اقتراب شروق عصر مزارع الطاقة الشمسية

بعد سنوات طويلة من العتمة والوعود، ينتظر اللبنانيون بارقة أمل تنطلق من تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، خطوة يعتبرها الخبراء بداية المسار الإصلاحي الحقيقي في هذا القطاع المتعثّر. إذ إنّ تطبيق القوانين المرتبطة بتنظيم الكهرباء، والتي بقيت حبراً على ورق منذ صدورها، يبدأ بتفعيل هذه الهيئة.

تعيين الهيئة لن يكون مجرد إجراء شكلي، بل سيكون مدخلاً إلى إصلاحات شاملة إذا ما اقترنت بالإرادة السياسية. فعلى الرغم من حصول بعض المستثمرين على رخص لإنشاء مزارع طاقة شمسية، إلا أن أياً من هذه المشاريع لم يُنفَّذ، وبقيت التراخيص حبيسة الأدراج. ما دفع وزير الطاقة الحالي، وليد صدي، إلى توجيه إنذار بسحب هذه الرخص في حال عدم المباشرة بالتنفيذ، خاصة وأن لبنان مقبل على فصل صيف يحتاج فيه إلى كل كيلووات من الكهرباء.

خطوة على السكة الصحيحة

اللافت، كما تقول خبيرة الطاقة كريستينا أبي حيدر، أنّ “لأول مرة نشهد وزيراً يضع القطار على السكة الصحيحة. على مدى أكثر من 18 عاماً من عملي في القطاع، كنا نطالب بتطبيق القوانين، على رأسها القانون 462/2002، الذي يُعد تعيين الهيئة الناظمة أبرز بنوده، كونه يفتح الباب أمام تفكيك مؤسسة كهرباء لبنان وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.

وتوضح أبي حيدر في حديثها لـ”نداء الوطن”، أنّ الوزير الصدي أعلن عزمه فتح باب الترشّح للهيئة الناظمة بعد الأعياد، مؤكداً أن التعيينات ستتم بشفافية، بعيداً عن المحاصصة السياسية، وهو ما تعتبره نقطة تحوّل إيجابية طال انتظارها منذ عام 2002. وتضيف: “نأمل أن لا تتكرر تجربة تعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان عقب انفجار المرفأ في 2021، ونُعوّل كثيراً على دور الهيئة في تنظيم القطاعين التقليدي والمتجدد”.

تفكيك الاحتكار وتفعيل الشراكة

وترى أبي حيدر أن الهيئة الناظمة ستكسر احتكار مؤسسة كهرباء لبنان للإنتاج والتوزيع، خاصة في ظل عجز المؤسسة مالياً وبشرياً عن مواكبة التحديات، ما يستدعي إشراك القطاع الخاص ضمن آلية تحافظ على حقوق الدولة وتؤمّن منافسة حقيقية، كما نص عليه القانون 462.

أما عن القانون 381 الصادر عام 2023 بشأن الطاقة المتجددة، فتقول أبي حيدر إنه وُضع ليكون منفصلاً عن الهيئة الناظمة، إلا أن الوزارة السابقة ربطته بها لتُعيق تطبيقه. “اليوم، ستكون للهيئة دور في الإشراف على مشاريع الطاقة المتجددة حتى 10 ميغاوات، وهو أمر في غاية الأهمية”، وفق قولها.

لا تعديل للقانون… بل تطبيقه

وفيما يروّج البعض لتعديل القانون 462 استناداً إلى القانون 181/2011، تؤكد أبي حيدر أن المادة السابعة من القانون 181 تنص على تشكيل لجنة وزارية لتعديل القانون خلال مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وتعيين الهيئة الناظمة ضمن هذه المهلة، إلا أن اللجنة لم تُشكَّل، والهيئة لم تُعيَّن، ما يجعل الالتفاف على القانون غير مبرر.

وتشدّد على ضرورة دعم مجلس الوزراء للوزير الصدي، وتمكينه من إتمام التعيينات من دون تدخلات سياسية أو طائفية. وتضيف: “إذا نجح في تعيين هيئة ناظمة على أساس الكفاءة، نكون بدأنا فعلاً بوضع القطاع على الطريق الصحيح”.

قانون 1.5 ميغاوات… والعودة إلى الصواب

تشيد أبي حيدر بقرار الوزير الصدي الذي أعفى مشاريع الطاقة المتجددة حتى 1.5 ميغاوات من الحاجة إلى رخص أو موافقات من وزارة الطاقة، مشيرة إلى أن هذا ما ينص عليه القانون أساساً، إذ يعود الأمر فقط للتنظيم المدني طالما لا يوجد خطر على السلامة العامة.

“السلطات السابقة وضعت آلية تقيّد المواطن بوزارة الطاقة، ما أدى إلى ممارسات زبائنية وحتى تدخل القوى الأمنية. أما اليوم، فالوزير يطبق القانون بحذافيره”، تقول أبي حيدر.

الرخص المجمّدة… والسحب هو الحل

أما بشأن الرخص الممنوحة لمزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فتوضح أبي حيدر أن كثيراً من هذه المشاريع لم يُنفَّذ منذ ثلاث سنوات أو أكثر. “الحكومة السابقة وزعت الرخص قبل انتهاء المهلة القانونية، وبعض الشركات خزّنتها من دون تنفيذ. الوزير الصدي أمهلهم حتى نهاية العام لتنفيذ المشاريع أو سيتم إلغاء الرخص. هذا هو القرار السليم”، تؤكد.

وتختم بالإشارة إلى أن هناك 11 شركة حصلت على الرخص، بعضها باع رخصتين أو ثلاث لشركات أخرى، فيما الوزير شدّد على ضرورة الانتقال إلى التنفيذ، وإلا فستتم مراجعة الرخص وسحبها إذا لزم الأمر.

الخلاصة: التعيين مفتاح الإصلاح

العيون شاخصة الآن إلى ما بعد الأعياد، حيث يُتوقع أن يبدأ مسار التعيين الفعلي للهيئة الناظمة. وتقول أبي حيدر: “إذا تُرك الوزير يعمل من دون ضغوط سياسية، فقد نشهد للمرة الأولى إصلاحاً حقيقياً في هذا القطاع المتعثر منذ عقود”.
المصدر:رماح هاشم نداء الوطن

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: