بقلم وفاء مكارم
في ظل أزمة النزوح “الكارثية” في لبنان ومع انخفاض عدد الوافدين من لبنان إلى سوريا عبر المعابر الحدودية بنسبة 90% بعد القصف الإسرائيلي للمعابر، زاد النزوح المستجد التحديات والاعباء على البلدات الآمنة نسبياً في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، كما بات النازحون هاجساً مقلقاً لدى المناطق المضيفة من جهة عدم مغادرتهم للمناطق التي لجؤوا إليها ما قد يترك خلفه تغير ديموغرافي حاد في لبنان.
في هذا السياق، أكد محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر في حديث خاص لـ “ديمقراطيا نيوز” انه لا داعي للهلع وأن الأوضاع مستقرة ، ولكن الحرب في باتت بشهرها الثاني وعلينا القيام بالعمل الوقائي، مشدداً على ان الوضع الامني هو من اولويات الداخل اللبناني وان ما طلبه من النازحين والمستضيفين هو مجرد نصيحة للتذكير بضبط النفس و غير مبنية على حوادث معينة بل الهدف منها السعي للتوعية كي لا نصل الى جو مشحون ولتفادي الحوادث التي قد تثير النعرات والفتن.
وأشار خضر الى بعض حوادث السرقة حيث كشفت التحقيقات ان الفاعلين هم من النازحين السوريين حيث اقدموا على سرقة منازل بعض المواطنيين الذين نزحوا الى مناطق مجاورة.
ونفى خضر ان يكون قد حدث اي استفزاز في بعلبك الهرمل بين النازحين واهالي المنطقة بل ان الأهالي رحبوا بالضيوف وجيرانهم ولكن الوضع الاقتصادي يزداد سوءًا حتى في البلدات المستضيفة حيث اقتصادها تجمد والمساعدات محدودة جداً وغير كافية، كاشفًا ان قافلة مساعدات في طريقها الى بعلبك قريبًا..
وعن المساعدات، أشار خضر الى ان المساعدات تأتي من عدة مصادر منها من الهيئة العلية للاغاثة، وخلية الازمة التي يترأسها وزير البيئة ناصر ياسين، ومنظمات الامم المتحدة وبعض الجمعيات، بالاضافة الى المبادرات الفردية، اما في ما يخص عملية نقل ومواكبة القوافل وتوزيع المساعدات فالصليب الاحمر اللبناني هو الذي يقوم بهذه المهمة.
وعن النزوح السوري، لفت خضر الى انه من غير المفهوم وبلا اي مبرر ، سائلاً: لماذا لا يزال النازحون السوريون في لبنان مادامت سوريا هي الأرض الآمنة في ما لبنان بحالة حرب مدمرة و حياة الكثيرين في لبنان مهددة بالخطر.
كما أشار خضر انه في ظل الحرب على لبنان عاد حوالي 370 الف نازح سوري الى سوريا من مختلف المناطق اللبنانية دون التعرض لأي منهم من قبل السلطات السورية ما يؤكد ان لا مشكلة لهذا النازح في سوريا ولا مع النظام السوري وأجهزته، كاشفاً ان منطقة بعلبك الهرمل مازالت تحوي الكثير من النازحين السوريين ولم يتخطى العائدون الى سوريا ال 15% منهم.
وقال خضر: ” ان فكرة الصمود في بعلبك الهرمل مرتبطة بوصول المساعدات لان المنطقة تحت القصف وبات نقل المساعدات امر صعب، ومازال داخلها عدد من العائلات العاطلة عن العمل و التي تحتاج الى مقومات للصمود وهذا ما نسعى الى تأمينه”.
وأضاف خضر ان النازحون اللبنانيون هم من المناطق والبلدات المجاورة والجميع يعرف بعضهم بعض، مؤكداً ان لا خوف على الوضع الامني في ظل وجود الجيش اللبناني في بعلبك الهرمل الذي يفرض الأمن بالمنطقة و يعالج أي مشكلة قد تحصل بشكل فوري ، خاصةً بعد ان بات دور الاجهزة الامنية الأخرى غير فعال في ظل حركة النزوح و الحرب.
وحول احصاء الأضرار في قضاء بعلبك، كشف خضر ان أكثر من 200 منزل قد دُمروا بالاضافة الى عشرات المنازل في قضاء الهرمل ما يعادل اكثر من 300 منزل دمروا في بعلبك الهرمل، داعياً لوقف اطلاق النار والسعي لعودة الأهالي الى منازلهم وأشغالهم ، ولوقف آلة الدمار التي تفتك في لبنان.
من جهته، قال رئيس بلدية القاع المحامي بشير مطر في حديث لـ “ديمقراطيا نيوز” أن “النازحين اللبنانيين هم ضيوف لحين الإنتهاء من هذه المرحلة وحتمًا سيعودون إلى بلداتهم ومنازلهم أما في ما يخص النازحين السوريين فلقد ازدادت الأعداد الى نحو 4500 نازح بالاضافة إلى 30 ألف نازح الذين كانوا اصلاً في بلدة القاع وذلك بفعل الحرب و الذين غادروا منهم هم اعداد ضئيلة جداً”.
وأضاف مطر يحوي القاع على ٣ مراكز إيواء والعدد الأكبر من النازحين يتواجدون في المنازل وهم ما يقارب 4360 نازح لبناني ، و هذا العدد يعتبر كبيراً بالنسبة لبلدة القاع ما يحدث ضغطاً بموضوع النفايات و زيادة الطلب على المياه و زحمة في الطرقات، لافتاً أنه بغض النظر عن اختلاف البيئة إلا أن هذه الأعداد الكبيرة قد تحدث توترات.
ولفت مطر إلى القلق من الوضع الصحي بحال تطورت الحرب لان لا مستشفى في البلدة و لا أطباء الاختصاصيين، داعياً الدولة لاستحداث مستشفيات ميدانية والعمل على تطوير المستوصفات.
وشدّد مطر على أن الدولة اللبنانية تستقبل النازحين و من ثم تستعد و لا إمكانيات للبلديات في تخزين الطحين و المحروقات أو لتأمين مراكز إيواء ، مشيراً إلى أنه في بداية الحرب تم الاعتماد على المبادرات الفردية في تأمين المساعدات للنازحين ، كما تم انشاء خلية أزمة من الكنيسة والأحزاب وتعاونية النساء بالإضافة الى مطبخ دائم قدّم أكثر من ٣٠ ألف وجبة ساخنة.
أما اليوم بات الاعتماد على المساعدات التي تقدمها الحكومة والجمعيات.
وأعرب مطر عن تخوّفه من المرحلة القادمة بحال لم يعود النازحون إلى منازلهم ، لافتاً إلى انه في هذا الإطار أصدرت البلدية تعميماً منعت تأجير المحلات التجارية ، كما طلبت البلدية من الأهالي استقبال ضيوفهم مجانًا او بمبالغ ايجار منصفة.
ولفت مطر إلى أن لا استفزازات في القاع وان وجدت تكون من قبل شباب طائش يتم معالجتها بالتعاون بين البلدية والأجهزة الأمنية والجيش ، قائلا”: “لم نشهد تعديات على الاملاك الخاصة حتى اللحظة ، ولن نسمح باستغلال الظروف لمصالح خاصة خارجة عن سقف القانون والقيم والأخلاق التي نعيشها ، ولا نقبل أن يفرض أحد رأيه علينا ولا أن نفرض رأينا على أحد ، فهناك حساسيات لا يمكن إنكارها او الهروب منها وعلينا الحفاظ على الخصوصية المناطقية وعلى النازحين العودة إلى منازلهم فور وقف إطلاق النار.
و عن الوضع الامني ، اكد مطر أن البلدية طلبت من الضيوف الذين يشعرون بأنهم مستهدفون مغادرة البلدة فوراً كي لا يعرضوا نفسهم واهلهم واهل البلدة للخطر ، مشيراً إلى تنسيق دائم بين الجيش والمخابرات وشرطة البلدية للسهر على الأمن ضمن الامكانات والقدرات المتاحة.