التصعيد سيد الموقف لفترة من الزمن.. وإشكاليات النزوح في الواجهة

كتبت كارول سلوم في “اللواء”: 

لن يعود التاريخ في لبنان إلى ما قبل السابع عشر من أيلول، يوم تفجيرات البيجرز والأجهزة اللاسلكية الأخرى، ففي هذا الموعد انطلقت شرارة التصعيد العسكري بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، وبلغ ذروته في أعقاب اغتيال قائد قوات الرضوان ابراهيم عقيل، ولا يزال حاصدا معه شهداء وجرحى من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية بفعل عدوان همجي. وحاليا لا صوت يعلو فوق صوت الغارات، أما الآمال المعقودة بالتوصل إلى وقف إطلاق النار فقد تنهار في ظل تمسُّك رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بالتزامات قطعها على نفسه لجهة تحقيق انتصار ما بديل عما جرى في غزة والإصرار على مطالبه، في حين أن حزب الله لن يتراجع عن المعادلة التي أخذها على عاتقه وهي جبهة الاسناد وعدم فصل مسار لبنان عن مسار غزة. بالطبع كان الإسرائيلي يخطط للمشهد الدموي في لبنان في الوقت الذي برزت فيه بعض القراءات والتحليلات عن استبعاد فرضية هذه الحرب الدائرة وتوسيع نطاقها. 

وفي ظل هذا الواقع، فإن الحرب قد تستغرق وقتا قبل أن تنجح المفاوضات التي يقوم بها الجانب الأميركي والعاملون على هذا الخط من أجل التوصل إلى الهدنة المطلوبة وتجنيب البلاد الوصول إلى مصير غزة. 

صحيح أن المشاورات لإنتاج الحل قائمة إنما الكلمة الفصل لطرفي النزاع، ومن هنا تفيد مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن هناك سلسلة ضغوطا تمارس إنما لا شيء في الأفق يوحي باقتراب الحل، وهذا لا يعني أنه لن يقوم خصوصا على قاعدة «اشتدي أزمة تنفرجي»، وان التصعيد الحاصل بدأ بتحريك دول العالم وإن حصل ذلك متأخراً، وتذكر بأن حرب تموز استغرقت أكثر من شهر، وبالتالي ليس معلوما ما إذا كانت الحرب الدائرة اليوم ستطول إلى هذه المدة، مشيرة إلى أن العدو الإسرائيلي مصمم على وجود إطار جديد لوضع حزب الله على الحدود، أي أن تكون العلاقة بين الطرفين وفق إطار جديد.
وتشير هذه المصادر إلى أن الأصوات التي تصدر من الداخل والمنددة بجر لبنان إلى الحرب، يتوقع لها أن تتكثف وتتواصل على قاعدة واحدة التراجع عن مبدأ جبهة الاسناد التي كلفت لبنان ثمنا باهظا، وفي هذا السياق لا تجد قوى المعارضة أي مانع من فرض أولوية وقف الحرب في أي تسوية منشودة في المستقبل والالتزام بتنفيذ القرار ١٧٠١، وتعرب عن اعتقادها أن إطلالة رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل تعقبه إطلالات لقيادات أخرى للتوقف عند تداعيات الحرب التي فرضت وفق قولهم على لبنان، موضحة أن أي صيغة للحل يفترض بها أن تكون كسلة متكاملة واضحة النقاط، ولذلك فإن ما قاله الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حول العودة إلى إطار الهدنة كان ليشكل الحل الأمثل حتى وإن تبدل المناخ الذي كان سائدا عندما وقع بين الجانبين اللبناني الاسرائيلي. 

أما بالنسبة إلى معضلة النزوح فإنها قد تخرج عن السيطرة في كل يوم تتوسع فيه المواجهات، واذا كان تعاطي كل بلدة مع هذه المعضلة مختلفاً عن بلدة أخرى، فإن من شأنها أن تتفاعل على قاعدة الحاجة إلى تدخل دولي بشأن مساعدات وإغاثة في المدارس لاسيما أن القدرات الاستيعابية قد تصل إلى نقطة صعبة بحيث تتضاءل فرص التصدي لها، مع العلم أنه في الوقت الراهن هناك جهود تبذل من الهيئات المعنية لهذه الغاية، مؤكدة أن النزوح قضية،وتدمير الممتلكات والأراضي قضية أخرى، لكن القاعدة الأساسية إنقاذ البشر قبل الحجر.

تكلفة الحرب على لبنان كبيرة جدا والمصير المجهول للحل المطلوب يدفع إلى السؤال عما قد يحل بالبلاد جراء تعرضه لعدوان مفتوح يباد فيه الأخضر واليابس، فهل يترك الوضع على ما هو عليه، وما هو الثمن المطلوب قبل جلاء مشهد التسوية؟ كل ذلك يتضح في لحظة ما إنما ليس الآن.

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top