بقلم محمود القيسي – ديمقراطيا نيوز
“الدنيي يمكن فينا تهز
لكن ما بتنهار،
قولوا… الله،
قوموا ياللا”
احمد قعبور
“تحديدًا”، قبل عامين دعا أمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري من ساحة الشهداء.. من بيروت، في الذكرى “١٧” لاستشهاد “دولة الوطن” الرئيس رفيق الحريرى إلى كسر “التقليدية السياسية” بالمفهوم الشامل والعودة إلى العمل بين الجماهير من اجل التعبير والتغيير في سياق التقدم المستمر وطنيًا.. واتخاذ الخطوة المطلوبة الاولى إلى الأمام في تلك المرحلة المصيرية والوجودية بإمتياز وجودي آنذاك..
نحن تيار جماهيري على مساحة الوطن يمتلك الحق في النزول إلى الشارع والدفاع عن حقوق و مصالح الجماهير المطلبية والوطنية المحقة التي لا يمكن ان تتحقق إلا في إطار امتلاك وعي ثقافي واجتماعي واقتصادي وسياسي يساعد على تحقيق أهداف المنظمات والنقابات والمؤسسات الجماهيرية على سبيل المثال وليس الحصر.
كما يجب علينا الاعتقاد الراسخ إن الطبقات والشرائح الشعبية قاعدة كل حزب وقلبه النابض وخبزه وملحه اليومي.. وان التظاهر و الحراك و الانتفاضات و الثورات الشعبية – المطلبية – الوطنية روح كل حزب وطني يؤمن بالتغيير و التطور المستمر.. يجب علينا في هذه الظروف المفصلية – المصيرية –الوجودية الانتقال الواقعي و العملي و المنهجيي إلى “المعارضة الجماهيرية” وقيادة تلك المعارضة نظرًا لحجمنا ودورنا وميراثنا وتراثنا التاريخي كأحد أهم الاحزاب الرئيسية الفاعلة في تاريخ لبنان الحديث.. الدعوة إلى كسر التقليدية الرثة والدعوة إلى ثورة التغيير الحقيقية نحو النضال الجماهيري من اجل الوصول إلى دولة المواطنة والدستور العصري الحديث، وعصبها الذي يستند إلى شرعية شعبية وطنية.. والانتقال التدريجي والمنهجي والواقعي إلى عصر الحداثة في الشكل والمضمون، في الممارسة والتطبيق.. ومواكبة “الجيل الذكي” على قاعدة “النزعة الحداثوية”، نزعة الاهتمام بكل ما هو عصري وحديث في إعادة قراءة وكتابة المجتمع والتاريخ – تاريخ نضالات الحريرية السياسية التاريخية.. أو بالأحرى الخمسة عشر عامًا الأولى من بدايات الحريرية الوطنية التاريخية..
هذا ناهيكم عن الاستثمار بالعقول الشابة والحقول المعرفية والخروج من “صندوق” التقليدية القاتلة إلى جماهيرنا.. إلى فضاءات المعرفة والتغيير والتطور المستمر في العمل المدني.. نحو بناء عقد إجتماعي جديد يوازي ويواكب الدستور العصري الحديث.. ويخاطب الواقع الاجتماعي والمجتمعي على نهج “تراث” الحريرية الخدماتية الشعبية تاريخيًا.. حيث إن يوم 17 تشرين الاول 2019 التاريخي رغم الشكوك “المبررة” في “مصداقيته” كشف النظام السياسي اللبناني الهزيل والدولة المأزومة، وكشف أزمة الجمهورية اللبنانية الهشة اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا في عصر المعلوماتية والذكاء الاصطناعي والجيوش الإلكترونية، وأطلق شرارة أكبر ثورة “إجتماعية” في تاريخ لبنان، والتي أخذت سفينة البلاد إلى مرحلة “نوعية” جديدة، ولكن ليس بالضرورة ان تكون “إيجابية” للأسف..
ورغم ذلك تبقى الثورة الإجتماعية التي “نعت” معظم برامج الأحزاب والمنظمات والتيارات والجمعيات اللبنانية، وأعلنت موتها السريري. ثورة الخطوة الاولى “افتراضيًا” نحو جمهورية وقيامة دولة المواطنة والدستور العصري الحديث.
لقد حقق الرئيس سعد الحريري بإستقالة الحكومة في ذلك الوقت المصيري أحد أهم مطالب الثورة اللبنانية.. كما طالب في ذلك الحين الجيش والقوى الأمنية كافة حماية الشعب في انتفاضته المطلبية المحقة رغم قناعة الرئيس الحريري إن هناك في الجانب المظلم من يقف خلف “الحراك”.. ورغم ذلك أصبح “إصرار” الرئيس الحريري على قيام حكومة اختصاصيين و إصحاب كفاءة المدخل الواقعي و الطبيعي للخروج من نفق الازمة و إحداث صدمة إيجابية على أن لا تقل فترة تلك الحكومة الانتقالية – المؤقتة مدة ستة أشهر، ولاتزيد عن سنة كما تذكرون ايها السيدات والسادة. وفي حال رفضت القوى السياسية الأخرى هذا الأمر، يصبح الهبوط الناعم لتيارنا في “مطار” الشعب أمر طبيعي وطليعي، ومتقدم على جميع الاحزاب والقوى السياسية في السلطة وخارجها.. كما يجب علينا أن نعي ضرورة إن نكون السباقين في طرح رؤية “تقدمية” عن حاجة الانتقال بالمجتمع و الدولة اللبنانية إلى مرحلة “الجمهورية الثالثة”.
الدولة التي تعتبر إن مفهوم المواطنة توجهًا دستوريًا اجتماعيًا و قانونيًا و اقتصاديًا وسياسيًا. الدولة التي تساهم وتُسهم في تطور المجتمع اللبناني بشكل كبير.. بجانب الرقي بالدولة إلى المساواة و العدل، عن طريق تعزيزها لدور الديموقراطية والشفافية في بناء و تطور الدولة و ذلك بان يكون الشعب – شعب المواطنين هو مصدر السلطات كلها، و ضمان حقوقهم وواجباتهم على مبدأ ترسيخ ثقافة المواطنة في الوعي الاجتماعي العام.. كما دعى من ساحة الشهداء في تلك الذكرى أيضًا إلى إنتاج “ثقافة جماهيرية حداثوية معارضة” تنخرط و تقود نضال جماهيرنا المطلبية المحقة.. من تعليم، و طبابة، وضمان صحي، و بيئة نظيفة و صحية، و تأمين الكهرباء، و المياه الصالحة للاستخدام الآدمي، و المطابقة للشروط والمواصفات العالمية، و تأمين فرص العمل، و حماية العملة الوطنية، و إخراج الاقتصاد الوطني اللبناني من الدولرة، والسمسرة والانهيارات المتراكمة نحو السقوط إلى جهنم الفكر الشمولي الخشبي.. دعا إلى العودة إلى ثقافة الجماهير.. العودة إلى لغة الجماهير.. العودة إلى لغة الحريرية الوطنية.. أو بالمختصر الوطني المفيد.. العودة الى لغة اعتدال الشهيد رفيق الحريري.. رفيق الوطنية.. رفيق الحرية.. رفيق الجماهير الوطنية..
نشر الرئيس سعد الحريري عبر حسابه على تطبيق “فيرو” في 12.01.2021 قصيدة للشاعر البريطاني روديارد كيبلينغ، بعنوان “إذا”. وتتناول القصيدة سلسلة من النصائح لكيفية التعاطي مع الأكاذيب والأضاليل، وفي نص القصيدة ما يلي:
“إذا تمكنت من الحفاظ على رشدك بينما كل من حولك يفقد رشده ويلقي باللوم عليك.. وإذا وثقت بنفسك بينما يشك بك الجميع ورغمًا عن ذلك إختلقت الأعذار لشكوكهم.. وإذا إستطعت أن تنتظر دون كلل وكذبوا عليك فيما أنت لم تنغمس بالكذب وكرهوك فيما أنت لم تفسح بالمجال أمام الكراهية ورغم ذلك لا تفرط بالنبل أو الحكمة.. وإذا تمكنت من أن تحلم ولم تسمح للأحلام أن تسيطر عليك.. وإذا تمكنت من التفكير لا تجعل أفكارك هدفًا لك.. وإذا قابلت النصر والمصيبة وعاملت كلا هذين المخادعين علي حد السواء.. وإذا سمعت الحقيقة التي قلتها تنقلب من قبل بعض المخادعين لتكون فخًا للأغبياء.. وإذا شاهدت ما وهبت عمرك لأجله يتحطَّم لكنك تنحني وتشيّده من جديد بما تملك من أدوات بالية..
وإذا جمعت كل نجاحاتك في كومة واحدة وغامرت بها في لعبة “طرّة ونقشة” واحدة وخسرت وبدأت من جديد من بداياتك ولم تقل كلمةً واحدة عن خسارتك.. وإذا استطعت أن ترغم قلبك وأعصابك وأوتار جسدك على أن تعينك رغم تعبها وتواصل السير بينما لم يبقَ فيك شيء إلا الإرادة التي تقول: تمسّك بإحكام.. وإذا استطعت أن تتحدث مع الجموع دون أن تفقد فضيلتك وسرتَ مع الملوك دون أن تفقد تواضعك.. وإذا لم يتمكن الأعداء والأصدقاء من إيذائك.. وإذا حسبت لكل رجل حسابه دون أن تبالغ وملأت الدقيقة التي لا تغفر بستين ثانية من الركض لمسافات فكل الأرض وما عليها ستكون لك وتكون أنت – وهذا الأهم – رجلاً يا بنيّ” !