
بقلم وفاء مكارم
“لا أحد يمكنه التحدث نيابة عن لبنان”.. برد حازم قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “لا” في وجه إيران التي تجهد في العلن لفرض معادلة الوصاية على لبنان بعد أن كان “حزب الله” ينفذ أوامرها في السيطرة على البلد وينفذ رغباتها دعماً لمشروعها في القضاء على بلاد الأرز الشامخ و الحر.
لكن ميقاتي ذهب في خطوته الجريئة ابعد من الموقف فطلب استدعاء القائم باعمال السفارة الايرانية في بيروت والاستفسار منه عن حديث رئيس البرلمان الإيراني، الذي تملصت طهران منه، لكن إيران “اللعوب” عادت لتقول من جديد أن الركيزة الأساسية للشعب اللبناني هو المرشد علي خامنئي”، وأنه “لا يجب أن ننسى أننا جميعاً جنود في خدمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
فبعد هذا الكلام المنتهك لسيادة لبنان والذي يعرض الدولة والشعب للخطر، ما هي تداعيات موقف الرئيس ميقاتي؟ وهل من يدعمه في وجه الاحتلال المقنع الذي تفرضه إيران على لبنان بحجة صد الاحتلال الإسرائيلي؟
اعتبر المحلل السياسي يوسف دياب في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” ان موقف الرئيس ميقاتي أسس لمرحلة جديدة من تعاطي الدولة اللبنانية مع ايران التي كانت تمثل وصاية على لبنان عبر “حزب الله” أما اليوم تعمد القيادة الايرانية الى تولي هذه المهمة بنفسها بعد اغتيال الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، لافتاً الى ان هذه المرحلة تفتح الطريق امام تحرر لبنان من التداعيات التي شهدناها في المرحلة الماضية والتي كانت تخلو من القدرة على تسجيل اي تحفظ.
وأكد دياب ان ميقاتي واضح في موقفه لان لبنان لم يعد يستطيع التعامل مع الوقائع كما كان يتعامل معها في السابق، مشدداً على انه لم يعد ممكناً تغييب الدولة عن القرارات المهمة التي ترسم مصيرها ومستقبل الشعب اللبناني كما لم يعد ممكناً تركها لاي وصاية أجنبية.
وقال دياب: “على الجميع تحديد خياراتهم في المرحلة المقبلة إما مع الدولة او مع الوصاية وموقف الرئيس ميقاتي عبر عن 90% من اللبنانيين ولا ننسى أنه رئيس السلطة التنفيذية، كما ان اي اعتراض على موقفه يعني ان المعترض هو ضد الدولة وبناء المؤسسات، مضيفاً: “لم يعد لبنان يستطيع العودة الى حرب مدمرة كل 10 سنوات لا يكون للدولة والشعب اللبناني أي قرار فيها”.
وعن تداعيات رفض الوصاية الايرانية، أشار دياب الى انه بحال بقي الطرف الآخر غير مقتنع بمشروع الدولة ويرفض توكيل كل الامور التي نعاني منها اليوم لمؤسساتها لمعالجتها سندخل عندها في مرحلة مواجهة، قائلاً: ” هذه المرة لا يمكن ان نكون نص نص وفكرة السلطتين في البلد انتهت”.
وختم دياب ان مقولة ان “المقاومة تحمي البلد” أثبتت عقمها فهي لم تستطع حماية نصرالله نفسه، لافتاً الى ان الثمن لحرية لبنان كبير جداً وقد يكون مواجهة داخلية كبيرة تصل الى حد الحرب الأهلية وأحد لا يعلم ما قد تكون نتائجها.
من جهته، شدّد المحلل السياسي بشارة خيرالله في حديث خاص لـ”ديمقراطيا نيوز” على ان موقف رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي المتعلق بالتدخل الايراني يجب ان يُعتمد كنهج في سياسية الحكومة في المرحلة القادمة، لافتاً الى ان هذا الموقف مهم جداً.
وأشار خيرالله الى ان هذا الموقف الشجاع على أهميته جاء متأخراً ولكن خير من أن لا يأتي أبداً، داعياً الى ان يُستكمل وأن لا يكون مجرد محطة مشرفة عابرة لا بل أن يصبح سلوكاً عاماً.
وعن قدرة ميقاتي في مواجهة التحديات هذه، اعتبر خيرالله انه عليه رغم كل الضغوطات ان يبقى ثابتاً على موقفه، ملوحاً الى تغطية عربية ودولية مدعومة بتغطية داخلية لأجل سيادة لبنان.
وقال خيرالله : “لو لم يتخذ دولة الرئيس ميقاتي هذا الموقف كانت انهالت عليه الانتقادات”، مشدداً على ضرورة البناء على هذا الموقف السيادي.
وعن التداعيات التي قد تلحق هذا لموقف، اكد خيرالله ان ما حدث هو بصيص امل ان الدولة اللبنانية قادرة على النهوض من جديد، معتبراً ان لا تداعيات قد تصل الى الشارع اللبناني لان هذا الموقف يجب ان تدعمه الدولة والجيش من خلال القيام بواجباته لمنع اي اختلال بالامن الداخلي.
وقال خيرالله: يجب ان لا يكون على طاولة الحكومة وزراء ييدينون بالولاء لإيران بل وزراء لبنانيين يغلبون المصلحة الوطنية على مصلحة ايران التي دمرت مجتمع حزب الله ولبنان معاً، وعلى ميقاتي ان يضرب بيد من حديد ويعلن بدء مرحلة جديدة من سياسة الدولة وسيجد كل اللبنانيين الى جانبه”.
وعن الثمن الذي قد يدفعه لبنان اليوم لينفض عنه الوصاية الايرانية، اكد خيرالله ان لا ثمن قد يتكبده لبنان اكبر من هذا الثمن الذي دفعه في حربٍ دمرت كل لبنان واقتصاده وأثرت على كل القطاعات التربوية والصحية والتجارية جراء مغامرة حزب الله.