عبارة وحيدة خرجت من فم المعتدي على السفارة الأميركية في عوكر أنه نفذ هذه العملية “نصرة لغزة”.
فمن جديد يضرب الوجود السوري أمن البلاد بعرض الحائط، ورغم أنها ليست الحادثة الأولى لإطلاق النار على السفارة الأميركية، إلا أنها هذه المرة تحمل أبعاداً مرعبة للغاية، وتدق ناقوس الخطر، فداعش تتغلغل في المخيمات متخفية بعباءة النزوح. فهل تعي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه المرة مدى خطورة الأمر طالما أن “الموس وصل لرقبتون”؟
هذه الحادثة أقل ما يقال عنها أنها مفصلية للغاية، وتؤكد مجددًا أن لبنان ساحة مشرّعة على كل الاحتمالات الأمنية، وأمن وأمان المواطنين والمقيمين على أرضه في خطر!..
فما هي أبعاد هذه العملية؟ وهل فعلاً داعش هي المسؤولة؟ أم أن أحدهم تدعوش عمداً ليوصل رسالة ما؟!
بقلم وفاء مكارم
في السياق، اعتبر العميد المتقاعد والباحث في قضايا الإرهاب هشام جابر في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن الهجوم على السفارة الأميركية بهذا الشكل عملية مشبوهة، لافتاً إلى أن ما يبدو حتى الآن أن المعتدي قد يكون مندس، أو ينتمي لداعش والجميع في انتظار نتائج التحقيقات التي ستكشف الحقيقة.
كما أشار جابر إلى أن داعش عودتنا بأنها ترسل انتحاريين لا أن ترسل شخصاً ما لإطلاق نار عن بعد 100 متر، مضيفاً: “لا أستغرب أن يكون مخطط هذه العملية هدفه أن تكون فاشلة لتوصيل رسائل سياسية معينة.
كما استبعد جابر أن يكون الحادث فردياً، مشدّداً على أن خلف كل إرهابي محرض، وأن المعتدي قد يكون من الذئاب الشاردة التابعة لتنظيم إرهابي معين.
ولفت إلى أن هذه الحادثة لن يكون لها تداعيات بدليل أن السفارة الأميركية فوراً أشادت بجهود الجيش والقوى الأمنية الذين تصدوا فوراً للهجوم، نافياً أن يكون ما حدث سببه تقصيراً أمنياً.
وقال جابر: “هذه العملية أثبتت يقظة الجيش والقوى الأمنية، ويمكن أن نقول عنها أنها عرضية، لكنها تحمل مؤشراً خطيراً ولها أبعاد سياسية.
وشدّد جابر على أن أي خلل أمني في لبنان إن كان إرهابياً أو غير إرهابي لا تكون إسرائيل بعيدة عنه من خلال وسطاء لها في الداخل، وليس بالضرورة أن يكون المعتدي عميلاً إسرائيليا فالمنفذ لا يعرف المخطط وهناك دائماً صلة وصلة بينهما.
وعن تأثير هذه الحادثة على ملف النزوح السوري، اعتبر هاشم أن هذا الهجوم لن يؤثر في الملف، لافتاً إلى أن ضبط المخيمات يحتاج إلى وقت ولإمكانيات كما نحتاج إلى تخفيف عددهم في البلاد.
ومن جهته اعتبر الصحافي مصطفى فحص في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن هجوم السفارة هو إرهاب غب الطلب وأن داعش لديها أجهزة كثيرة تستخدمها.
وعن سيناريو العملية، لفت فحص إلى أن هذا الشكل المفضوح يعني أن هناك من يريد أن يقول في مكان جغرافي معين ومكان أمني مهم جداً أن “لا أحد يحمي الآخر من الفوضى إذا راهنتم عليها”، مشيراً إلى أن الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي قد يتهم به بعض الأطراف الرافضة للحوار سيكون نتيجته هذه الفوضى الأمنية الداعشية في مكان له حساسية كبيرة.
وأكد فحص على أن الأمن يبدأ من السياسة، فعندما يكون هناك أزمة سياسية في دولة مضطربة مثل لبنان، وفي ظل الفراغ الحاصل، من الطبيعي أن يكون العامل الأمني أساسياً إلى حين ملء الفراغ السياسي، مشدّداً على أنه عندما نفقد السياسة نفقد الأمن، ويتمظهر حينها في مثل هذه الأشكال التي هي في الواقع عملية أمنية ولكن بُعدها العميق والدافع لها هو سياسي!..