضة قد انتصرت و هي الآن في موقع السلطة؟.
ذلك يعني ان كل ما كان سابقًا انتهى وتحوّل الى رؤية جديدة باعتبار وجود المنتصر و المهزوم.
و لكن يبدو ان هناك تسوية بين بقايا النظام الذين تخلّوا عن الاسد، و المعارضة التي حصل في داخلها تحوّلات سياسية و عسكرية و هي منفتحة على موضوع العدالة الانتقالية.