بقلم تيريزا كرم
في خضم الأحداث السياسية المتسارعة في “التيار الوطني الحر”، والتي شهدت مؤخراً إقالة النائب ألان عون، وهي على كل حال لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقتها إقالات لنواب سابقين كانوا مناضلين بارزين في صفوف التيار، وتلتها صباح اليوم استقالة النائب سيمون أبي رميا، ما يثير تساؤلات عميقة حول مفهوم الديمقراطية التي يروّج لها رئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل.
بيان النائب المستقيل سيمون أبي رميا، أكد تحوّل التيار “البرتقالي” الى حزب الشخص الواحد بقوله: “تحوّل نظامنا تدريجياً إلى نظام رئاسي وبدأت مسيرة الانتقال من التعددية الفكرية الغنية نحو الأحادية والتفرد”، ما قد يسلط الضوء على مخاوف من احتمالية ترهّل التيار.ويعتبر البعض أن هذه التطورات تعود إلى العلاقة الوطيدة بين النائب جبران باسيل ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، حيث يُعتقد أن باسيل يستفيد من هذه المصاهرة لتحويل التيار إلى حزب يدور حول شخصه ويقدّم له الولاء الكامل، وكل من يعارض هذا التوجه يتم إقالته. وما كانت إقالة ابن شقيق الرئيس السابق ميشال عون إلا دليلاً على ذلك، بالإضافة إلى إقالات أخرى مثل النائب السابق زياد أسود وغيرهم. أما بالنسبة لاجتماعات التيار النيابية والتنظيمية، فهناك الكثير من المواطنين باتوا يرون أنها مجرّد إجراءات صورية واعلامية، واتضح ذلك جلياً في الفترة الاخيرة خصوصاً بعد ان شهد شاهد من اهل البيت بقوله:”اما وقد انتقلنا اليوم الى حصرية قيادة التيار عبر الرئاسة الحالية للحزب”!..
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل هناك من يجرؤ على الترشح في وجه الرئيس جبران باسيل أو حتى طرح آراء مختلفة عنه؟ وإذا تجرأ أحدهم، هل يقدم العونيون على انتخاب شخص آخر؟ هل تنقسم كتلة “التيار الوطني الحر” النيابية إلى عدة كتل؟..
في حديث خاص ل “ديمقراطيا نيوز” ، أوضح النائب غسان عطالله موقف التيار من هذه الإقالات و الاستقالة الاخيرة، فيقول: “في كل أحزاب العالم، بعد قسم اليمين يجب الالتزام بسياسة الحزب وقراراته وكل ما تريده الإدارة والرئيس. ففكرة الحزب بُنيت على الالتزام بقرارات وسياسات معينة”. بالنسبة للخرق الذي مارسه النائب ألان عون، يوضحه عطالله قائلاً: “الظهور على شاشة MTV في الوقت الذي كان قد صدر عن التيار الوطني الحر قرار طا حزبيا تنظيميا بعدم الظهور على هذه المحطة، ما يعتبر التفرد بالرأي وخرقاً لقرارات الحزب. الخرق الثاني هو اعتبار النائب ألان عون أنه يمتلك الحرية الكاملة بأن ينتخب من يريد في رئاسة الجمهورية دون أن يصرح للتيار بالاسم الذي سيختاره للرئاسة. بالإضافة إلى عدة أمور كان يصرح بها بشكل علني، وكان يعلن عن اختلافه مع التيار في هذه النقاط.
وبحسب عطالله، هذه الأمور يجب أن توجه إلى قيادة التيار في الاجتماعات الداخلية وليس عبر وسائل الإعلام. وبنظر عطالله، النائب ألان عون هو من خرق مفهوم الديمقراطية بعدم احترامه لقرارات صدرت بالأكثرية”.
وعند سؤاله حول الديمقراطية الصورية التي يتحدث عنها الرأي العام ، يؤكد عطالله أن هناك اجتماعات ومناقشات دورية وأسبوعية داخل التيار، وكل القرارات تصدر بالأكثرية. ويضيف: “الديمقراطية هي أن يتم فتح المجال للآراء الأخرى واحترام القرارات التي تصدر بالإجماع. قمة الديمقراطية، بحسب عطالله، أن يكون هناك معارضة وموالاة في الداخل وليس على العلن.
ويشير عطالله أن الحزب ليس جمعية، فهو قرارات ووقفات والتزام، والذي يحدث في التيار حدث سابقاً في حزب الطاشناق والكتائب، وكذلك في حركة أمل وحزب القوات اللبنانية. فهذا شيء موجود وطبيعي”. وحول إمكانية تشكل كتل متعارضة داخل التيار ، أكد عطالله ، أنه لا يمكنه التنبؤ بهكذا موضوغ حاليا و كان من الممكن حل كل الخلافات داخليا حتى لو وصل الامر الى تعديل السياسية العامة داخل الحزب .
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال: هل ستتحقق “العشرة عبيد صغار” التي تحدث عنها النائب سيمون أبي رميا؟ وهل مفهوم الديمقراطية في التيار الوطني الحر هو تفرد جبران باسيل بالقرارات أم خرق النواب لتصريحات مخالفة لقرارات الحزب؟وهل سيكمل التيار بسياسة دفن الرؤوس بالرمال وتجاهل ما يحدث؟…