زراعة قلب خنزير معدل وراثيًا في جسم إنسان للمرّة الثانية في العالم

بقلم رفال صبري

خلال أقلّ من عامين تمّت زراعة قلبين من خنزيرين على شخصين ميتيّن دماغيًّا، الأولى كانت عام 2022 في كليّة الطبّ في جامعة “ميريلاند” في الولايات المتحدة، المريض “ديفيد بينيت” كان أوّل من خضع لزراعة قلب من خنزير آنذاك وكان يعاني من مرضٍ عُضال في القلب وينتظره موت محتّم حتّى لم يكن مؤهّلًا لإجراء عملية زرع بشريّة، وهذا قرار يتخذه الأطباء غالبًا عندما يكون المريض في حالة صحية سيئة للغاية.
توفيّ “بينيت” بعد حوالي شهرين من إجراء العملية رغم أنّها تمّت بنجاح وكانت نتائجها مرضية قبل أن تتدهور حالته الصحيّة ويفارق الحياة، وهذا أمرٌ متوقّع لأنّها كانت التجربة الأولى من نوعها ومدّة شهرين تعتبر مدّة جيّدة نسبيًّا كبداية لهكذا نوع من الزراعة.

منذ أيّام، أجرت الجامعة نفسها العملية الثانية من زراعة قلب خنزير معدّل وراثيًا على مريض جديد يبلغ من العمر 58 عامًا وهو ” لورانس فوسيت” ليصبح ثاني شخص في العالم يُزرع في جسمه قلب خنزير بعد أبحاث عدّة نشطة في مجالات زراعة الأعضاء الحيوانية على البشر.
وتجدر الإشارة إلى أنّ عمليات زراعة الأعضاء الحيوانية في أجسام البشر قد تكون في المستقبل حلًّا للنقص المزمن في عدد المتبرّعين بالأعضاء البشرية.
وفقًا للأطباء فإنّ المريض “فوسيت” حاليًّا يتنفّس دون مساعدة خارجية، وقلبه الجديد يعمل بشكلٍ جيّد، إضافةً إلى إعطائه علاجات مثبّطة للمناعة وعلاجات بالأجسام المضادة لتجنب رفض الجسم للقلب المزروع.
فهل سيعيش لمدّةٍ أطول من المريض السابق؟ وهل ستكون هذه التجربة أكثر تطوّرًا ونجاحًا عن سابقتها؟

يشير “د.كمال مراد” الطبيب المختصّ بالأمراض القلبية في المستشفى المركزي في مزبود، في حديثٍ إلى موقع “ديموقراطيا نيوز” إلى أنّ هذه العملية لا تزال قيد التجربة ولا يمكننا القول بأنّها ناجحة كونها لا تزال تحت الدّراسة لكنّها في الوقت الحالي تهدف إلى إطالة عمر المريض قدر المستطاع وهذه المدة قد تتراوح بين عدة أيام وعدّة أشهر من خلال الدّعم بالأدوية والأجهزة، والقلوب المعدّلة وراثيًا قد تكون الحلّ في المستقبل وقد تصبح هذه المدّة سنوات.

يؤكّد “مراد” على أنّ زراعة قلب الخنزير متقاربة جدًّا لزراعة القلب البشري رغم وجود الفارق الجيني الموجود أساسًا في القلب البشري الّذي يجعله أقرب للإنسان، وهذا ما يفسّر ضرورة خضوع الأعضاء غير البشرية إلى تعديل جيني.

يضيف “مراد” إنّ التّعديل الوراثي يكون على الأعضاء التي يتم زرعها وليس التعديل الوراثي على المتلقي لأنّه أمر صعب ويستعاض عنه من خلال الأدوية كي يتقبّل جسم المريض الأعضاء الغريبة.
ويرجع سبب اختيار قلب الخنزير خلال هذه التجربة إلى أنّ صمّامات قلبه وأليافها بتركيبتها الطبيعية متقاربة جدًّا من قلب الإنسان، كما أنّ قلب الخنزير متقارب من القلب البشري من حيث الحجم، وقد تمّ استخدام أعضاءه الأخرى في مرات عديدة بهدف زراعتها على البشر كالكلى وزراعة الجلد.

لا يزال الطبّ قيد التطوّر، يومًا بعد يوم يتم اكتشاف آليات علاجية جديدة إمّا من حيث الأدوية، أو من حيث العمليات الجراحية…
لعلّ هذا النّمط من زراعة الأعضاء قد يكون في المستقبل حلًّا جذريًّا للأمراض المستعصية، ولعلّه يصبح علاجًا في متناول من هم بحاجة إليه لا سيّما وأنّ الأعضاء الحيوانية قد تكون متوفرة أكثر من تلك البشرية خصوصًا في ظلّ ندرة عدد المتبرعين من البشر.
وتبقى الأسئلة مفتوحة بشأنّ زراعة الأعضاء الحيوانية على اعتبارها تجربة حديثة وفي بدايتها…
فمن الحيوان إلى الإنسان… هل يتقبّل الجسم البشري ما ليس من طبيعته؟ وهل يتعايش مع أعضاء ليست من جيناته؟

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top