انتهت مهلة حزيران، ومازالت بعبدا قصراً مهجوراً، لا خرق رئاسي حتى اللحظة، والملف جُمّد وبات خارج اهتمامات الداخل والخارج على حدٍ سواء.
فلسطين الجريحة نقلت جراحها إلى لبنان، وبات فك هذا الارتباط غير ممكن خاصةً مع تمسك “حزب الله” بإسناد غزة حتى النهاية مهما كلف الأمر، سالباً حق لبنان الرسمي والشعبي حق تقرير مصيره.
وفي محاولة منها لإعادة تحريك المياه الراكدة في الملف الرئاسي، قد تستأنف اللجنة الخماسية تحركها بعد أيام.
وبات واضحاً أن المهلة التي وضعتها “الخماسية” مبالغة فضفاضة في الوقت الضائع، وباعت من خلالها الشعب اللبناني أملاً تعلم مسبقاً أنه أمل وهمي، ولن تستطع اللجنة فك جليد بعبدا ما دامت الحرب في غزة قائمة ولبنان مهدداً بحرب شاملة.
بقلم وفاء مكارم
في السياق، أكد النائب هادي أبو الحسن في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن اللقاء الديمقراطي لم يتبلغ رسمياً عن أي تحرك جديد للخماسية وأنهم سمعوا عبر وسائل الإعلام أنه بعد نهاية الشهر الحالي قد يكون هناك حراك من قبل اللجنة،
قائلاً “رغم شكرنا للأصدقاء الدوليين على مساعيهم، نؤكد أن انتخاب رئيس للجمهورية هو مسؤوليتنا كلبنانيين”.
واعتبر أبو الحسن أنه لا يمكن إحداث أي خرق طالما لم نتنازل كلبنانيين لمصلحة لبنان وطالما لم نتقدم بأي خطوة عملية باتجاه التلاقي والتوافق، مشدداً على ضرورة التفاهم للخروج برئيس توافقي.
ولفت أبو الحسن إلى أن مبادرة الديمقراطي تندرج في إطار سياق قديم ومستمر وأن الاتصالات مع الكتل مستمرة من أجل إحداث خرق.
وعن جولة الرئيس السابق للحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على عدد من عواصم العالم ومدى وُجود الملف الرئاسي في هذه الجولة، أشار أبو الحسن إلى “أن جنبلاط يأخذ بعين الاعتبار كل الهواجس والتحديات الكبرى في المنطقة وفي لبنان فمن ملف غزة وتأثيره في الساحة اللبنانية إلى الاستحقاق الرئاسي كلها أمور مترابطة ببعضها البعض.”
كما استغرب أبو الحسن مراهنة البعض على الحروب ونتائجها الكارثية كي يبني موقفاً في الموضوع الرئاسي، قائلاً “كان الأجدر بنا أن ننتخب رئيساً منذ سنتين، فهل هناك شخص وطني ينتظر أن يَطلب منه الخارج أن ينتخب رئيس لبلده؟! هذا أمر غير مقبول وخارج كل القواعد والأعراف وبالتالي يجب أن لا يُراهن أحد على الحرب وأن نتجه سريعاً باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية”.
وعن إمكانية فرض عقوبات أميركية على المعرقلين، لفت أبو الحسن إلى “أن الولايات المتحدة منشغلة بانتخاباتها الرئاسية التي أدت إلى انقسام حاد في المجتمع الأميركي ونحن متروكون لمصيرنا” ، مشيراً إلى أن “فرض عقوبات على بعض الشخصيات السياسية لن يؤثر بشيء بل ستزيد المشاكل على الشعب اللبناني ومن يُفرض عليه العقوبات لن يتأثر كما حصل في السنوات الماضية.”
وختم أبو الحسن “علينا أن لا نراهن على الخارج ولا على نتائج الانتخابات الأميركية”، داعياً الأطراف السياسية للتلاقي والأمور المشتركة وللتفاهم، لأن لبنان قائم على فكرة التسوية لا على فكرة الغلبة”.
بدوره، أكد النائب أحمد الخير في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن “تكتل الإعتدال لم يوضع بجو إعادة تنشيط حراك الخماسية حتى الآن”، مشدداً على أن “مبادرتهم ما زالت مستمرة وأنهم حريصون على استكمال المساعي لما للأمر من موجبات وطنية لتبقى الكتلة محافظة على تحمل مسؤولياتها أمام الرأي العام بمعزل عن النتائج”.
ولفت الخير إلى أن “التكتل يعوّل على تكامل المبادرات الرئاسية في هذه المرحلة وليس تداخلها،” معتبراً أن “المبادرات جميعها إيجابية وهي فرصة جيدة كي تتكامل مع بعضها البعض للوصول إلى مساحات وطنية مشتركة يمكن البناء عليها لإنضاج حالة توافق يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الفراغ الرئاسي”.
وأكد الخير أن “إمكانية حصول جولة جديدة للتكتل على السياسيين أمر وارد وأن الهدف من كافة المساعي هو الذهاب إلى التشاور لأنه الأساس للتوصل إلى حلول”، مشيراً إلى أن “التكتل مستعد لأي تعديل قد يسهّل المهمة الرئاسية، ولأي تكامل مع المبادرات الأخرى للتوصل إلى مسار موحّد يقود إلى مسارات وطنية مشتركة”.
وعن إمكانية فرض الخماسية للعقوبات على المعرقلين، أشار الخير إلى أن “الاجتماعات التي حصلت مؤخراً مع “الخماسية” لم تتطرق أبداً لموضوع العقوبات ولم تُنَاقَش، داعياً إلى التشاور بين اللبنانيين تحت كنف البرلمان اللبناني ما سيسهل المسار الرئاسي ويزيل العقبات ويكون عنوانه الأساسي عدم تعطيل المجلس النيابي”.
من جهته، لفت المحلّل السياسي والصحافي أسعد بشارة في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن أجواء الخماسية تقول أن الخيار الثالث بات أمراً واقعاً وبات جميع الأفرقاء سائرين في هذا الخيار غير أن القرار بالإفراج عن الانتخابات الرئاسية لم يحصل بعد”.
ولفت بشارة إلى أن “أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين سرّب لبعض من إلتقوه أن هناك حلحلة”، مشيراً إلى أن “كل هذه الإيجابيات الشكلية تصطدم بواقع بأن “حزب الله” ما زال يحتجز الاستحقاق الرئاسي ويرفض الإفراج عنه بإنتظار جلاء الوضع في غزة ولبنان”.
وقال” هذه أجواء التفاؤلية ليس بالضرورة أن تترجم إلى وقائع”، مستبعدًا أن يكون هناك توجه لدى “الخماسية” إلى فرض عقوبات على المعرقلين “لأن إجتماع سفراء الدول الخمس في الدوحة بحث هذا الأمر ولكن لم يتوافق أعضاء الخماسية عليه”.
وأضاف بشارة “السفراء الخمس يتوافقون على فكرة أنهم ضد رئيس من فريق معين وتحديداً أن يكون مقرباً من “حزب الله”، مؤكداً أن “لا غطاء لمرشح الحزب سليمان فرنجية، ولكن في المقابل “حزب الله” ما زال يتمسك به على عكس ما يشاع من أخبار.”
وأشار بشارة إلى أنه “إذا استأنفت مجموعة الخمس تحركها سيكون من باب الوقت الضائع لا أكثر”، معتبراً أن “اللجنة إذا لم تبدأ بإعلان أسماء المعرقلين الحقيقيين وتحمّلهم المسؤولية لن يكون هناك خطوات تالية”.
ولفت بشارة إلى أن “للخماسية نيّة لإنهاء الشغور الرئاسي، كنها لا تستخدم الأدوات اللازمة للضغط على المعرقلين من خلال فرض العقوبات عليهم، ولا يوجد أي مؤشر يدل على نية استخدام هذا المؤشر من قبل اللجنة، وسيبقى الأمر مجرد تسجيل موقف”.
وأشار إلى أن مصدراً في “تكتل “الإعتدال”، أكد لمن إلتقوه أن الرئيس نبيه بري كان متجاوباً مع مبادرتهم، ولكن “حزب الله” تدخل لدى الرئيس بري وجعله يدور حول نفسه وينقلب على موقفه، كما وجد التكتل نفسه يدور في حلقة مفرغة”.
وختم بشارة أن “التسابق في صياغة المبادرات في الوقت الضائع هو مجرد ملء للفراغ وأن الجميع يعلم أن مفتاح الحلّ بيد “حزب الله” الذي أطفأ كل المحركات ولا يريد أن يبحث بالملف الرئاسي.”