بقلم رفال صبري
تعرّضت شركة “ميتا” مؤخرًا لشكوى قضائية جديدة مُتهمةً “بغض النظر عن كلّ الأنشطة التي تروّج للاتجار بالبشر والتحرش الجنسي” خصوصًا لدى الأطفال عبر منصتيّ فيسبوك وإنستغرام.
لم تقتصر الدعوى على أسس الترويج للأفعال المشينة فحسب، إنّما اعتبرت أنّ “ميتا” كانت في السنوات السابقة قد دعمت وسهلت على الجرائم الإلكترونية وجعلت من الأطفال والمراهقين فريسةً سهلةً للاعتداءات الجنسية وتفلتت عن محاسبة الفاعلين!
فهل منصات التواصل الإجتماعي كانت آمنة في الأساس؟ وما دور الأهل من كلّ ذلك؟
في هذا الإطار تشير “ندين داعوق” الأخصائية الإجتماعية في حديثٍ إلى “ديمقراطيا نيوز” إلى “أنّه في بداية انطلاقة مواقع التواصل كان بالإمكان وضع قيود للطفل على استخداماتها كتحديد فئته العمرية وبذلك إمّا السماح له أو منعه من دخولها، أمّا اليوم أصبح التحايل والتلاعب على هذه المواقع سهلًا والأطفال يضعون صفات وأعمار وهمية للدّخول إلى ما هو غير مسموح لهم. ولا يمكن الاعتماد على قواعد هذه المواقع لحماية الطفل فهي في بُنيتها لم تكن يومًا مخصصة للأطفال ولا تناسبهم بأيّ شكل من الأشكال وإنّ السماح لهم باستخدامها فهو اجحاف بحق الطفولة! “
تُضيف “داعوق”، “فيما يخص التحرش والابتزازات الجنسية التي تحدث على المنصات الالكترونية فإنّ الخطوة الأولى لجعل الطفل أو المراهق بعيدًا عن هذه الدائرة هي مبدأ “جسمك هو ملكك” وهذه العبارة يتم زرعها في الطفل منذ سنواته الأولى تخوّله بذلك من إدراك خصوصياته وحرمة جسده وعدم السماح لأيّ شخصٍ كان بلمسه أو مشاركة صوره بجميع أشكالها أو الاطلاع على جسده!
إنّ المدعين على “ميتا” اعتبروا مرتكبي جرائم الإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال كانوا وما زالوا يستخدمون منصتيّ فيسبوك وإنستغرام على وجه الخصوص لتصيّد واستغلال ضحاياهم وهم من القاصرين والبالغين على حدّ سواء.
في الحقيقة إنّ هذه المواقع رغم ادّعائها بالسعي المستمر للمحافظة على خصوصية المستخدمين فهي أكثر من أن تكون فاضحة، وأكبر دليل هو ما يسمى بالخوارزميات أو استخدام معلومات الناس لأهداف إعلانية. خصوصًا وأنّ على عاتق الأهل مسؤولية كبيرة تجاه أطفالهم في زمن التكنولوجيا!”
في هذا الإطار، تشير “داعوق” إلى” أنّ التربية السليمة وزرع المبادئ الصحيحة داخل الطفل تُشكل لديه رادع حيال الأمور الخاطئة وبالتالي تدفعه إلى تجنّبها وحتى دون مراقبة مسبقة من الأهل لأنّهم قد أحاطوه ومنذ الصغر بدائرتيّ “الصح والخطأ”.
لكن على الرغم من ذلك إنّ الطفل بطبيعته كائن حشري يسعى إلى الإكتشاف والبحث وقد يرى في طريقه هذا العديد من الأشياء التي لا تناسبه قد يتخطاها في المرات القادمة إذا تلقى التوجيهات اللازمة من الأهل دون المراقبة المشددة كون الكبت يولّد ردّات فعل عكسية فكل ممنوع مرغوب.
إنّ أسلوب التغافل هو من أنجح الأساليب التربوية أيّ مراقبة الطفل دون معرفةٍ منه وتوجيهه بطريقةٍ غير مباشرة ولفت نظره إلى الأمور بلا تدقيق وتشديد مباشرين.