أثار إعلان الجيش الإسرائيلي انتهاء عملياته العسكرية “بشكل عام” في غزة جملة تساؤلات عن التوقيت والهدف من الإعلان، بالإضافة إلى مدى واقعيته، وتزامن هذا الإعلان مع انتهاء جولة المفاوضات في الدوحة التي وصفت بأنها “الفرصة الأخيرة” للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع وإبرام صفقة تبادل أسرى، فهل هذا الإعلان هو جزء من المفاوضات؟ وأين أصبحت المفاوضات؟ وما هي أبرز فجواتها؟
بقلم وفاء مكارم
في السياق، أكد أستاذ العلاقات الدولية رئيف خوري أن هذا الإعلان هو إعلان استجابة للطلب الأميركي لوقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن إسرائيل لن توقف العمليات العسكرية بل سيبقى لها القدرة على الدخول إلى أي موقع في القطاع سواء نجحت المفاوضات أو فشلت.
كما اعتبر خوري هذا الإعلان بمثابة تمهيد لاتفاق جديد قد يطرأ على المفاوضات في العاصمتين المصرية والقطرية وهو إشارة لحماس بأن إسرائيل جادة لوقف إطلاق النار الذي هو مطلب ضمني لحماس من الولايات المتحدة التي فرضته على إسرائيل. وعن غاية هذا الإعلان، كشف خوري أن من خلال هذا الإعلان تتمكن إسرائيل من إعلان انتصارها وعدم انتصار محور الممانعة وحماس ما يعطي مبرراً أمام التطرف الإسرائيلي للموافقة على وقف إطلاق النار ولو مؤقتاً.
وحول سير المفاوضات، لفت خوري إلى أن هناك تقدم بطيء جداً للمفاوضات بالرغم من الضغوطات القوية من الجانب الأميركي على تل أبيب ومن قبل مصر وقطر على إيران للضغط على حماس، مشيراً إلى أن المفاوضات يتخللها فجوات بما خص المعابر حيث إن إسرائيل قدمت حلاً وسطياً بأن يكون في معبر رفح قوة صغيرة من الجيش الإسرائيلي وهو ما رفضته مصر.
وأضاف أن هناك فجوة ثانية تتعلق بمعبر وادي غزة حيث تصر إسرائيل على تفتيش العائدين من الجنوب إلى الشمال فطرحت الولايات المتحدة حلاً وسطياً فحواه أن إسرائيل لها الحق في التفتيش ولكن أن لا تفتش الجميع وهذا ما رفضته حماس. كما أشار خوري إلى فجوة ثالثة تتعلق بالوجود الإسرائيلي العسكري حيث تطرح الانسحاب الإسرائيلي إلى شرق المدن المكتظة وانسحاب حماس بالكامل من هذه المناطق.
كما تكلم خوري عن فجوة رابعة ألا وهي تبادل اللوائح، قائلاً إن إسرائيل تطالب بلائحة اسمية للرهائن لدى حماس التي تمتنع بدورها من تسليمها لأنه بمجرد أن تحصل إسرائيل على هذه اللوائح ستقرر على من ستفرج من الأسرى الفلسطينيين لديها وبعدها تتمكن إسرائيل من العودة إلى العمليات العسكرية في غزة واستهداف ما تبقى من قادة حماس العسكريين الأحياء داخل القطاع.
بالإضافة لكل ذلك، أكد خوري أن هناك إشكالية بما يتعلق باليوم التالي حيث إن إسرائيل تريد أن يتولى البدو والعشائر الحكم في غزة وأن تبقى قواته لفترة زمنية داخل القطاع إلى جانب قوة عربية ودولية وهذا ما رفضته السلطة الفلسطينية وحماس .
واعتبر خوري أن هذا الطرح جاء بعد طلب إيران وحزب الله من الولايات المتحدة لتأمين مخرجاً ما كي لا ينفذا ردهما على الاعتداءات الإسرائيلية ومن هنا جاء الضغط الأميركي وإشاعة الجو الإيجابي في المفاوضات لتعطي لإيران حجة تبرر من خلالها عدم الرد لأنها مُحرَجة أمام الداخل بعد الخرق الإسرائيلي في أعلى الأجهزة الأمنية والمخابراتية لديها، كما أن حزب الله يعاني أيضا من هذه الخروقات التي طالت أكبر قيادي عسكري فؤاد شكر .
من جهته اعتبر المحلل والكاتب السياسي مصطفى فحص أن إعلان إسرائيل انتهاء العمليات العسكرية في قطاع غزة هو نوع من خفض التصعيد، لافتاً إلى أن إنهاء الحرب هو اتفاقية سياسية وإنسانية أما وقف العمليات العسكرية يدل على أن الجيش الإسرائيلي انتشر وسيطر وهو محتل دون اتفاق سياسي.
كما أشار فحص إلى أن هذا الإعلان هو اتفاق من طرف واحد، معتبراً أن سببه قد يكون تنفيس نتنياهو للضغط الداخلي، قائلاً: “لا ندري إن كان هذا الإعلان جزء من مفاوضات الهدنة لوقف إطلاق النار او أنه مجرد إلتفاف على الأمر”.
وأكد فحص أن إيران تحاول أن تشتري نصراً مجانياً لتُبين أنها فرضت على الولايات المتحدة وقف إطلاق النار في غزة مقابل عدم الرد على الخروقات في إيران، معتبراً ان هذا الأمر لا معنى له على الصعيد الاستراتيجي لان أيران تعلم مدى كلفة هذا الرد عليها كما لا يمكنها من موقعها أن تفرض على الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار.
وختم فحص أن الولايات المتحدة الأميركية تحاول تمرير هذه الهدنة لتقطيع جزء من الانتخابات، مشدداً على أن إيران تبيع انتصارات وهمية.