بقلم وفاء مكارم
يتقصّد البعض تحميل حكومة تصريف الأعمال المستقيلة فشل عهد بكامله، ويسوّقون لحملة شرسة تطال الرئيس نجيب ميقاتي وكأنه الوحيد المسؤول عن كل ما حصل ويحصل في البلد في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق من جهة، وحرب ميدانية واقتصادية من جهة أخرى.
وقد راود البعض أحلام الاطاحة بميقاتي وترحيله من لبنان وهذا ما هو مستبعد المنال، فهل فعلاً ميقاتي هو المسؤول عن الانهيار وتبعاته؟ وهل سياسته المالية أغرقت لبنان؟اعتبر مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية سمير ضاهر ان هذا الهجوم غير مبرّر وان الحملة بدأت على الموازنة منذ ٤ أشهر أي عندما كان مجلس النواب بصدد التعديل عليها، رغم انها أول موازنة تصل إلى مجلس النواب بالمهل الدستورية وتتجانس مع الرؤية الاقتصادية للحكومة ألا وهي “خطة التعافي” لإعادة النهوض بالبلد ومع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مؤكداً ان هذه الخطة أرسلت إلى مجلس النواب ويمكن للنواب عدم الموافقة عليها لكن لا يمكنهم القول أن لا خطة للحكومة.وشرح ضاهر “ركائز هذه الخطة أن تكون موازنة الحكومة بلا عجز او بعجز صغير، وبعد تخلّف لبنان عن دفع الدين العام لجأت الخطة إلى تخفيض النفقات التي باتت هيكلاً عظمياً ، مع العلم ان كلفة تشغيل القطاع العام هي رواتب ونقل وقرطاسية كما ان هناك ٦% عبارة عن نفقات رأسمالية بالكاد تكفي لصيانة الطرقات، كما يبقى كلفة زهيدة عبارة عن تسديد ديون للبنك الدولي.
وما يُحكى عن بزخ وحجم انفاق كبير غير صحيح وان تغطية هذه النفقات يحتاج إلى ٣.٣ مليار دولار في حين كانت نفقات الحكومة لعام ٢٠١٧ عبارة عن ١٧ مليار.ولفت ضاهر إلى أن ٨٠% من إيرادات الدولة هي من الضرائب خاصة أن القطاعات العامة التي اعتمدت عليها الخزينة باتت لا تؤمن إيرادات في الوقت الحالي، فعائدات الخليوي انعدمتوكذلك الامر لعائدات المصارف التي كانت تؤمن مليار ونصف دولار من الضريبة على الأرباح، وانسحب الامر على عائدات الضريبة على القيمة المضافة عندما انخفض حجم الاقتصاد المحلي من ٥٥ مليار إلى ٢٠ مليار بعد الازمة ما خفض الاستهلاك وبالتالي العائدات، لافتاً الى انه تم طرح رفع قيمة ال tva من ١١% إلى ١٢% وهذا الطرح رفض من الحكومة نفسها بينما هذه النقطة الإضافية كانت ستؤمن ٩٠ مليار دولار سنوياً.
وللمطالبين بوقف الهدر وتأمين المزيد من الإيرادات للخزينة بعيدًا عن فرض ضرائب جديدة قال ضاهر: “فليضبطوا الحدود وليوقفوا الحرب في الجنوب “، مُشدّدا على أن “الحديث عن الهدر يكون عندما تقوم الحكومة بمشاريع شق طرقات وبناء شركات ومعامل ويكون هناك ربح للمتعهدين، لكن اليوم ليس لدينا مشاريع واستثمارات بل الإنفاق يتمحور حول الرواتب للقطاع العام”.
وبعد الهجوم على الرئيس ميقاتي بالطعن الذي قُدّم ضد الموازنة العامة، لفت ضاهر إلى أن ميقاتي يطرح المشروع لكن القرار النهائي يُتخذ في مجلس الوزراء ومشاريع القوانين يتم تحويلها إلى مجلس النواب ويصوت الجميع عليها، قائلاً “صحيح أن الحكومة مستقيلة وتصرّف الأعمال ولكن استمرارية المرفق العام تتطلب موازنة لوقف الهدر والصرف دون حسيب أو رقيب”.وادأضاف ضاهر “الحكومة ورئيسها يجهدون في هذه الحالات القاهرة التي نعيشها اليوم، ومشروع الموازنة لا يمكن أن يكون بصيغة أفضل مما هو عليه، مشيراً إلى أن سياسة الحكومة انعكست في خلق شيء من الاستقرار في سعر الصرف.
اما فيما يخص إعادة هيكلة المصارف، قال ضاهر أنه “مجرد أن طُرحت الفكرة “قامت القيامة” داخل مجلس الوزراء بأن مسوّدة القانون هذه غير جيدة قبل ان يتم مناقشتها وبعض الوزراء هاجموا الخطة عبر الإعلام”.وأكد ضاهر أنه من خلال التأخر بإعادة هيكلة المصارف تشتري المصارف الوقت لتذويب ما تبقى من الودائع، لافتًا إلى أن مجمل الودائع بالدولار قبل الأزمة كان أكثر من ١٢٠ مليار دولار، اما اليوم بات الرقم ٨٨ مليار دولار اي أن ٣٥ مليار دولار تمّ تذويبها بخسارة كبيرة من خلال هيركات يصل إلى ٨٠%، ومن مصلحة المصارف استمرار هذا الواقع دون وجود قانون يفرض إعادة الهيكلة ويضمن السحوبات لحدّ ال ١٠٠ ألف دولار للمودعين.
وشدّد ضاهر على ضرورة إعادة الهيكلة لتعود الثقة للمصارف كي نتمكن من وضع حدّ لاقتصاد الكاش الذي تنشط عبره عمليات تبييض الأموال من جهة، ولتعود العجلة الاقتصادية إلى طبيعتها من جهة ثانية.
وعن تسديد الودائع لفت ضاهر أن سياسة الحكومة تقضي بضمان الودائع حتى ال ١٠٠ ألف دولار تضمن إعادة نحو ٩٠% من الودائع بشكل كامل وتحلّ مشكلة ٩٠% من المواطنين الذين هم من الطبقة الوسطى من خلال الحصول على ٣٠٠$ إلى ٨٠٠$ شهرياً على مدة بين ١٠ سنوات و١٥ سنة. ولو أن هذه الخطة تم اعتمادها منذ اليوم الأول للأزمة كنا انتهينا اليوم من أول ٥ سنوات.
وفيما يخصّ التساؤل عن كيفية تأمين الحكومة مبالغ الرواتب للقطاع العام شهرياً قال ضاهر “أعتقد أن الحكومة تؤمن هذه الرواتب من الاحتياط الذي تمتلكه، نافيًا لجوء الحكومة إلى المزيد من الديون لتغطية نفقات الرواتب، كما لن تلجأ إلى طبع العملة اللبنانية كي لا تزيد من الانهيار.
ولفت ضاهر الى أن ما يُحكى عن ان الرئيس ميقاتي يعطي رواتب من جهة، ويأخذها رسوم وضرائب من جهة ثانية غير صحيح لان الموازنة سبقت الزيادات على الرواتب ولا يمكن تعديلها وزيادتها.