
بقلم وفاء مكارم
يبدأ مجلس الوزراء اليوم دراسة ومناقشة مشروع موازنة 2025، ففي بلد تقاعص فيه مسؤوليه عن القيام بمسؤولياتهم في الاستحقاقات الدستورية إلا أن الحكومة إلتزمت بالمهل الدستورية حيث أعدت وزارة المال الموازنة وأحالت المشروع الذي يتضمن نفقات بقيمة 4.77 مليار دولار مقابل ايرادات بقيمة 4.58 مليار دولار وعجز بقيمة 196 مليون دولار، لكن هذه الموازنة تفتح المجال أمام الاستدانة لسد العجز والسؤال الأهم اليوم من سيقرض الدولة؟ وهل ستستحدث ضرائب جديدة؟
في السياق، اعتبر عضو لجنة المال والموازنة النائب غسان حاصباني في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” أن اللجنة ترفض استحداث ضرائب جديدة، داعياً الحكومة إلى جباية الضرائب التي فرضتها سابقاً قبل التفكير بفرض ضرائب جديدة.
وعن زيادة الايرادات غير الضريبية أشار حاصباني إلى أنها تكمن في المؤسسات المملوكة من الدولة مثل الكهرباء والتي تعاني من سوء إدارة وسوء جباية، وهذه الإيرادات يجب أن تكون مدروسة على أساس معين لا ان تقدم خدمات وهمية، مشدداً على انه لا يمكن رفع تسعيرة الكهرباء مثلاً دون زيادة ساعات التغذية .
وأضاف حاصباني: “نقترح أن يدير القطاع الخاص هذه المؤسسات كي تقدم خدمات للمجتمع وللاقتصاد وعندها يمكن للاقتصاد أن يُدخل مداخيل للدولة بشكل منتظم.
واعتبر حاصباني أن فكرة الاستدانة غير واردة لعدم وجود أي جهة مستعدة لاقراض الدولة اللبنانية، داعياً أن تعول الدولة على وارداتها. وشدّد حاصباني على ضرورة أن تترجم الموازنة بأفعال تنفيذية على أرض الواقع.
وحول العجز المالي، أشار حاصباني إلى أنه بحال حملت موازنة 2025 عجزاً مالياً يجب على الحكومة سد هذا العجز بتحصيل الضرائب لا بترك الاقتصاد غير الشرعي يتهرب من الضرائب عوضاً عن فرض ضرائب جديدة.
وختم حاصباني، أنه لا يمكن الحكم حالياً على الموازنة قبل وضع صيغتها النهائية، داعياً إلى ضبط الهدر من خلال إدخال المدخول الصحيح والكامل إلى خزينة الدولة.
من جهته، رأى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” بأن موازنة 2025 هي موازنة العجز وغياب الإصلاحات وزيادة الضرائب وهي موازنة الاستدانة، معتبراً بأن دون الإصلاحات بالمالية العامة لا يمكن أن تستقيم الدولة.
ولفت عجافة أن الموازنة ستتضمن زيادة في الإيرادات عبر زيادة الضرائب والرسوم او من خلال الاستدانة، مشيراً إلى ان الإيرادات غير الضريبية سترتفع أيضا ً بحكم الأمر الواقع.
وأكد عجاقة أن سياسة الاقتراض إلزامية وحتمية كي نتفادى العجز بعد ان عجزت الدولة من السيطرة على اقتصاد الكاش، لافتاً الى أن تصفير العجز على الورق يُبقى العجز قائماً.
وحذّر عجاقة من ان تحمل موازنة 2025 عجزاً مالياً خاصة بعد أن صرح رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أنه لن يقبل بزيادة ضرائب على المواطنين وهذا يعني إلغاء بعض الإيرادات ما يعني وجود عجز مالي بحال لم يتم إلغاء جزء من النفقات ولم تستطع الدولة الاستدانة.
وقال عجاقة: “السؤال الجوهري يكمن في من هي الجهة التي ستقرض الدولة؟ خاصة بعد أن توقفت عن دفع مستحقات الدين العام ولم توقع اتفاقية مع صندوق النقد، أما داخلياً المصارف لن تخاطر وتقرض الدولة، وأن الوحيد القادر على إقراضها هو مصرف لبنان الذي رفض حاكمه بالإنابة وسيم منصوري تقديم أي مساعدة للدولة إلا ضمن قوانين”.
وتساءل عجاقة: “ان فُرض على منصوري إقراض الدولة هل سيطبع المزيد من العملة؟ أم لديه مال خاص؟
وعن مطالبة البعض بإعادة النظر بقانون الموازنة، شدّد عجاقة أن القانون لا يحتاج لإعادة نظر بل علينا احترامه من ناحية طريقة الوضع وواقعية التوقعات الماكرو_اقتصادية والمالية مع الأخذ بالاعتبار الظروف القاهرة التي يمر بها البلد جراء العدوان الإسرائيلي والمطالب الشعبية، معتبراً أن هذه الموازنة لا تحمل محاسبة حيث لا يمكن محاسبة حكومة مستقيلة.
وحول المساعدات الخارجية، أكد عجاقة أن لا مساعدات للبنان لان المجتمع الدولي قال للدولة اللبنانية بكل وضوح طالما لم تقوم بالإصلاحات المطلوبة لن تحصل على مساعدات مالية، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي ربط أمر المساعدات بتوقيع اتفاقية مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف أن التوقيع أوقف بغياب اي قرار سياسي وعلينا انتظار انتخاب رئيس للجمهورية وتشكل حكومة أصيلة كي نستطيع الاتفاق مع الصندوق وخاصة أنه لا يمكنه توقيع اتفاقيات سوى مع حكومات أصيلة.
ورغم كل ما سبق، لفت عجاقة أن الأمر الإيجابي في موازنة 2025 أنها احترمت المهل الدستورية، مؤكداً أن وجود موازنة بحد ذاتها أمر مهم جداً يسمح فيما بعد لإجراء قطع حساب كما يسمح بملاحقة الإنفاق.