بصواريخه الـ 320 أنهى حزب الله رده على اغتيال القيادي فؤاد شكر، وانتهى معه الانتظار الثقيل الذي أرهق اللبنانيين الرافضين لفكرة زج لبنان بحرب شاملة لا ناقة لنا فيها ولا جمل. فالحزب الذي نفذ هجوماً جوياً بعدد كبير من المسيرات والصواريخ نفى الضربة الإسرائيلية الاستباقية لإحباط هذا الهجوم رغم حدوثها، فكانت تلك الصواريخ كأنها ألعاب نارية لم تقدم أو تؤخر ولا رسائل مبطنة تحملها سوى أن الحزب بات يتلهى بمقولة “اضربني لأضربك” حتى تنتهي مهزلة المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة التي قد تمكنه خفايا بنودها شرعنت سلبه السلطة والسيادة وقرار الدولة في لبنان!.. فما هي تداعيات هذا الرد؟ وهل حفظ الحزب ما الوجه؟
بقلم وفاء مكارم
لفت الصحافي أسعد بشارة إلى أن حزب الله انتظر ما يقارب العشرين يوماً للرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر، مشيراً إلى أن ما حصل لا تنطبق عليه صفة الرد ، بل هو تأكيد لحق الرد بغض النظر عن النتائج التي أدى إليها والتي تردد أمين عام حزب الله حسن نصرالله في تأكيد حصولها إذ إنه رمى مسؤولية ما ادعاه عن إصابة مركز استراتيجي ضد تل أبيب على عاتق الإسرائيليين.
وأضاف بشارة أن هذا الأمر هو أغرب ما يمكن أن يفعله أي طرف يدعي الدقة في عمله، وأنه عندما يدعي طرف ما إصابة موقع استراتيجي عليه تأكيد هذه الإصابة بالدليل وإلا يكون ما حصل مجرد بروباغاندا وشعر وكلام خالي من أي مضمون حقيقي، لافتاً إلى أن الحزب لم يقدم أي دليل عن تحقيق الضربة لأهدافه.
كما اعتبر أن الضربة الاستباقية التي نفاها حزب الله رغم حدوثها ورده بحد ذاته لم يخرقا الخطوط الحمراء بل بدا بمثابة حفلة ألعاب نارية شبيهة بالرد الإيراني على إسرائيل. وعن حفظ الحزب ماء الوجه أمام أتباعه، أشار بشارة إلى أن حزب الله لم يستطع حفظ ماء الوجه، موضحاً أن الحزب قال إنه رد على اغتيال فؤاد شكر لكنه ناقض نصرالله كلامه الذي قاله سابقاً عن أن الضاحية مقابل تل أبيب بالإضافة إلى مناقضته لكلامه عن معادلات الردع.
ولفت بشارة إلى أن ما يسمى معادلة الردع قد اختلت بنسبة ٩٠٪ لصالح إسرائيل، مؤكداً أن كل ما حققه حزب الله أنه احتفظ بحق الرد وأنه يحتفظ بورقة أخيرة هي إطلاق النار من الجنوب بحيث يُفرغ المستوطنات من عشرات آلاف المستوطنين. ومن هنا، تساءل بشارة: هل تبقى هذه الورقة قابلة للصرف في الأسابيع والأشهر المقبلة إذا استمرت الحرب؟، معتبراً أن الجواب ما زال غير معروف.
من جهته، رأى الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد بسام ياسين أن أهم ما حصل في عملية الرد هو فكرة الرد المنفرد للحزب بحد ذاتها رغم كل الضغوطات الدولية والتهديدات والتهويل، معتبراً أن الحزب من خلال انتقائه لأهدافه العسكرية بعيداً عن الأهداف المدنية كان هدفه عدم جر الإسرائيلي لفتح حرب شاملة يدرك الحزب والعدو معاً حجم نتائجها السلبية.
وأكد ياسين أن الحزب قادر على الدفاع والصمود بحال شنت إسرائيل حرب شاملة، مشدداً على أن الحزب ليس دفاعاً كلاسيكياً بل هو مقاومة حتى آخر نفس يسعى لمنع العدو من تحقيق أهدافه.
ولفت ياسين إلى أن حال الحزب كحال حركة حماس التي ما زالت تقاتل، معتبراً أن مقياس الانتصار والهزيمة هو في ان لا يسمح أي طرف في تحقيق الأهداف العسكرية للطرف الآخر، مضيفاً أن الأمر بعيداً عن حجم الخسائر المادية والبشرية بل مجرد خوض حرب مع جهة أقوى ومنعها من تحقيق أهدافها يكون ذلك أكبر انتصار.
وعن تداعيات هذا الرد على المفاوضات، أعاد ياسين التأكيد أن لا مفاوضات جدية بشأن غزة بل باتت ملهاة وتضييع الوقت، داعياً لعدم التعويل على فكرة وقف إطلاق النار في غزة لعدم توفر حل منطقي.وعن تداعيات الرد على الجبهة الجنوبية، لفت ياسين إلى أن الظروف الدولية لا تسمح بتوسيع التصعيد نحو حرب شاملة، مشيراً إلى أن الجميع في انتظار الانتخابات الأميركية الجديدة وتشكيل إدارة أميركية جديدة يكون لها سياسة خارجية واضحة تحدد أهدافها ان كانت ستجنح الولايات المتحدة نحو السلام او الحرب.