الأزمة ليست سياسية ولا رئاسية بل أزمة انتماء وأخلاق

كتب صائب بارودي

ثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع أن كل ما يُحكى ويُقال ويُكتب عن مبادرات ومساعٍ ولقاءات ومباحثات لمعالجة الأزمة اللبنانية وما يزعم من تكهنات وتوقعات ما هي إلاّ ثرثرة على ضفاف مجرى الأزمة المنجرف نحو الإنهيار. ما ولّد لدى الشعب اللبناني قناعة تامة واعتقاداً راسخاً بأن الأزمة ليست سياسية ولا رئاسية بل تتعداها إلى أخطر من ذلك ما يُنذر بزوال الكيان السياسي واستمراره الجغرافي كما حدّده الموفد الفرنسي لودريان في وقتٍ سابقٍ !.فالأزمة اللبنانية يشدّ حبالها جهتان”الحزب ومحور الممانعة كما يسمّونه ويتصدر سدّة التفاوض بإسمها الرئيس نبيه بري بتكليف من الحزب وتوجيهاته،والمعارضة التي ينتحل سمير جعجع صفة التحدث بإسمها بحكم واقع الشرذمة بين قواها المتعددة والمتصارعة على الظهور والتمايز في الحضور !؟والواقع أن الرئيس بري وجعجع يتبادلان الخدمات في اختلاق مبررات العرقلة والتعطيل،فالرئيس بري مصرّ على إجراء الحوار تمهيداً لإنتخاب الرئيس ولو يُعدّ خرقاً للدستور، وجعجع يرفض الحوار وتلبية الدعوة إليه لخرقه الدستور وإشكالياته، متجاهلاً دقة الظروف وحساسيتها وخطورتها، وكأن الدستور لم يُخرق في حالة الرئيس السابق ميشال عون.وفي الواقع هو افتعال مبرر لاستمرار الأزمة وتعطيل الحلول فالرئيس بري لن يدعو إلى جلسة حوار يُقاطعها طرف سياسي كالقوات التي لن تشارك في حوار تخشى نتيجته وعاقبته.وحقيقة الأمر إن الطرفين لا يعيران اهتماماً للوطن وأزمته فكل منهما يتوجهان بخطابهما السياسي إلى بيئته وجمهوره، ولكل منهما فيهما أهدافه ومشاريعه المشبوهة الخبيثة الباطنية والطائفية.فمن أولى اهتمامات جعجع حماية المجتمع المسيحي كأقلية وحيدة في المشرق العربي أو الإسلامي كما يسميه، لذلك يسعى إلى انتخاب رئيس يحقق أمنه واستقراره ويضمن صلاحياته ومصالحه أو الفيدرالية.ولا يعيقه لتحقيق ذلك التحالف مع أبناء طوائف أخرى في الوطن ولن يتوانى عن الضرر بهم إن اقتضت الظروف كما مارسه مع الرئيس سعد الحريري في مرحلة سابقة حين أوقع بينه وبين القوى السياسية اللبنانية الأخرى ليُخرجه ويبعده عن الساحة السياسية لينفرد بزعامة المعارضة ويتصدر المشهد السياسي اللبناني.كذلك الحزب لا أهمية لاستقرار الوطن وأمنه ووحدته لديه بل يفتعل حروباً ومعارك جانبية تحت مسمى وحدة الساحات يحقق فيها انتصارات وهمية ومكاسب ونفوذ وهيمنة على مقرراتها ومقاليدها لتجييرها إلى مرجعيته المذهبية في إيران تحت مسمى وحدة المذهب لا إنتماء لوطن معه.والسؤال وفق هذه التصورات وحده الصراعات كيف يأمل الشعب اللبناني بمعالجة لأزمته المتفاقمة التي ليست أزمة سياسية ولا رئاسية بل أزمة انتماء وأخلاق؟؟.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: