ستكون مُحاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال مهرجان انتخابي في بنسلفانيا ليل السبت الأحد عنوان المرحلة المقبلة، لأنها قد تحمل من التداعيات ما يكفي لأن تكون حدثاً تاريخياً جديداً له وزنه ومفاعيله على الصعيد الأميركي الداخلي وعلى الصعيد الدولي الخارجي.
مُحاولة الاغتيال ستشد عصب المعسكر الجمهوري في الولايات المتحدة أكثر، وسيتمكن هذا المعسكر من الاستفادة من نقاط عدّة على هامش مُحاولة الاغتيال لاستقطاب الأميركيين والتصويب نحو الديمقراطيين.
بعض المراقبين يعتبرون مُحاولة الاغتيال قد حسمت الانتخابات، وبات ترامب قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى البيت الأبيض، في حين أن منافسه الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن ليس في أفضل أحواله ويواجه ضغوطاً داخلية تنتقد أدائه وقدراته، وضغوطاً خارجية من القريبين والبعيدين، ومنهم إسرائيل.
وبالحديث عن إسرائيل، فإن ضغوطاً جديدة من المرتقب أن تنزل على بايدن مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، علماً أن نتنياهو يُجهّز العدّة لبايدن أمام الكونغرس ويستعد لانتقاده ودعم ترامب من بين السطور.
ووفق مراقبين، من المتوقع أن تؤدي إلى هذه المشهدية، أي شد عصب الجمهوريين وتقدّم ترامب انتخابياً وانتقادات نتنياهو والضغط عليه سياسياً، إلى تركيز بايدن اهتماماته على الداخل الأميركي لتعويض خساراته المتراكمة وغض النظر عن إسرائيل وتخفيف الضغط عنها لتفادي المزيد من الخسائر.
نتيجة هذا الواقع، ستكون حرية إسرائيلية أوسع في حرب غزّة ولبنان، وفي هذا السياق، من الواضح أن إسرائيل تُحاول بشتى الأساليب تطيير جميع محاولات التوصّل إلى هدنة لأنها تُريد استمرار الحرب والمجازر والتدمير ولا تهتم لرهائنها كما تزعم، لا بل تقتلهم عمداً للتخلّص من عبئهم.
والتصعيد الذي حصل في المواصي في خان يونس لا ينفصل عن واقع دفع إسرائيل لتطيير مفاوضات الهدنة، خصوصاً وأنها أعلنت أن نيتها كانت استهداف قائد “القسّام” محمد الضيف، واغتيال المقرّب منه رافع سلامة، لكن “حماس” أعلنت نيتها الاستمرار في المفاوضات.
مستقبل الجبهة بين إسرائيل و”حزب الله” مجهول حتى الساعة، لكن ملامحه قد تتضح بعد خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، لأنه من المفترض أن يتطرّق إلى مختلف جبهات إسرائيل، ولبنان ضمناً، لكن الخطر قائم ويزيد في حال كان بايدن سينشغل عن المنطقة بانتخاباته وسيُعطي إسرائيل ما تريد لاستراضائها.
بالعودة إلى الولايات المتحدة ومُحاولة اغتيال ترامب، فإن مفارقة خطيرة لفتت إليها وسائل إعلام أجنبية، مفادها أن الأمن في الولايات المتحدة بات “وهماً”، لكن الأخطر هو تنامي مشاعر الكراهية وممارسات العنف، وهي معالم تُناقض معالم الديمقراطية التي تزعم الولايات المتحدة أنها راعيتها عالمياً.
تنامي هذه المشاعر يترافق مع تصاعد التيارات اليمينية والمحافظة المتشدّدة عالمياً، من أوروبا إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرها، وهذه مؤشرات سلبية تشي بأن العالم يتجه إلى مزيد من التوتر السياسي ومزيد من بناء الحواجز بين الأمم، والعالم كله، ولبنان ضمناً، لن يكون بمنأى عن تبعات هذه السياسات.
في المحصلة، فإن مرحلة جديدة تفتح بابها مع مُحاولة اغتيال ترامب، ولبنان سيكون بين الدول التي تستعد لمواجهة التداعيات السياسية وغير السياسية للأحداث، وبالتالي فإن تكافلاً داخلياً مطلوبٌ لتحصين لبنان، لأن الاحتمالات مفتوحة على مصرعيها.
المصدر: الانباء الالكترونية