“كرامة” أديب..و”تحدّي” إيهاب!

بقلم جوزاف وهبه

كان من الصعب على مَن شاركوا في المؤتمر الصحافي لنائب الكورة أديب عبد المسيح أن يفهموا “الظروف السياسية” التي جعلت النائب الفائز على لائحة ميشال معوض ومجد بطرس حرب يعلن إنفصاله عن حركة “تجدّد” التي تضمّه إلى معوض وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي، خاصة وأنّه أفصح أمام الإعلاميين بأنّه لن ينتقل، في السياسة، إلى المقلب الآخر، مذكّراً بالتزامه فيما مضى بالتصويت لمرشّحي المعارضة الرئاسيين (معوض وجهاد أزعور) عن قناعة..فما الذي دفعه إلى اتّخاذ هذه الخطوة (غير المفاجئة) علماً بأنّه سبق له أن خالف توجّهات حركة “تجدّد” في أكثر من محطّة دون أن يؤدّي ذلك إلى الطلاق التام؟
لقد خرج الصحافيون بعبارة واحدة، ردّدها النائب عبد المسيح، طوال مؤتمره، عن “الكرامة” أي هي السبب في خروجه، وفي عصبيّته الظاهرة طوال لقائه الصحافي، دون أن يفسّر ماذا حصل معه، ودون أن يذكر مَن المتسبّب في هذا التطاول من زملائه النوّاب، أو المناسبة التي أحرجته فأخرجته؟
لقد حاول نائب الكورة أن يتجلبب بمصالح (وكرامة) أهل الكورة في تغطية هذا الإنسحاب، ولكنّه لم يوفّق.كما حاول أن يتحدّث عن قيامه بتأسيس مكتب سياسي كرئيس حزب، ولكنّه لم يوفّق أيضاً لأن دون ذلك رؤيا حزبية وسياسية لا يمتلكها الرجل الوافد الى السياسة من عالم التجارة والمال:وكما ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، كذلك ليس بالنوايا وحدها تقوم الأحزاب وتنشأ المكاتب السياسية!
أمّا الجبهة السياسية الثانية التي فُتحت من طرابلس، فهي في إعلان “تحدّي” النائب إيهاب مطر لزميله النائب فيصل كرامي، وذلك ربطاً بالبيان الموقّع من 5 نواب وهم، إضافة الى كرامي، طه ناجي، كريم كبارة، حيدر ناصر وجميل عبود، وقد تضمّن إشادة بالتدابير الأمنية التي رافقت تحضيرات عيد الأضحى المبارك، حيث بدوا وكأنّ لهم وحدهم الفضل (دون النواب الثلاثة الباقين أي مطر وأشرف ريفي وإيلي خوري) في الأمان الذي نعمت به المدينة، وهو ما استفزّ النائب مطر الذي كشف، في بيانه الأوّل، أنّه قد تلقّى دعوة إلى الغداء من قبل زميله كرامي، دون أيّ إشارة الى النيّة في إصدار بيان مشترك..ثمّ رفع من وتيرة إعتراضه من خلال “تحدّي” كرامي في دعوة صريحة لجميع نوّاب طرابلس دون إستثناء للتنسيق حول مصالح المدينة وأهلها، مذكّراً باللقاءات االمثمرة التي عُقدت دوريّاً بمبادرة منه بعد الإنتخابات النيابية مباشرة، وقد حقّقت آنذاك تقدّماً في العمل المشترك، إلى حين قرار المجلس الدستوري الذي أسقط نيابة الدكتور رامي فنج وأعاد كرامي الى الندوة البرلمانية..
و”تحدّي” مطر لا يأتي من فراغ، بل من تمنّع كرامي عن دعوة النائب القواتي إيلي خوري إلى اللقاء، في تظهير لاستمرارية الخلاف مع حزب القوات اللبنانية، دون أن يتمكّن رئيس تكتّل الوفاق الوطني من التوفيق بين عدائه للقوات وتخطّي مرحلة الحرب الأهلية (كما فعل سليمان فرنجية مثلاً..)، وبين تلبية حاجات المدينة في ضرورة قيام تنسيق دائم ومستمر بين نوّابها الثمانية، بما يوفّر لها الحدّ الأدنى من المصالح الضائعة، وأبرزها تحكّم مافيا المولّدات بحاجة الناس إلى الكهرباء، عدا التسيّب الأمني الذي يضرّ بالإقتصاد وسلامة المواطنين!
مع التقدير لالتباس “كرامة” نائب الكورة (لماذا انسحب؟)، ولصوابيّة “تحدّي” نائب طرابلس (لقاء ريفي – مطر ودعوة مشتركة للقاء نوّاب المدينة)، لا بدّ من توجيه البوصلة السياسية نحو العمل المشترك لا الفردي، ونحو أولويّة مصالح الناس على عداوات الحرب الأهلية مهما كانت بليغة ومحقة.فالسياسة تفترض تجاوز الماضي، من أجل صوغ الحاضر وصناعة المستقبل..ونستطيع أن “لا ننسى”، ولكن لا يحقّ لنا أن نوقف الزمن عند حدود مشاعرنا وحساباتنا الذاتيّة، خاصة عندما يطال الأمر مصالح مدينة ومجموعات بشريّة!

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top