في لحظة معقودة على توقيت الإنتخابات الرئاسية الأميركية، يوم الثلاثاء المقبل، وبفائض من الآمال غير المضمونة، تصاعد الحديث في الساعات الماضية عن اتفاق قريب لوقف إطلاق النار في لبنان. حيث نقل الرئيس نجيب ميقاتي بعض التفاؤل بعض اتصال تلقاه من الموفد الأميركي آموس هوكستين، وهو في طريقه إلى تل أبيب لمزيد من المباحثات حول الوضع في جنوب لبنان.
وكان لافتاً ما جرى تسريبه من قِبل وسائل إعلام إسرائيلية، وقيل أنه مقترح لوقف إطلاق النار. ليسارع البيت الأبيض ويعلن أن “المسودات المتداولة حول اتفاق وقف النار لا تعكس الوضع الحالي للمفاوضات”.
وتعليقاً على هذا المقترح، أشارت مصادر مراقبة عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أنه اقتراح غلبة لإسرائيلي ولا يصلح ليكون نص اتفاق بين فريقين. لا سيما ما يتعلّق بأن تحتفظ إسرائيل بحق التحرّك عسكرياً ضد التهديدات بالتنسيق مع أميركا، وان للطيران الإسرائيلي ان يحلّق متخفياً للضرورة ودون خرق جدار الصوت.
المصادر استبعدت أن يكون المتداوَل به هو فعلاً المقترح الجدّي للحلّ، متوقفة عند تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس والذي شدد على موقف لبنان المتمسّك بالقرار 1701، جازماً بأن “ما كُتب قد كُتب”.
هذا وتلفت المصادر الى أن العدو الإسرائيلي يفخخ أي مساعي للتهدئة تماماً كما فعل في غزة، بهدف إفشال كل المفاوضات ليستمر في عدوانه وفرض شروطه. واعتبرت المصادر أن مَن يريد التهدئة لا يمارس سياسة الأرض المحروقة كما يفعل الإسرائيلي في الجنوب، ولا يستمر في مجازره التي تُعتبَر جرائم حرب، على امتداد المناطق اللبنانية وآخرها في البقاع.
فمنذ ساعات الفجر الأولى، أمس، لم يتوقف جحيم الغارات الإسرائيلية مستهدفة معظم المناطق من الجنوب وصولاً الى مدينة بعلبك، مروراً بعاليه وعاريا. وقد ترافق ذلك مع مجموعة من الإنذارات للأهالي بضرورة إخلاء اماكن إقامتهم في الجنوب وفي بعلبك، التي استهدفت بعشرات الغارات ما دفع بسكانها الى النزوح.
في هذا الوقت، برزت الإطلالة الأولى للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بعد تعيينه، ليؤكد البقاء في طريق الحرب ضمن التطورات المرسومة، وأن المقاومة وُجدت لتحرير الأرض ومواجهة الاحتلال ونواياه التوسعية، متهماً اسرائيل بعدم الالتزام بالقرار 1701 متحدثاً عن 39 الف خرق جوي وبري للقرار. لكن اللافت كان تمرير قاسم استعداد “الحزب” لوقف إطلاق النار، ولكن ليس بشروط الإسرائيلي، مجدداً تفويض بري بالمفاوضات.
في هذه الأثناء، استمر الحراك السياسي في البلد، حيث التقت كتلة اللقاء الديمقراطي بكتلة الوفاء للمقاومة في مجلس النواب، وجرى البحث في الأوضاع العامة والميدانية، كما في موضوع النازحين والجهود الإغاثية المطلوبة.
هذه الملفات حضرت أيضاً في عين التينة التي زارها الرئيس ميقاتي. وأشارت مصادر مطلعة في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية الى أن ميقاتي أطلع بري على نتائج جولته الأوروبية وحصيلة اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين هناك من أجل الضغط على إسرائيل لتحقيق وقف إطلاق نار.
وأشارت المصادر الى أن ملف النازحين استحوذ على النصيب الأكبر من محادثات رئيسي الحكومة والمجلس النيابي، بالنظر الى ضخامته وخطورته في ظل الإنذارات الاسرائيلية المتكررة للسكان الجنوبيين واهالي البقاع. واتفقا على مناشدة المجتمع الدولي التدخل والتخفيف من وطأة هذه الكارثة التي حلّت بلبنان.
توازياً، وتعليقاً على مسار الأحداث، لا يستغرب السفير السابق خليل الخليل الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على لبنان، لأن دولة إسرائيل منذ نشأتها لم يكن لديها أي احترام للقوانين الدولية والإنسانية. ولم تسأل لا عن المحكمة الدولية ولا عن الأمم المتحدة ولا عن منظمة اليونيسكو، واصفاً هذا الفجور الإسرائيلي وطريقة القصف والقتل المتعمد بأنه مسعى لتهجير السكان أكان في غزة او في لبنان، مذكّراً بخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة حين ادّعى بأنه يحارب عن العالم وأنه يريد تغيير المنطقة.
الخليل وفي حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أعرب عن تخوّفه من سعي نتنياهو لخلق ديمغرافيا جديدة في المنطقة من خلال التهجير. ورأى أن هذا التغيير الديمغرافي يمكن أن يؤدي لتغيير الحدود بين الدول من دون أن يسأل عن أحد. وقال الخليل: “علينا في لبنان مسؤوليات كثيرة ولا يجوز التعاطي معها بسطحية، فالوضع في لبنان يتجه الى منعطفات خطيرة جداً، ومشكلة الديمغرافيا هي أخطر من القذائف والدبابات والمدفعية. والشرط الإسرائيلي بإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني ومراقبة ذلك يعني إنهاء الدولة اللبنانية”.
الخليل أعرب عن استغرابه لمواقف الدول التي تدّعي الديمقراطية والحرية والإنسانية مثل أميركا وبريطانيا والمانيا بمساندة إسرائيل. وسأل: “الم يقرأوا التاريخ وأن هذه الدولة كان اسمها فلسطين قبل 75 سنة؟ وبالتالي هذه الهجمة الشرسة من دول تدعي الديمقراطية والحرية والانسانية يعني أنها لا تفقه شيئاً مما تدعيه”، معتبراً أن لبنان يمرّ بمرحلة خطر وجودي.
تبدو الصورة لا تزال قاتمة، وما كادت بعض الآمال تطفو حتى عادت السلبية لتتقدّم على الإيجابيات. فالتجارب مع الإسرائيلي تدعو للقلق، ومناوراته ومراوغته في غزة طوال عام حتى اليوم خير دليل.
المصدر:”الأنباء “الالكترونية.