واذكر في الكتاب…كانت هنا فلسطين؟

كتب صائب بارودي

حين كان يُقال أن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا ينسون سريعاً.
كان يعتبر البعض هذا الكلام اتهاماً بالجهل والتخلف، واستخفافاً بوعيه السياسي.
وإذا قيل تخلى العرب عن قضيتهم المركزية والمقدّسة فلسطين ويتجهون للإعتراف بالعدو الصهيوني وكيانه،كان يثير استفزاز البعض باعتباره يقصد الأنظمة العربية وليس الشعب.
لكن ثبت بعد ما آلت إليه أوضاع الوطن والأمة والأحداث الراهنة أن ما كان يُقال ثبت صحته بالدليل القاطع والمشهد الثابت في الواقع والحدث السياسي اليومي.

لو كان العرب يقرأون ويتابعون الأحداث والمواقف السياسية الدولية والمواقف المختلفة حول الشؤون والقضايا العربية باهتمام عميق لأدركوا أن ما يجري اليوم كان يُخطط ويُكتب له السيناريوهات وتُوضع له الاستعدادات والخطوات التمهيدية منذ سبعينات القرن الماضي وعقب انتصارات العرب في حرب تشرين ١٩٧٣ على العدو الصهيوني الذي أرعب وزير الخارجية الأميركية الراحل هنري كيسنجر وأقلقه فقرر أن يُبذل كل مجهوداته ومساعيه لحماية الكيان الصهيوني وتوفير الأمن والأمان والاستقرار له، واعتمد سياسة “الخطوة خطوة” لتحقيق “الشرق الأوسط الجديد”وتقسيمه إلى كيانات صغيرة ليبقى الكيان الصهيوني الأكبر والأقوى فيها ورأى أن العامل الديني والطائفي والمذهبي أسلوباً ووسيلة رئيسية لتحقيق ذلك وتوافقت معه كونداليزا رايس المسؤولة في مجلس الأمن القومي الأميركية والتي تولت فيما بعد وزارة الخارجية. وحددا هدف المخطط بعنوانين رئيسيين:
١- الدفاع عن الكيان الصهيوني وحمايته.
٢- الهيمنة الأميركية على دول الشرق الأوسط ومنابع النفط فيه.

  • دخل المخطط حيز التنفيذ بالتزامن مع غزو الاتحاد السوفيتي حينها لأفغانستان عام ١٩٧٩ واستغلاله العامل الديني على أساس غزو دولة ملحدة لدولة إسلامية وتشجيعها على قيام تنظيمات إسلامية متطرفة تحت إسم “الجهاديين” بمقاومة الإحتلال السوفييتي بدعم من جارتها باكستان حليفة الولايات المتحدة الأميركية.
  • مع قيام الثورة الإيرانية بقيادة الجبهة الوطنية المعارضة للشاه محمد بهلوى وهي تضم الأحزاب الإشتراكية والعلمانية والوطنية والدينية خشيت أميركا من انتصارها اقتراب الاتحاد السوفيتي من المياه الدافئة (منابع النفط) في الخليج، فأقدمت على دعم الإمام الخامنئي لقيادة الثورة الإيرانية عام ١٩٧٩ وإعلانه جمهورية ولاية الفقيه “الشيعية” بعد إقصاء قيادات الثورة الإشتراكيين والوطنيّين والليبراليين.
  • عام ١٩٨٠ شجعت أميركا إيران على افتعال حرب مع العراق بهدف إسقاط الرئيس الراحل صدام حسين وزودته بمختلف الأسلحة عبر الكيان الصهيوني وبتمويل منها استمرت حتى عام ١٩٨٨ خرج منها العراق منتصراً،فأقلق وأرعب مناوئيه ومعارضيه في الداخل والخارج فبدأوا بالتخطيط للقضاء عليه.
  • في ١١ أيلول ٢٠٠١ نفذت “القاعدة” بالتخطيط والتنسيق مع المخابرات المركزية الأميركية في اجتماعات متعددة بينهما جرت في باكستان هجومها على المركز التجاري العالمي في نيويورك ليتهم بعدها الرئيس الراحل صدام حسين بدعم الإرهاب والتطرف لتتسع بعدها عناصر الإتهام وتشمل السلاح الكيمياوي والنووي ويُقدم الرئيس الأميركي على إصدار قرار بغزو العراق وإحتلاله عام ٢٠٠٣.
  • عام ٢٠٠٦ تم اعتقال الجيش الأميركي للرئيس صدام حسين وتسليمه للسلطة العراقية الموالية للنظام الإيراني التي قامت بإعدامه مخالفةً للقوانين الدولية بتواطئ أميركي حيث يُعتبر الرئيس الشهيد صدام حسين أسير حرب ويُحرّم القانون الدولي بإعدامه.
  • بعد هيمنة النظام الفارسي والمذهبي على العراق شرّعت أبواب الشرق الأوسط لتنفيذ المخطط الأميركي في المنطقة بالتنسيق الكامل والضمني بين أميركا وإيران وأذرعها المذهبية والكيان الصهيوني وتنظيمات التيار الإسلامي السياسي وفصائله المسلحة والمنتحلة مسميات مختلفة وتتم السيطرة عبرعم على سوريا ولبنان واليمن وفلسطين “غزة” التي تشن عليها في الوقت الراهن حرب إبادة جماعية لعقد صفقة خيانية تنهي فلسطين وقضيتها المقدسة بمشاركة بعض أبنائها.

إن الصورة التي تناقلتها وسائل الأنباء مؤخراً للقاء جمع في إيران بين المسؤولين الإيرانيين وقيادات بعض الفصائل الفلسطينية الإسلامية والتي تظهر أمام الوفد الفلسطيني علم السودان بدلاً عن العلم الفلسطيني، لم تكن زلة لسان ولا خطأً تقنياً بل رسالة لمن يهمه الأمر تفيد أنه إذا غاب اليوم الفلسطيني فغداً تغيب فلسطين عن المشهد السياسي العربي العام حفاظاً على مكاسب البعض وتحقيق مصالحهم وحضورهم السياسي!!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top