اللجنة الخماسية .. هبّة باردة و هبّة ساخنة !!

بقلم خالد صالح

انتهت الإجازة الصيفية لأعضاء “اللجنة الخماسية” المكلفة معالجة الملف الرئاسي ووضعه على السكة بهدف إنجازه، لاسيما نحن على عتبة مرور سنتين على “الفراغ” وأكثر من سنة على آخر جلسة انتخاب ومازالت “العقدة في المنشار” قائمة، حوار أو تشاور قبل الانتخابات أو حوار مفتوح لكن بوجود رئيس للجمهورية، وسط تفاؤل حذر لأن اللجنة لاتملكُ خارطة طريق واضحة لهذا الاستحقاق .
لاشكّ أن مابعد “طوفان الأقصى” ليس كما قبله، فالاستحقاق الرئاسي دخل عمق الأزمة المفتوحة إقليميًا، بالرغم من تأكيد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، أن لا رابط بين جبهة الإسناد في الجنوب والحرب على غزة وبين الانتخابات الرئاسية، من هنا يأتي تحرك الخماسية هذه المرة لاعادة الحرارة لهذا الملف الشائك، وتكثيف جهودها لإيجاد منطقة في “المنتصف” أو كما بات معروفًا “الخيار الثالث”.
عقدة المواصفات
قيّدت اللجنة الخماسية نفسها بجملة من “المواصفات” المطلوبة لشخص الرئيس العتيد ونأت بنفسها عن الأسماء فتركت الأمر “رماديًا”، فلم تقبل بهذا ولم ترفض ذاك، تحث على مبدأ “الحوار” وتؤيده لكنها لم تضع خارطة لعقده، منفتحة على جميع الأطراف بديبلوماسية “حذرة” كي لا تقع تصرفاتها في متاهة الالتباس، وعاجزة عن خلق مساحة مشتركة بين المواقف الحادة القائمة ..
في موقف المعارضة المواصفات محددة “رئيس سيادي”، وفي موقف حزب الله المطلوب “رئيس لا يطعن ظهر المقاومة”، وفي موقف المواطن اللبناني “رئيس يؤسّس”، وهنا مكمن العقدة التي تعاني منها الخماسية، فهي محكومة لاإراديًا بالمشهد الاقليمي وتقاطعاته وتجهد للوصول بشكل توافقي إلى تسوية رئاسية تمنع البلاد من السقوط في دائرة المجهول .
وبالرغم من الأجواء الايجابية عن استمرار الخماسية في مسعاها، إلا أنّه لاخرق متوقّعًا ولا معطى واضحًا، فالولايات المتحدة تجهل مضمون الحراك السعودي – الفرنسي لهذا لا يُعوّل على هذا للبناء عليه، بينما حراك كل من الموفد الفرنسي “جان إيف لودريان” والمسؤول السعودي المباشر عن الملف اللبناني “نزار العلولا” الغاية منه العمل على زيادة الزخم في المرحلة المقبلة للتوصل إلى تقاطعات كبيرة وقواسم مشتركة في “المواصفات” المطلوبة لرئيس المرحلة المقبلة .
النزول عن الشجرة
المصادر المراقبة للملف الرئاسي تؤكد أنه لا يمكن عزل الملف الرئاسي عن الواقع الإقليمي، وترى أن معالجة هذا الاستحقاق داخيليًا فقط يتطلب تقاربًا ما في وجهات النظر، لكن هناك استحالة لحدوث هذا الخرق بسبب “التعنّت” الذي تمارسه جميع القوى وتمسكها برؤيتها، افلجميع من دون استثناء ومنذ 14 حزيران 2023 صعدوا إلى شجرة المواقف وبات النزل عنها بمثابة “خسارة” لا يمكن تحمّلها، لهذا فإن المسار الذي ستتبعه الخماسية هو في بلورة حل ما يسمح للأفرقاء بالنزول من دون خسائر .
وتؤكد المصادر عينها أنه رغم الترابط بين جبهة غزة والاسناذ في الجنوب، إلا أنه ليس من الضروري أن ينسحب أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وقد يعمد العدو الاسرئيلي إلى توسعة رقعة الحرب على جبهته الشمالية لتحقيق غاياته المتمثلة في عودة المستوطنين وإبعاد “حزب الله” عن الحدود، وإرغام لبنان على تنفيذ مندرجات الـ 1701 بأي وسيلة، وبالتالي فإن الاستحقاق الرئاسي قد يبقى معلّقًا لحين وضوح المشهد وربما إلى ما بعد الخامس من تشرين الثاني المقبل .
عودة الحرارة إلى اللجنة الخماسية تتطلب وعيًا داخليًا للتطورات الإقليمية وتتطلب لقاءً في منتصف الدائرة لاستثمار الانشغالات الإقليمية وزيادة في منسوب التفاؤل على إنضاج حل لبناني – لبناني، وإن كانت مبادرة الرئيس بري فيها شيء من التوافق الداخلي، فإن رهان المعارضة على جهود الخماسية فقط من دون تقديم أي حلول داخلية هو ضرب لمفهوم السيادة الذي تنادي به وخصوصًا في الملف الرئاسي ..
في الخلاصة إن بقاء الفراغ الرئاسي في دائرة المراوحة السلبية يترك تداعيات خطيرة على المستوى الوطني، لاسيما وأن استحقاقات أخرى مقبلة علينا وتتطلب انتظام عمل المؤسسات بالصورة الطبيعية، لأن التفكك القائم على مستوى الإدارات والمؤسسات الرسمية ينذر بخطر شديد على البلاد، ومن المؤسف أن يبقى هذا الاستحقاق أسير الرهانات على الخارج، بينما المطلوب التحلّي بالحس الوطني لمساعدة أي تحرّك خارجي يهدف لمعالجة أزماتنا بدءًا من أزمة الرئاسة .

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة: