اغتيال وطن وحلم مواطن

كتب صائب بارودي

لم تزل ارتدادات الزلزال الذي أحدثه اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ١٤ شباط مستمرة حتى يومنا هذا ولم تزل مفاعيله تحدث ارتجاجات سياسية في الساحة الوطنية والعربية والدولية.

لذلك لن أتحدث عنه من الجانب العاطفي أو الإنساني وأطلق العنان لمخزون المشاعر أن يتدفق ألمًا وحزنًا ووجعًا واقفًا على أطلال الأحلام والآمال والأماني التي كانت تراود المواطن اللبناني ويُمني نفسه بتحقيقها في تلك المرحلة.

بل سأدع تلك المشاعر لتعبّر عنها حشود الجماهير اللبنانية التي اعتادت في هذا اليوم من كل عام أن تتنادى وتلتقي في الميادين والساحات في مختلف المدن اللبنانية وتجتمع في لقاء مركزي شعبي حاشد أمام ضريح الرئيس الشهيد رفيق لتحيي ذكرى اغتياله وتستذكر مزاياه وإنجازاته وتضحياته عشقًا للوطن حتى الشهادة.

وسأبادر من جهتي إلى طرح سؤال محوري هام ما زال طيّ الملفات السوداء والأدراج المغلقة : لماذا اغتيل الرئيس رفيق الحريري؟!!وما الأهداف التي كان يرتجيها القتلة من اغتياله؟

أدرك الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ بداية ثمانينات القرن الماضي أن هناك مشروعًا تدميريًا وتخريبيًا يبيت لوطنه لبنان وهو العاشق له بلا حدود، فقرر أن يتصدى لهذا المشروع ومن وراءه ويقاوم تحركاته وخطواته التنفيذية مستغلاً كل إمكانياته وقدراته وعلاقاته العربية والدولية بالوسائل السلمية والحضارية.

لم يقلقه تحالف قوى محلية وإقليمية وتقاطع مصالحهم مع الكيان الصهيوني ولم يثبط من عزيمته بل زاده إيمانًا وإرادة وعزيمة على مقاومتهم و إفشال مشروعهم ومخططهم التخريبي الذي كان يهدف إلى إبقاء لبنان عقب الحرب الأهلية مساحة دمار وخراب وركام حجري ،ومجتمع بشري ممزق ومشرذم ومقطّع الأوصال تفترسه فتنة طائفية ومذهبية ،وينهشه الجهل والمرض والجوع والفقر،فيسهل إضعافه وانهياره وبالتالي وضع اليد على زمام الأمور والهيمنة على مقدرات سلطته والسيطرة على الدولة.

فعمد على وضع مشروعه المقاوم والمضاد للمشروع المشبوه الخبيث وبدأ بالإتصالات والتحركات عربيًا ودوليًا.
-العمل على إيقاف الحرب الأهلية في لبنان وتحقيق الإستقرار السياسي والدستوري ووحدة أراضيه وشعبه حتى نجح في عقد المؤتمر الوطني في مدينة الطائف السعودية شاركت فيه كل القوى اللبنانية أدى إلى التوصل لصيغة “الميثاق الوطني”.

-أعطى توجيهاته بإطلاق ورشة الإنماء والإعمار في بيروت والمناطق اللبنانية.

-بادر إلى توسيع مرافق الخدمات الإقتصادية كالمطار والمرفأ وتوسيع الطرقات والاتوسترادات لتسهيل التواصل بين مختلف المناطق اللبنانية.

-سعى إلى تحسين الجامعات اللبنانية وتطوير أدائها العلمي والتربوي،وبادر إلى إرسال عشرات الآلاف من الطلاب لمتابعة دراساتهم العليا في الخارج.

-اتجه إلى إعادة تأهيل المستشفيات الحكومية وتطوير أجهزتها الطبية والصحية.

-شجّع على إقامة المؤسسات الإقتصادية ودعم القطاع الخاص لتوفير فرص العمل والإنتاج والتطور الإقتصادي.

هذا غيض من فيض مما أنجزه الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفق مشروعه الوطني للإنماء والإعمار في مواجهة المشروع التخريبي الذي سعى إلى تحقيقه قوى الحقد والمكر والغدر والفتنة والتقسيم والإنقلاب على السلطة والدولة.

كان مقاومًا شرسًا سلاحه الإيمان بوطنه وإرادة شعبه حتى اقتنع اللبنانيون بكل طوائفهم ومناطقهم بإخلاصه ومصداقيته ،رأوا فيه حلم الوطن في استقراره وأمنه وأمانه ،وهو ما أثار الخشية والقلق لأولئك الحاقدين الذين رأوا فيه خطرًا شديدًا على مشروعهم الخبيث والمشبوه،فقرروا أن يمدوا له يد الغدر واغتالوه في يوم أسود مشؤوم وهم يدركون أنهم باغتياله يغتالون وطن وحلم مواطن كي يحققوا مشروعهم الذي نشهد مفاعيله في هذه المرحلة.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top