بقلم جوزاف وهبه
ماذا يفعل سكّان طرابلس في مواجهة “مافيا المولّدات”؟ كيف لهم أن يتخلّصوا من قبضة هذه الكتلة الماليّة الصاعدة، والتي بنت ثروتها وبالتالي سلطتها (أو سلبطتها) من خلال حاجة الناس الى الضوء في عتمة ضعف الدولة المركزيّة وانحلالها؟ كيف يمكن لهم أن يخفّفوا من وطأة تسديد 150 دولاراً في مطلع كلّ شهر مقابل 5 امبير يحتاجونها، وذلك قبل الخبز ولقمة العيش وقسط المدرسة، وقبل الدواء والإستشفاء وأيّة مصاريف أخرى؟
كيف يمكن لهم، مثلاً، أن يغفروا لوزارة الإقتصاد تغاضيها المتعمّد عن تنفيذ قرارها القاضي بتركيب العدّادات، وهو أمر تحرص على تنفيذه دوائر هذه الوزارة في مختلف المناطق اللبنانية الأخرى، إضافة إلى استهتارها بعدم التزام أصحاب المولّدات بالتسعيرة الرسميّة التي تصدرها دوريّاً، حيث يأخذ بها الجميع باستثناء العاصمة الثانية؟
يدور الهمس والغمز حول “حمايات” يتمتّع بها أصحاب هذه المولّدات لقاء خدمات ماديّة وغير ماديّة يقدّمونها إلى أصحاب الحلّ والربط، على المستوى الإداري والأمني، في عاصمة الشمال: فلماذا يتجاهل المحافظ رمزي نهرا “صرخة الناس” علماً بأنّه المسؤول الأوّل عن كلّ هذه الفوضى التي تقتات من مدخول كلّ عائلة في حساب أقلّية باتت أرباحها بالملايين من الدولارات، دونما ضرائب أو موجبات تجاه الدولة!..
لماذا لا يلتقي نوّاب المدينة على مصلحة جامعة طارئة تخصّ ناخبيهم، كما تخصّ الإنتظام العام في طرابلس، حيث أصبح لأصحاب المولّدات “شبّيحة وقبضايات” يصولون ويجولون بين المنازل والمحلّات فارضين على الجميع الإلتزام الإجباري بقوانينهم: مثلاً، لا يستطيع مشترك لدى مولّد أن يستبدله عند مولّد بناية مجاورة بكلفة أقل. كما هناك نوع من “الميثاق” فيما بينهم بعدم قبول إنتقال أيّ مشترك من مولّد إلى مولدّ آخر.. عدا عن أنّ ساعات التغذية التي توفّرها شركة كهرباء لبنان تصبّ في مصلحتهم، حيث يطفئون محرّكاتهم دون أن يعطوا ساعات تغذية بدلاً منها. أي أنّ المواطن يدفع كلفة ساعات قاديشا مرّتين!..
الناشط السياسي المستقل سامر كبارة كتب، في تغريدة له، أنّه اتّصل شخصيّاً بقائد الجيش جوزيف عون طالباً إليه التدخّل في هذه القضيّة الحيويّة، وقد أتاه الجواب – كما قال – بأنّ الجيش على استعداد للمؤازرة إذا ما طُلب منه التحرّك وفق الأطر الرسمية: فلماذا لا يقوم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإيلاء هذا الموضوع بعض الإهتمام والمتابعة، كما لماذا لا يبادر وزير الداخلية بسام مولوي في هذا الخصوص؟..
وبما أنّه هناك جانب قضائي في هذه المسألة، فقد ذكر الناشط كبّارة أنّه طلب إلى القاضي المدّعي العام زياد نزيه الشعراني التدخّل في هذا الملفّ، واعتبار ما قاله نوعاً من الإخبار:فهل يتحرّك القضاء حيث لم يجرؤ معظم السياسيين حتى الساعة؟..
طرابلس في قبضة مافيا كاملة الأوصاف: فهل مَن يبادر إلى إنقاذها قبل فوات الأوان، والمقصود قبل حلول مواعيد الإستحقاق البلدي حيث يستعدّ بعض أصحاب المولّدات للإنقضاض على المجلس البلدي الجديد (ترشيحاً لمركز الرئيس والعضويّة) ما يعرّض واقع المدينة وصورتها إلى ما هو أشدّ خطورة ودهاءً؟..
