هل بات العام الدراسي ممكناً في ظل الأوضاع المتوترة؟نعمة محفوض: التعليم سيبدأ حضورياً الاثنين إذا استقر الوضع الأمني و إلا فالتعليم المدمج هو البديل

بقلم تيريزا كرم

مع تصاعد الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية للبنان بين “حزب الله” وإسرائيل ، يجد القطاع التربوي نفسه أمام تحدٍّ كبير يهدد مصير العام الدراسي. فقد أدى التصعيد الأخير إلى نزوح أكثر من مليون لبناني من المناطق المتضررة، ما دفع المؤسسات التعليمية إلى اتخاذ تدابير طارئة، من بينها تعليق الدروس و تحويل المدارس الرسمية إلى مراكز إيواء للنازحين.

فيما تتأرجح المدارس الخاصة بين إصرارها على استئناف التعليم حضورياً، لتجنب ضياع عام دراسي كامل ، و البحث عن بدائل أخرى كالتعليم “أونلاين” ، يبرز التساؤل: هل يمكن للمدارس التكيّف مع الواقع المستجد؟ و هل سينجح التعليم عن بعد الذي ثبت فشله سابقاً خلال جائحة كورونا، نتيجة ضعف البنية التحتية و انقطاع الكهرباء و الإنترنت في أن يكون حلاً مقبولاً في هذه الظروف؟

الواقع المعقّد يُزيد الضغوط على المؤسسات التعليمية في ظل استمرار موجات النزوح. فهناك أكثر من 253 مدرسة رسمية و 400 مدرسة خاصة تستضيف الآن النازحين، مما يجعل من الصعب التفكير في استئناف التعليم التقليدي قريباً.

في هذا الاطار ، دعت رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي المجتمع الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي ، وطالبت الحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه النازحين، مشيرةً إلى معاناة الأساتذة والتلاميذ من التشرد وغياب مقومات العيش. وذكرت أن صرف بدل الإنتاجية للأساتذة بقيمة 300 دولار متوقف على توقيع مرسوم 3000 مليار ليرة، بينما الزيادة للقطاع العام لا تشمل المتعاقدين، و طالبت بمضاعفة البدل، مؤكدةً أن المتعاقدين يشكلون 70٪ من الكادر التعليمي.

من جهتها، رفضت روابط التعليم الرسمي فتح المدارس الخاصة في مناطق محددة، في حين يبقى باقي طلاب الرسمي والخاص خارج التعليم، ما يزيد من التمييز والفوضى في القطاع.

وفي هذا السياق، يتحدث المسؤولون التربويون عن ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة في الأيام المقبلة. الاجتماع المرتقب في وزارة التربية سيحدد مسار العام الدراسي، حيث تُطرح عدة خيارات، من التعليم المدمج إلى التعليم عن بعد. ولكن يبقى السؤال الأهم: هل سيعود الطلاب إلى صفوفهم أم أن الوضع الأمني سيفرض واقعاً جديداً يهدد بإقفال المدارس تماماً؟

في حديث خاص ل”ديمقراطيا نيوز” مع نقيب المعلمين في المدارس الخاصة، نعمة محفوض، أشار إلى أن اجتماعاً سيعقد في وزارة التربية بهدف التوصل إلى اتفاق حول كيفية بدء العام الدراسي المقرر يوم الاثنين المقبل.
وعن طبيعة التعليم هذا العام، قال محفوض “في المناطق الآمنة مثل جونية، جبل لبنان، البترون، طرابلس، عكار، الضنية، وزغرتا، من الأفضل أن يتم التعليم حضورياً. الوضع في هذه المناطق لا يزال مقبولاً ، ولا أرى ما يمنع من اعتماد الحضور الكامل.”

أما بخصوص المدارس التي تضم أعداداً كبيرة من النازحين السوريين، فأكد محفوض “هناك عدة حلول مطروحة سيُبحث فيها مع الوزير. يمكن أن تُخصص بعض المدارس الخاصة دواماً بعد الظهر لاستيعاب هؤلاء الطلاب، في حين أن المدارس الرسمية التي لا تزال شاغرة يمكن أن تُقسم إلى دوامين: صباحي ومسائي. كما يمكن تقسيم أيام التعليم، بحيث تخصص فئة معينة لأيام الإثنين والثلاثاء، وفئة أخرى لأيام الأربعاء والخميس، لتخفيف الضغط وتوفير تعليم متكامل لكل الطلاب.”
وأضاف محفوض “أنا أؤمن بأهمية تقديم التعليم للأطفال النازحين قبل غيرهم، ويجب إيجاد حلول فاعلة لمتابعة تعليمهم وضمان عدم حرمانهم من هذه الفرصة.”
وحول إمكانية اللجوء إلى التعليم عن بعد ، شرح محفوض موقفه قائلاً :
“التعليم من المفترض أن يكون حضورياً بدءًا من يوم الاثنين في حال استقر الوضع الأمني. أما إذا تطورت الأمور إلى حرب شاملة على كافة الأراضي اللبنانية ، حينها سنضطر إلى اعتماد التعليم عن بعد ، وهو خيار لا أفضلّه أبداً لأنه غير منتج تربوياً.
التعليم المدمج هو حلّ آخر ممكن، حيث يتم التعليم حضورياً لمن يستطيع، وفتح صفوف افتراضية لمن لا يتمكن من الحضور. سنناقش كافة هذه الحلول خلال اليومين المقبلين، لكن يبقى التعليم الحضوري هو الخيار الأمثل.”

و اختتم محفوض حديثه بالتأكيد على أن الهدف الأساسي يبقى تأمين تعليم جيد لكل الطلاب، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن استئناف العام الدراسي، تبرز العديد من الأسئلة الشائكة: هل ستفتح المدارس الخاصة أبوابها، فيما تبقى المدارس الرسمية رهينة الأوضاع الأمنية؟ وإذا حدث ذلك، هل سيتسبب هذا القرار في تعميق الفجوة بين تلاميذ التعليم الخاص والعام، أو بين تلاميذ المناطق الآمنة والمناطق المتضررة؟

و في ظل هذه الأوضاع الصعبة، يبقى السؤال الأهم: من سيدفع الثمن في هذه الحرب؟ هل هم التلاميذ الذين يجدون أنفسهم مرة أخرى خارج مقاعد الدراسة، أم أهاليهم الذين يكافحون لتأمين مستقبل أفضل لهم؟.. و مع تعقّد المشهد التعليمي، يبدو أن الخاسر الأكبر هو الجيل الجديد الذي يقف على أعتاب عام دراسي مجهول المصير.
الظروف الراهنة تُحتّم على أولياء الأمور و المعنيين في القطاع التعليمي التأهب للتعامل مع السيناريوهات المحتملة، في ظل تخبط المشهد التربوي بين خيارات صعبة، و رغبة الجميع في تجنّب خسارة عام دراسي جديد في بلد مزقته الأزمات..

شارك المقال

WhatsApp
Facebook
Twitter
Email
Telegram
Print

مواضيع ذات صلة:

Scroll to Top