بقلم ديانا خدّاج
توالت الطعون في موازنة 2024، في محاولة من بعض النواب كسب نقاط “شعبوية”، بعد ان شارك أغلبيتهم بإقرارها، اما من خلال المشاورات التي كانت تجري قي لجنة “المال والموازنة” النيابية، وكلّنا نذكر تباهي رئيسها وأعضاء اللجنة بالإنجازات التي حققوها وأعادوا اليها بعضًا من التوازن المالي، وأيضاً مشاركة النواب نفسهم في تأمين نصاب جلسة اقرار الموازنة!..
في هذا السياق تناول الخبير الستوري سعيد مالك في حديث لـ”ديمقراطيا نيور” الآثار المترتّبة على الطعون التي قُدّمت امام المجلس الدستوري، والخيارات القانونية المتاحة امام الحكومة والمجلس النيابي في حالتيّ قبول ابطالها كليًّا او جزئيًا.
واعتبر انه لا ارتباط بين إقرار الموازنة وتأمين نصاب جلسة مجلس النواب لهذا الإقرار، وبين الطعن الذي هو حق دستوري بإمتياز، معطى إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وعشرة نواب او اكثر، في حال تبيّن لهم ان هناك مواد في الموازنة مخالفة للدستور.
واضاف انه من الثابت ان المجلس الدستوري في حال أراد تطبيق الدستور بشكل حرفي ودقيق، فيجب عليه ان يُقدِم على إبطال الموازنة برمّتها نظرًا إلى عدم إرفاقها بقطع حساب سندًا لما جاء نصه في المادة ٨٧ من الدستور، ولكن هناك اجتهادات سابقة للمجلس المذكور برّرت إقرار الموازنة دون قطع حساب، “والتي اكّد مالك عدم تأييدها”، وباستطاعة المجلس الحالي تبرير فعلته بردّ الطعن برمّته لهذه الجهة استنادًا إلى هذه الاجتهادات، ولكن الأكيد بحسب مالك، ان الطعن سيُبطل بعض المواد التي تشكّل “فرسان موازنة” والتي هي بحاجة إلى قوانين خاصة بها وأسباب موجبة مستقلة عن الموازنة، ومنها الرسوم البلدية (المادة ٣٦- المادة ٤٥- المادة ٧٢- المادة ٩٣- المادة ٩٤) وغيرها من المواد. اعتقد ان المجلس الدستوري سيذهب حكما نحو إبطالها جزئيًّا، كما قال مالك.
أما لجهة مصير الموازنة في حال تمّ قبول الطعن، اكّد مالك “ان هذا أمر يختلف بين أن يكون القبول كلّي أم جزئي، فإذا كان كّليًا، أي ابطال الموازنة برمّتها، عندها لا مفرّ من العودة إلى القاعدة الإثني عشرية على أساس موازنة عام 2022 وهي الموازنة الأخيرة التي أقرّها مجلس النواب أصولا، والتي لا تتناسب مع الوضع الحالي للبلاد انما هذا هو الحلّ الدستوري”.
أما في حال قُبِل الطعن بطريقة جزئية وأبطلت بعض المواد، فسوف تعتبر باطلة وكأنها لم تكن.
وهنا يفترض على الإدارات والمؤسسات التي سبق لها وبدأت بتطبيق هذه المواد، أن تعود عن ذلك، لأن قرارات المجلس الدستوري وسندًا لأحكام المادة ١٣ من قانون إنشائه ٢٥٠/٩٣ هي قرارات نهائية ومبرمة وملزمة إلى كافة الإدارات.”
ويقول مالك عن حق مجلس النواب إعادة إقرار موازنة جديدة ووفق قرار المجلس الدستوري، خارج المهل الدستورية، فهذا عائد أولا وأخيرا إلى الحكومة التي عليها إعداد مشروع قانون موازنة وإرساله مجدداً إلى مجلس النواب حتى يدرسه ويقرّه بالغالبية المطلوبة، بالتالي بحال أبطلت هذه الموازنة الكرة تكون في مرمى مجلس الوزراء لكي يعدّ موازنة جديدة ويعود ويعرضها على مجلس النواب قانونًا.
اما لجهة ما إذا كان من الأفضل تعديل قانون المجلس الدستوري بحيث يكون له رقابة مسبقة على مشروع قانون الموازنة وغيره من القوانين، يشير مالك الى ان هذا الأمر المتّبع في فرنسا والكثير من الدول الأوروبية، ويؤدي بالطبع إلى تجنب إمكانية اي طعن بأي قانون بعد صدوره عن مجلس النواب، وايضاً يساعد النواب المولج بهم حق التشريع من اجل ان يكون قانوني ودستوري قبل اي اعتبار آخر.