لطالما شكا اللبنانيون هيمنة “حزب الله” على المرافق العامة، ولا يمكن انكار أن للحزب وأجهزته سطوة على مطار رفيق الحريري الدولي ومحيطه بسبب موقعه الجغرافي في قلب بيئته الحاضنة، ولا يمكن انكار استغلال الحزب للمطار لغايات عسكرية بطريقة سرية، أضف إلى ذلك بسط نفوذه وسيطرته على مرفأ بيروت دون ان ننسى الاتهامات التي طالته بعد انفجار المرفأ منذ ٤ سنوات ..
ولكن هذا لا يعني أن يتعرض شعب لبنان للرعب والابتزاز وان يكون المطار الأوحد في البلد عرضة للدمار أيضاً وان تُعطى ذريعة لإسرائيل لقصفه وتعطيله كما المرفأ.
وبقدر ما حمله تقرير صحيفة “التلغراف” من تفاصيل كاذبة وحقد تجاه لبنان ومطاره، بقدر ما كانت الحكومة جاهدة وجاهزة بشكل فوري للدفاع عن الحق وتبيان الحقائق، وأن لا شيء في المطار يستدعي مثل هذه الحملة والتهديدات العدوانية بضربه.
فالجميع تكاتف لتبييض السواد الذي بعثته الصحيفة البريطانية من افتراء وكذب لإعطاء إسرائيل ذريعة لإستهداف مطار رفيق الحريري الدولي ليُدمر المطار كما تم تدمير مرفأ بيروت.
وبات واضحاً، أن أعداء لبنان ينشطون في الغرف السوداء لبث الشر لهذا البلد ولشعبه الصابر والصامد على كل المحن، وتسعى إلى ايذائه والامعان في حصاره ومصادرة هويته ومحو تاريخه.
بقلم وفاء مكارم
وفي السياق، أشار مدير عام الطيران المدني فادي الحسن في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أنه حرص ووزير الأشغال علي حمية على إبراز هشاشة تقرير صحيفة “التلغراف” والذي لا يستند الى أي دليل منطقي أو عملي، لافتاً إلى أن التقرير استند إلى الاتحاد الدولي للنقل البري IATA الذي بدوره أصدر بياناً نفى فيه اي علاقة له بهذا التقرير.
وقال الحسن “إن وظيفة الاتحاد تقتصر على تنظيم عمليات شركات الطيران ولا علاقة له ان كان في المطار سلاح او ان كان المطار مستهدفاً فهذا الأمر ليس من مهامه”.
ورأى الحسن أنه كان أجدر بالصحيفة البريطانية أن تراجع وزاراتها قبل كتابة التقرير حيث أن وزارة النقل البريطانية هي على تنسيق كبير مع مطار بيروت منذ سنوات وكل سنة ترسل بريطانيا فريقاً أمنياً يجري تدقيق أمني في المطار لضمان سلامة الطيران من بيروت إلى بريطانيا والعكس وتحرص الوزارة على التأكد من تطبيق الشروط العالمية المطلوبة، قائلاً “في آخر تقرير لوزارة النقل البريطانية كان التقرير إيجابياً ولو لم تتطابق المعايير الدولية لكان التقرير البريطاني قد أشار له”.
كما أضاف الحسن “زرنا بريطانيا الشهر الماضي بناءًا إلى دعوى من قبلهم حيث قمنا بزيارات المطارات البريطانية واطلعنا على الإجراءات الأمنية المتبعة، وهناك تعاون متبادل ومستمر بين البلدين في هذا المجال”.
وعن تداعيات التقرير على الملاحة الجوية، أكد الحسن أنه حتى اللحظة لم ينتج عن هذا التقرير أي تداعيات على المطار أو على حركة الطيران، فلم تلغ رحلات وشركات الطيران جميعها ما زالت تعمل من وإلى بيروت، لافتا إلى أنه رغم الحرب الدائرة في الجنوب ما زال مطار بيروت ينقل 15 ألف راكب إلى بيروت يوميا ومنذ بداية هذا الشهر دخل إلى البلد 300 ألف شخص، وبعض شركات الطيران الأجنبية مثل air France تطلب زيادة عدد الرحلات.
وعن إمكانية تشغيل مطار القليعات، أكد الحسن أن هذا الأمر تختص فيه استراتيجية الطيران وهي خطة توجيهية تصدر من الحكومة اللبنانية حيث يمكنها عمل مخطط توجيهي لتبحث أي منطقة في لبنان يجب إقامة مطار داخلها، مشيراً إلى أن لا علاقة للطيران المدني بهذا الأمر وهو يتم عبر تشكيل لجان لدرسه في البرلمان مع إخصائيين يقيّمون حسب حاجة البلد مكان المطار الجديد على أن يكون مفيداً للدولة من الناحية الاستراتيجية.
وختم الحسن “نحن كطيران مدني مؤتمنين على تسيير الرحلات وكافة العمليات بمطار رفيق الحريري الدولي وفق الأنظمة المطلوبة عالمياً سواء للسلامة العامة أو للطيران المدني، ولو كان هناك أي شيء لا يتطابق مع المواصفات المطلوبة لن تتردد شركات الطيران في رفع الصوت وإيقاف تسيير رحلاتها من وإلى بيروت.
من جهته، أكد المحلل السياسي يوسف دياب في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن الدولة اللبنانية قادرة على ربح الدعوى القضائية ضد صحيفة “التلغراف” بقدر قدرتها على دحض المزاعم التي أطلقتها “التلغراف” وتثبيت عدم صحتها خاصة أن لديها معطى أن IATA نفت أن تكون هي مصدر المعلومات والصحفية تراجعت عن فكرة أن مصدر معلوماتها هي IATA، فهذا يشكل منطلقاً كي تقدم الدولة دعوى ضد الصحيفة، مشدداً على ضرورة أن يكون للبنان فريق ديبلوماسي وقدرة على طلب جهات رقابية دولية تُمنح الحق في تفتيش المطار والتدقيق فيه وتدحض المزاعم التي وردت فيه، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الدولة قادرة على منح جهات رقابية دولية الحق في تفتيش المطار؟
ولفت دياب إلى أن تقديم الدعوى هو عامل قوة للبنان خاصة إن تمكن من ربح القضية كما يعكس عامل اطمئنان لكافة الشركات التي تعتمد مطار رفيق الحريري لتسيير رحلاتها منه وإليه، مشدداً على ضرورة أن تكون الدولة جدية بأمر الدعوى القضائية ضد “التلغراف” وأن تكمل حتى النهاية.