“ثلاثيّة” حكومة – رضوان – موتوسيكلات!

بقلم جوزاف وهبه

لا يكفّ “حزب الله” عن الإستفادة المباشرة أو غير المباشرة من كلّ شاردة وواردة، دفعاً لاستكمال تطويب إمبراطوريّته الخاصّة الممتدّة من لبنان إلى سوريا فاليمن والعراق، وصولاً إلى الإمبراطوريّة/الأم في طهران عاصمة بلاد فارس ، التي تعاني ما تعانيه من قلق داخلي، وآخره الموت المريب لرئيس الدولة ابراهيم رئيسي ووزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان.

لا يكفّ الحزب عن العبث بكلّ المكوّنات المحيطة به أو التي تصادف يوميّاته، مسخّراً إيّاها في خدمة “المرشد الأعلى” تحت عناوين دينيّة فضفاضة يستلهمها من الزمن الغابر لنصرة الزمن الحاضر وتكريس المستقبل القريب والبعيد!..

مناسبة هذا الحديث ما دار ويدور حول “انتفاضة الموتوسيكلات” في المريجة والغبيري وعموم الضاحية. فقد غفل عن وزير الداخلية بسّام مولوي أنّ قراره بضبط وتشريع حركة الدرّاجات الناريّة في بيروت أو لبنان إنّما يمسّ مساساً خطيراً بواحدة من الثلاثيّة المقدّسة للحزب، أي “الحكومة، والرضوان والموتوسيكلات”. وهذه الأخيرة هي السلاح الأمضى، بالنسبة للحزب، في الشوارع وفي الصراع المحلّي الداخلي: هل نسينا كيف استطاع راكبو هذه الموتوسيكلات أن يساهموا مساهمة فعّالة في إجهاض “ثورة تشرين 2019″؟ كيف خرّبوا الخيم، وكيف اعتدوا على الناشطين والناشطات، وكيف استباحوا الساحات والطرقات حين لزم الأمر؟.
إنّه السلاح التكتيكي في حرب الإطباق على البلد، وواهم كلّ مسؤول رسمي أو أمني حين يفتكر أنّه قادر على ضبط هذه الشريحة التي تخدم سياسة الحزب تماماً كما تخدمه قوّة الرضوان في الجنوب، وكما يخدمه أداء وزرائه في الحكومة العتيدة.

الموتوسيكلات، كضابط أمن المطار، وكخطوط المواصلات التي توهّم وليد جنبلاط أنّه يستطيع المساس بها، فكان يوم 7 أيّار “المجيد”..وبالأمس تكرّر المشهد في 18 أيّار المجيد أيضاً: تطويق للمخافر، ودعوات لإقالة وزير الداخليّة على لسان وئام وهّاب، واستصراخ للقمة عيش المحرومين، بحجّة أنّ هؤلاء الأشاوس إنّما يعتاشون من إستعمال الدرّاجات للعمل والتنقّل، فيما الحقيقة تكمن في أنّ الحزب يعتبرهم سلاح إحتياط لضبط الداخل، كما ضبط بيروت والجبل من قبل!..

وهكذا واقع الحال مع السلاح المتفلّت (غبّ الطلب) وقوّات الرضوان. هي تأتي من ضمن الخطّة الإستراتيجية الكبرى، أي إعلان الحرب والسلم تحت ذرائع متنوّعة: تارة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وطوراً النفط والغاز عند حقل قاريش، وراهناً لإسناد غزّة وإشغال الجيش الإسرائيلي الذي لم يُيقِ حيّاً في القطاع سوى من أنقذته العزّة الإلهيّة.

لكنّ الحزب يصرّ على أنّه في الطريق الى القدس، ولو دفع الأثمان الغالية من مقاتليه وقادته، ومن أرزاق وأملاك الجنوبيين. الجهاد الأكبر يستحقّ ذلك، واستذكار مقتلة الحسن والحسين حاضرة أيضاً، وكلّ شيء يهون في سبيل الإنتصار على العدو، وفي سبيل إزالة الكيان الصهيوني المغتصب، ولو استغرق الأمر ستّة أشهر ونصف، بدل الستّة دقائق ونصف التي وعد بها قادة الحرس الثوري، في لحظة نشوة واعتزاز ندفع ثمنها مرغمين في ملحمة إغريقية لا نهايات لها في المدى القريب!..

ومن الرضوان والموتوسيكلات، إلى العدّة الحكومية:الوزارات والوزراء في خدمة المشروع الإيراني، لا في خدمة مصالح اللبنانيين. وليس من باب الصدفة أن يختار الثنائي الشيعي الحقائب الوزاريّة بدقّة لا متناهية: وزارة المال (ومن ثمّ حاكميّة مصرف لبنان، التي ضُحّي لأجلها باللواء عباس ابراهيم) في سبيل أمرين مصيريين: التغطية على نشاط القرض الحسن، وتهيئة إحتياط مصرف لبنان لإعمار الجنوب إذا ما استنكفت دول الخليج عن فعل ذلك، وهي ستستنكف بالتأكيد، وحاكم المصرف سيستعمل ما تبقّى من ودائع اللبنانيين لتعمير ما خرّبته سياسة الحزب!..

وتكرّ وظائف باقي الوزارات: وزارة الصحّة لتشريع الدواء الإيراني، وزارة الأشغال للإمساك بمداخل ومخارج البلد (المطار والمرافئ)، للمراقبة الأمنية من جهة، ولتسهيل الإستيراد والتصدير بعيداً عن الجمارك والرسوم التي تفرض على المواطنين العاديين.

وآخر العنقود، وزير الثقافة محمد وسام مرتضى الذي تحوّل، تحت عنوان “طرابلس عاصمة للثقافة العربية 2024″، إلى شبه والٍ جديد للمدينة في ظلّ افتقادها للقيادات السياسية الحازمة، وفي ظلّ تهافت أهل الرأي والفكر إلى التقرّب وممالأة “صاحب السلطة” دونما النظر في طبيعة الثقافة التي يحاول ترويجها وتثبيتها!..

“أصحاب الموتوسيكلات” سيعودون لمزاولة نفوذهم وسطوتهم في الشوارع، وما علينا سوى انتظار “المخلّص” الذي يبدو أنّه قد أضاع درب العودة إلى هذا الوطن الصغير المشتّت!..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top