مشهدية “١٤ شباط” ٢٠٢٤ هل تبعث روحية العودة؟!..

كتب عبدالله بارودي

يعود الرئيس سعد الحريري الى بيروت عشيّة “١٤ شباط” للمشاركة في الذكرى ال١٩ لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري.

يُفتح “بيت الوسط” مجدّدً أمام آلاف المواطنين المحبين والعاشقين والمناصرين للرئيس سعد الحريري والملتزمين بخطّه ورؤيته السياسية التي تبيّن بعد سنتين من “الغياب” مدى صوابيتها وتوافقها مع الحالة الوطنية الكارثية التي كان يرزح تحتها المواطن اللبناني.

لكن ذلك لا يلغي بتاتًا مدى “الفراغ السياسي” الكبير الذي أحدثه هذا “الغياب” نتيجة قرار الحريري تعليق عمله السياسي “التقليدي” على المستويين الطائفيّ والوطنيّ.

وبغض النظر عن مشهدية “الزحف البشريّ” التي سيرسمها “الحريريون” أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولًا الى “بيت الوسط”، والتي من المتوقع ان تحقق أعدادها أرقامًا قياسية جديدة، وفق المعطيات “الميدانية” و”اللوجستية” التي يتم التداول بها في مختلف المناطق اللبنانية.

الا ان أهمية ذكرى “١٤ شباط” هذا العام تكمن في بعدها السياسيّ داخليًا وخارجيًا.
فعلى المستوى الداخلي الوطني، تأتي هذه الذكرى مع استمرار الأزمة السياسية والإقتصادية والمالية من جهة، وعجز “الطبقة السياسية” عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتفادي الفراغ في سدة “الرئاسة الأولى”، وعدم قدرة الحكومة على الإنتاجية ووضع تصوّر جديّ ورؤية اقتصادية ونقدية واضحة، تعيد الأمل للبنانيين بمستقبل أفضل، اضافة الى الشلل التشريعي المخيّم على المجلس النيابي بفعل الفراغ الرئاسي وعدم توافق الكتل النيابية على مفهوم “تشريع الضرورة” ..

كل هذه الأزمات ليست الا انعكاسًا للانقسام العامودي والأفقي بين اللبنانيين، ونتيجة الإشتباك السياسي الحاصل بين الأفرقاء اللبنانيين ومحاولة كل طرف تغليب مصلحته الخاصة على المصلحة الوطنية.

اما على المستوى الطائفيّ، فأثبتت الوقائع بما لا يقبل من شك بأن غياب الحريري أحدث شرخ كبير في الطائفة السنيّة، وأثّر بشكل واضح وجليّ على موقعها في المعادلة الوطنية، وانعكس ذلك تراجعًا في دورها بالحياة السياسية اللبنانية خلال السنتين الماضيتين، وعجز معظم القيادات والشخصيات السنيّة عن تعويض ولو بالحدّ الأدنى الفراغ الذي خلّفه تعليق الحريري و”تيار المستقبل” العمل السياسي، اضافة الى عدم قدرتهم على جذب جمهور الحريري ومناصريه نحو خيارات تنظيمية أخرى رغم كل المحاولات التي صبّت في هذا الإتجاه، فكان الردّ الشعبيّ واضحًا لا بديل عن “الحريرية الوطنية” بقيادة سعد الحريري!..

على الصعيد الخارجي، تأتي ذكرى “١٤ شباط” مع اندلاع “حرب غزة” وانعكاساتها على المنطقة من فلسطين الى اليمن، مرورًا بالعراق وسوريا، وصولًا الى لبنان ستؤدي في نهاية المطاف وقريبًا الى تسوية اقليمية شاملة، لا بدّ ان يكون مقعدنا محجوزًا على طاولة مفاوضاتها.

لذا، علينا كلبنانيين وقبل الوصول الى هذه اللحظة التاريخية العمل على تحصين الواقع الداخلي والذي يقتضي ان تكون المعادلة الوطنية “متوازنة”، وغياب الحريري أفقد هذا التوازن!..

ولعلّ الكلام الذي أطلقه النائب آلان عون من البرلمان أثناء مناقشة الموازنة، ومواقف مرجعيات و شخصيات من مختلف الطوائف والمذاهب تطالب بعودة الحريري تصب بإتجاه اعادة هذا التوازن بين المجموعات اللبنانية!..

وفق هذه المندرجات، يجب على جمهور “١٤ شباط” ان يعي أهمية حضوره الى جانب سعد الحريري في هذه الذكرى، علّهم يرسمون في هذا اليوم “المشهدية” التي تبعث روحية “العودة”!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top