.
على قاعدة “بكركي قلبها كبير وما بتقاطع حدا” تدارك البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لرأب الصدع في جدار العلاقة بين الصرح الماروني والمجلس الشيعي الأعلى.
فبين التنازل والإعتذار المبطن والترفع عن الصغائر كانت نية الراعي تخفيف الحقن الطائفي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تقصد البطريرك رفع السقف طالما أنه سيتراجع في نهاية المطاف؟
وبعد لملمة فوضى السجال انتقل حزب الله من السياسة إلى الدين ليصور الحزب نفسه المنتصر دائماً، دون الأخذ بالإعتبار المراجع الدينية وما تمثل.
بقلم وفاء مكارم
في السياق، لفت النائب غياث يزبك في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن بكركي لديها نهج في معالجة الأمور والمخاطبة وتسمية الأشياء على طريقتها بالتورية، مشدداً على أن موقف الراعي ليس تراجعاً بل يأخذ بعين الإعتبار بحكم رسالته كرجل دين ان لا تصل الأمور إلى مرحلة سوء فهم او خلاف عميق او شرخ يسمح لمن يصطاد بالمياه العكرة أن يستغل الفرصة.
لا غيمة صيف عابرة مع حزب الله بل سماء ملبدة دائماً بالغيوم تتخللها بعض الانفراجات، مشيراً إلى أننا في مسار انحداري في ظل السيطرة الكاملة لحزب الله وايران في لبنان.
وأكد يزبك أن موقف بكركي واضح بأنها ضد السلاح خارج إطار الجيش، قائلاً: ” بكركي تعلم أين الداء وأن الدواء هو الإنصياع لمشروع الدولة والدستور”.
كما اعتبر يزبك أن ما قامت به بكركي هو شكليات معينة ترتبط بموقع ديني يرى أنه يوصل الكلام الجوهري لمن يعنيهم الأمر من خلال تعابير مطاطية لكن هذا لا يغير موقفها من السلاح.
وختم يزبك بأن حزب الله هو الخاطف وليس المنتصر رغم محاولة تصوير نفسه على انه كذلك، قائلاً: “لا ثقة لي بهذا الحزب فيما يقوله فهو يقول شيء ويحضر شيء ثم ينفذ شيء آخر على الأرض فهو يحاول أن يهاجم، يقضم، يهضم، يستوعب، ويواصل مسيرته”.
بدوره، أشار المحلل السياسي جوني منير في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن بكركي والمجلس الشيعي الأعلى لديهما مصلحة ان تعود الأمور الى مجاريها، معتبراً أن حزب الله من خلال المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى خطا خطوة ناقصة خاصةً في ظل وجود شخصية كبيرة من الفاتيكان.
ورأى منير أن المقاطعة لم تكن موفقة وان لدى الطرفان مصلحة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها، فالراعي قام بخطوات بهذا الاتجاه والفريق الشيعي قدّر الخطأ الذي حصل، لافتاً إلى أن العلاقة بين الطرفين ستعود بالشكل أما في المضمون فهي رهن توضيح الأمور فيما بينهم.
كما أكد منير أن الراعي لم يتراجع عن موقفه وان خلفية كلامه أتت بعدما قيل عن أنه سيتم استقدام مقاتلين من سوريا والعراق واليمن إلى لبنان.
واعتبر منير أن في النزاعات الداخلية لا منتصر بل أن الجميع يخسرون خاصة عندما يكون النزاع بين مراجع دينية فهو سريع الإشتعال.
ومن جهته اعتبر المحلل السياسي فيصل عبد الساتر في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” ان ما حصل بين المجلس الشيعي الأعلى وبكركي صفحة طُويت، مشيراً إلى أنه هناك عمل دؤوب بين الجانبين على اعادة وصل الأمور وترطيب الأجواء لأن هذه القضية تركت الكثير من التداعيات.
ورأى عبد الساتر أن الأمور عادت الى نصابها وتحتاج الى متابعة دقيقة حتى لا نقع في مثل هذه المشكلة مرة أخرى، قائلاً: “توضيح بكركي كان مناسباً رغم انه لم يكن من داعٍ لأن ندخل بهذا النوع من السجالات لكن اعتقد ان اللذين تعاطقوا مع هذا الموضوع من خارج المؤسستين المعنيتين زادوا في الطين بلة واعتقد ان هذا الأمر سيكون درس للجميع حتى لا يتسرعون في اطلاق المواقف المضادة.”
ولفت عبد الساتر أن العظة مكتوبة فكان من المفترض ان لا يقع الراعي في مثل هذا الإلتباس، مشيراً إلى أنه لم يكن موفقاً بطرحه لمثل هذه القضية الحساسة.
واضاف: “اذا كان البطريرك فعلاً لديه نوايا معينة هذا لا يمكن لأحد ان يتبينه، فهذه المسألة ليست بسيطة وعادية قد يظن البعض انها في إطار الكلام ولكن المسألة ليست خطأ بل خطيئة كبرى والبادئ بهذا السجال هو المسؤول”.