سف نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسان حاصباني لـ”ما نشهده في غزة أو في لبنان أو في باقي أرجاء العالم، لأنه يظهر أن حياة البشر أصبحت سلعة للإتجار في ميادين السلطة والنفوذ والمال وكبرى الاقتصادات، حيث تسخر أرواح الأبرياء ويزجون في حروب كي يفاوض عليهم لاحقاً، بحثاً عن مكاسب من هنا أو هناك”.
وأشار حاصباني، في مقابلة عبر “صوت كل لبنان”، الى أن “للاسرائيلي مصلحة في استغلال أي فرصة تتيح له تخفيف اعداد الفلسطينيين وتهجيرهم الى أماكن أخرى وتوطين أشخاص مكانهم”، مُضيفاً: “الاسرائيلي لم يتخل عن مشروعه الاساسي ومن يدعون إرغامه على التخلي لم يقدموا على اي خطوات عملية. في المقابل، الأميركي يطالب بالتهدئة كون لا مصلحة له في تأزم الأمور أكثر. من جهة أخرى، إيران ومعها “حزب الله” يتحدثان عن التهدئة ولا يبدو أن من مصلحتهما توسيع الجبهات. لكن ترك جبهة الجنوب مفتوحة من دون لا حسم ولا تغيير المعادلة لمصلحة أهل غزة يضعنا في هذه الوضعية الحرجة التي تعرض لبنان للخطر، خصوصاً إذا إنزلقت سهوا أو عمدا الى مواجهة أوسع وأشمل”.
واعتبر “أننا اليوم أمام لعبة كباش اقليمية – دولية من الممر الاقتصادي – النفطي الروسي إلى أوروبا الذي يصل الى تركيا وجزء كبير من سوريا الى الممر الجنوبي الذي حكي عنه أخيراً وقد يصل من الهند الى إسرائيل، وما يرافقه من عملية سلام والذي تعطل اليوم بفعل حرب غزة”، مضيفاً: “لا أدري متى سيتم البحث عمليا بحلول بما فيه حل الدولتين. روسيا مستفيدة حكما بفعل حرف الانظار عما يجري في أوكرانيا وتوقف مسار البدائل عن الغاز الروسي الى أوروبا. الامر شبيه بإنطلاقة الحرب السورية التي أدت الى توقف الحديث يومها عن أنابيب الغاز التي كان من المقرّر أن تمر من قطر أو ايران الى أوروبا”.
وتابع: “كذلك من مصلحة ايران ألا يكون هناك أي ممر إقتصادي نفطي في الجنوب يربط الخليج بالمتوسط، وهي غير موجودة من ضمن دوله. من هنا تقاطعت مصالح روسيا وإيران في معركة غزة، فيما في المقابل مصلحتنا كلبنانيين أن نكون على حياد ولا نتورط بأي حرب”.
ورداً على سؤال، شدّد حاصباني على “ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، غير موجودة في البيان الوزاري ولا في الدستور. في الاساس البيان الوزاري لا يتفوق على القانون والدستور، وهو بمثابة إعلان نوايا للحكومة تترجمها بقوانين. هناك كلام عام في البيان الوزاري عن حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال، وهذا يعني كل اللبنانيين والجيش اللبناني، لكن ليس القتال في سوريا وتوجيه التحية عسكريا من لبنان الى غزة. الحق بالمقاومة يكون لكل الشعب اللبناني وليس لفئة تقرر أن تقاوم خلافا لكل شيء. طالما هناك دولة فهي من تقاوم. فميثاق الامم المتحدة يعطي للدولة كاملة حق مقاومة الاحتلال كما فعل الفرنسيون خلال الاحتلال الالماني، وكما يقاوم الشعب الأوكراني بقيادة جيشه النظامي”.
وقال: “لو أن حزب الله يأخذ بالاعتبار الشعب اللبناني ومعاناته وأثر دخوله في حرب غزة وتحريكه الجبهة في الجنوب ثم بادر وتحرك في 8 تشرين. لقد ربط الحزب مصير لبنان بغزة، علماً انهما جبهتان منفصلتان، فيما كل الدول المحيطة من سوريا الى مصر والاردن لم تفتح الجبهة. لكن يبدو أن الدور الذي يلعبه “حزب الله” يهدف الى أن يكون موجودا على طاولة مفاوضات من خلال دخوله في المواجهات العسكرية”.
وذكر أنه “منذ العام 2006 الى اليوم لم تحصل خروقات جوهرية للـ1701 بين لبنان وإسرائيل والتفاهم كان ولا يزال قائما بين حزب الله وإسرائيل وهو يسمى بقواعد الاشتباك. اليوم هناك تذكير دولي بتطبيق الـ1701 وليس بتعديل بنوده”، مضيفا “حزب الله يفاوض ولا يقاتل لأن ما يجري في الجنوب لم يؤثر كثيرا على الوضع في غزة إنما على لبنان. إعادة تحريكه الجبهة فور وقف الهدنة في غزة خير دليل، ولذا هو يحاول القول “نحن هنا” عبر عمليات مضبوطة من دون الدخول في مواجهات مفتوحة حتى الآن. ماذا تعني قواعد الاشتباك؟ إنها مسرحية يتقاسم أدوارها الطرفان ويتفقان على ان يستهدفان ويهددان بعضهما ولكن من دون أن يتضاربا بشكل واسع، يتفقان أن “ينكوزوا بعضهم بلا ما يزعجوا بعضهم” الى حد الاذية. بإسم أي قضية ندمر البلد؟ لطالما افتعل بارضنا وشعبنا داخليا ما لم تفعله اي دولة خارجية”.
في ما يتعلق بملف قيادة الجيش، قال حاصباني: “موقفنا واضح ونحن مع تأخير التقاعد لرتبة عماد لمدة عام واحد آملين انتخاب رئيس الجمهورية وهو القائد الاعلى للقوى المسلحة وله كلمة أساسية في تعيين قائد الجيش. لا يمكن تعريض مؤسسة الجيش اللبناني لأي خلل أو إهتزاز في الوقت الحالي، لذا نملك المرونة وقادرون على القيام باستثناء معين في ظل هذه الحالة الدستورية الوجودية التي نعيشها”.
وأضاف: “قول الرئيس نبيه بري إن الخلاف مسيحي – مسيحي استخفاف بعقول اللبنانيين. لماذا لم يدع لجلسات متتالية يوم اتفقوا على ترشيح جهاد ازعور؟ الموضوع غير طائفي وهناك اشتباك سياسي بين مشروعي الدولة ولا دولة. فمن نهبوا ودمروا البلد هم من كل الطوائف”.
وفي موضوع الموازنة، أشار الى أنهم “في لجنة المال والموازنة يواصلون البحث بالموازنة وهناك بنود عدة شطبت أما كتكتل “الجمهورية القوية” فنحن ضد استحداث رسوم وضرائب جديدة في الموازنة في الوقت الحالي، فيما الشعب منهك ولا يمكنه تسديد الضرائب والرسوم الحالية التي في الاساس لا تجبى بشكل جيد. كما كرّر تأكيد ضرورة صدور قوانين إعادة هيكلة المصارف وإعادة الانتظام المالي والكابيتل كونترول معا ضمن خطة متكاملة”.