العقرب – ديموقراطيا نيوز

يُشكِّل التحدّي الذي يواجهه “حزب الله” في الجنوب اللبناني مُعضلة كبيرة. إذ يبدو أن إسرائيل قد وضعت الحزب أمام خَيارَين حاسمَين: إمّا التراجع إلى ما وراء الليطاني وتمكين الجيش اللبناني من الانتشار بشكل أكبر على الحدود بدعم من قوات الأمم المتّحدة، أو مواجهة حرب مدمِّرة قد تشمل لبنان بأكمله.

الحزب اليوم ليس كما كان عليه في حرب 2006. فلبنان، بشعبه ودولته، يقف على حافّة الإفلاس، ولا يبدو أن هناك فرصة للحزب للفوز في حرب في ظلّ هذه الظروف. يعي “حزب الله” هذه الواقع، ويدرك أن لبنان لا يمتلك القدرة على تحمُّل أيّ حرب جديدة، وأنّ أي مواجهة مستقبليّة قد تستنزف قدراته العسكرية بشكل لا يمكن تعويضه. تبدو الحرب الكلامية بين حزب الله وإسرائيل كمحاولة لتحسين الشروط من كلا الطرفين. يجد “حزب الله” اليوم نفسه في موقع المُتَلقّي للضربات، حيث تتمكّن إسرائيل من استهداف قياداته الميدانية دون أن يكون للحزب حقّ في الردّ المُشرِّف، وذلك في ظلّ عدم رغبة إيران في الحرب. يحاول المحافظة على المناوشات لأطول وقت ممكن برغم خسائره الفادحة وذلك لمحاولة تحسين ظروفه في الداخل فحتّى اليوم لا معادلة الردع ولا سرديّة حماية لبنان أمكنه تسويقها. تلعب رئاسة الجمهورية دوراً محوريّاً في هذه الديناميكيّة لذلك هي أولويّة الحزب ويحاول المفاوضة عليها ليأتي بحليفه رئيس، مقابل تنفيذ ال١٧٠١ لحفظ ماء وجهه أمام جمهوره. حزب الله بموقع المُتلقّي للضربات، وإسرائيل في موقع المبادرة وتسعى عبر الولايات المتحدة، كوسيط إلى فرض شروطها على الحزب، مع مراعاة موقعه داخل الساحة اللبنانية. ويُعَدّ تطبيق القرار ١٧٠١ أساساً في تحديد الشخصية القادمة لرئاسة الجمهورية، حيث يُنظر إلى الرئيس، بغضّ النظر عن إسمه، كضامن لتنفيذ هذا القرار بالتعاون مع الجيش اللبناني. يحظى هذا الطرح بدعم وضمانة الولايات المتحدة، الراعية للاتّفاق.

في هذا السياق، يظهر سليمان فرنجيّة، حليف “حزب الله”، بعيداً عن الرئاسة اليوم أكثر من أي وقت مضى، نظراً لارتباطه الوثيق بالحزب، مما يجعل من الصعب الوثوق به لتنفيذ بنود الاتّفاق. يعكس هذا الوضع حقيقة أن الخاسر في مثل هذه السيناريوهات هو من يُضطرّ لتنفيذ شروط الطرف الرابح. يبدو أن الأحداث في الجنوب تتّجه نحو تآكل جزء مهم من نقاط القوة الاستراتيجيّة للحزب.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top